
مع كل يوم جديد في قطاع غزة، تستيقظ أسرة صبح المكونة من الأب والأم و 6 أطفال صغار داخل خيمتها على نفس السؤال: كيف سنجد طعاماً؟
بحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، يوجد أمام الزوجين فادي وعبير 3 خيارات: قد يكون مطبخ خيري مفتوحاً ويمكنهما الحصول على قدر من العدس. أو يمكنهما محاولة شق طريقهما وسط الزحام للحصول على بعض الطحين من شاحنة مساعدات عابرة. أما الخيار الأخير فهو التسول.
وإذا فشلت كل هذه الخيارات، فإنهما ببساطة لا يأكلان. وهذا يحدث بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، إذ إن الجوع يستنزف طاقتهما وقوتهما وأملهما.
معاناة أسرة صبح التي نزحت عدة مرات قبل أن يستقر بها الحال في مخيم لاجئين قرب الساحل، غربي مدينة غزة، هي ذاتها التي تواجهها العائلات في أنحاء القطاع المدمر جرّاء الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023.
ويقول العاملون في المجال الإنساني إن الجوع تفاقم خلال الـ22 شهراً الماضية بسبب القيود المفروضة على المساعدات، لكن خبراء الغذاء حذروا في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن "السيناريو الأسوأ للمجاعة يجري حالياً في غزة".
فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً على الغذاء والإمدادات الأخرى لمدة شهرين ونصف، بدءاً من مارس، قبل أن تسمح بتدفق قليل من المساعدات في مايو، لكن الكمية التي تدخل القطاع لا تمثل إلا الجزء الضئيل مما تقول المنظمات الإنسانية إنه مطلوب.
كما أن انهيار النظام والقانون جعل من شبه المستحيل إيصال الطعام بأمان. والكثير من المساعدات التي تدخل يتم تخزينها أو بيعها في الأسواق بأسعار باهظة.
يوم في حياة أسرة داخل غزة
تستيقظ العائلة في خيمتها، التي يقول فادي صبح (30 عاماً)، وهو بائع متجول، إنها لا تطاق في حر الصيف. ونظراً لصعوبة الحصول على مياه عذبة، تذهب زوجته عبير (29 عاماً) لجلب مياه البحر من أجل استحمام الأطفال.
يقف الأبناء واحداً تلو الآخر في حوض معدني ويفركون أجسادهم بينما تصب عبير عليهم الماء المالح. الطفلة هالة، البالغة من العمر تسعة أشهر، تبكي عندما يلسع الماء عينيها، أما الأطفال الآخرون فيتحملون بصمت.
بعد ذلك، تقوم عبير بلف أغطية النوم وتنظيف أرضية الخيمة من الغبار والرمل. ومع عدم توفر طعام من اليوم السابق، تخرج لتتسول شيئاً تفطر به عائلتها. أحياناً يعطيها الجيران أو المارة عدساً، وأحياناً لا تحصل على شيء.
تعطي عبير الطفلة هالة ماءً في زجاجة رضاعة. وعندما يحالفها الحظ، يكون لديها عدس تطحنه وتخلطه بالماء.
قالت عبير: "اليوم الواحد يبدو وكأنه مئة يوم، بسبب حرارة الصيف والجوع والضيق".
رحلة إلى مطبخ خيري
يتوجه فادي إلى مطبخ خيري قريب. أحياناً يرافقه أحد الأطفال. لكنه يقول: "نادراً ما يكون هناك طعام". المطبخ يُفتح تقريباً مرة في الأسبوع، ولا يكفي ما يقدمه للحشود. وغالباً، كما يقول، ينتظر طوال اليوم ثم يعود لعائلته خالي الوفاض، "والأطفال ينامون جائعين دون أن يأكلوا".
كان فادي يذهب إلى منطقة في شمال غزة حيث تصل شاحنات مساعدات من إسرائيل. هناك، تجتاح الحشود اليائسة الشاحنات. وغالباً، يفتح الجنود الإسرائيليون النار، بحسب شهود.
فادي، الذي يعاني أيضاً من الصرع، أُصيب برصاصة في ساقه الشهر الماضي، مما أضعف قدرته على التدافع نحو الشاحنات، فبات يعتمد على المطابخ الخيرية.
في هذه الأثناء، تتوجه عبير مع أطفالها الثلاثة الكبار، يوسف (10 أعوام)، ومحمد (9 أعوام)، وملك (7 أعوام)، حاملين عبوات بلاستيكية لتعبئتها من شاحنة مياه عذبة قادمة من محطة تحلية وسط غزة.
يكافح الأطفال لحمل العبوات الثقيلة. يوسف يحمل واحدة على ظهره، بينما يجر محمد عبوته بصعوبة، وجسده الصغير ينحني جانباً وهو يحاول إبعادها عن غبار الشارع.