قصة انقلاب فاشل سبق تفكّك الاتحاد السوفياتي

time reading iconدقائق القراءة - 5
بوريس يلتسين (وسط) يتحدث إلى حشد من فوق إحدى الدبابات - موسكو -  19 أغسطس 1991 - REUTERS
بوريس يلتسين (وسط) يتحدث إلى حشد من فوق إحدى الدبابات - موسكو - 19 أغسطس 1991 - REUTERS
باريس- أ ف ب

حاول شيوعيون محافظون معارضون لإصلاح الاتحاد السوفياتي السابق، القيام بانقلاب ضد رئيسه ميخائيل جورباتشوف، الذي كان يمضي إجازة في شبه جزيرة القرم. لكن محاولتهم أحبطت بفضل المقاومة التي قادها رئيس روسيا الاتحادية بوريس يلتسين.

ووجّهت محاولة الانقلاب، ضربة قاضية لـ70 عاماً من الشيوعية، وحسمت مصير الاتحاد السوفياتي رغم فشلها.

دبابات في موسكو 

في صباح الإثنين 19 أغسطس من عام 1991، أعلنت وكالة الأنباء "تاس" الرسمية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، أن ميخائيل جورباتشوف "غير قادر على تولي مهامه لأسباب صحية"، وحل محله نائب الرئيس جينادي يانايف. 

في ذلك الوقت كان جورباتشوف، مطلق البيريسترويكا (الإصلاح) والجلاسنوست (الانفتاح)، في إجازة بشبه جزيرة القرم على شواطئ البحر الأسود. وقاد الانقلابيون "لجنة لحالة الطوارئ" التي وُضعت في يدها الصلاحيات، عندما كانت أولى المدرعات وشاحنات نقل الجنود قد دخلت العاصمة.

يلتسين على دبابة

ومنذ الساعة الأولى، تولى الرئيس بوريس يلتسين قيادة المقاومة. وقبيل الظهر، أدان التحرك من البرلمان الروسي المحاصر بالدبابات وحيث تحصن، معتبراً أنه "انقلاب يميني ورجعي وغير دستوري".

وفي تحد للقادة الجدد للبلاد، طالب الزعيم الروسي الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، أن يتمكن جورباتشوف "من مخاطبة الشعب".

وبينما  تدفق السكان إلى ساحة مانيج أمام الكرملين، أطلق يلتسين الذي كان يقف على ظهر دبابة دعوة إلى الإضراب العام والعصيان المدني. وتناقلت كل وسائل الإعلام في العالم صورة الرجل الذي كان يثير حماس الحشد. 

 تجمعات 

وحول "البيت الأبيض" (البرلمان الروسي)، أقام بضعة آلاف من سكان موسكو حواجز مؤقتة لحماية المبنى. عند حلول الظلام، بقي المتظاهرون متجمعين أمام مقر السلطة الروسية. وقام سكان في الحي بجلب الشطائر والشاي. 

وصباح الثلاثاء 20 أغسطس، تم توزيع سترات واقية من الرصاص وخوذ وأقنعة واقية من الغاز على الموجودين داخل البرلمان، من نواب ووزراء وفنانين و موسيقيين، بمن فيهم عازف التشيلو الشهير مستيسلاف روستروبوفيتش، الذي وصل من باريس.  

وسُمع إطلاق نار متقطع في المحيط. وعلى الأرض وقفت 3 وحدات عسكرية في صف بوريس يلتسين، ورفع علم الاتحاد الروسي رمز العصيان.

وجابت مجموعات من النواب الثكنات في منطقة موسكو، لإقناع الضباط بمساندة بوريس يلتسين. وجمعت التظاهرة بدعوة من يلتسين، أكثر من خمسين ألف شخص أمام البرلمان الروسي. 

يوم جنوني    

وحوالى الثانية صباحاً، انضم إلى بوريس يلتسين وزير الخارجية السوفياتي السابق إدوارد شيفاردنادزه وسط تصفيق حاد من الحشد. على الرغم من أن الهجوم الذي كان يثير مخاوف لم يحدث، فقد قُتل ثلاثة شبان في اشتباك مع رتل من الدبابات، كانوا يحاولون اعتراض طريقه.

وبدأ يوم جنوني الأربعاء 21 أغسطس، بقرار البرلمان الروسي جلب ميخائيل جورباتشوف من منزله الريفي في فوروس. وأمرت وزارة الدفاع القوات بالعودة إلى ثكناتها.

وتم تخفيف الإجراءات العسكرية التي فرضت حول النقاط الحساسة في موسكو، ورفع الرقابة وحظر التجول وألغيت مراسيم الانقلابيين. واستأنف التلفزيون البث ونقل مباشرة جلسة البرلمان الروسي.

 عودة جورباتشوف

و خلال الليل عاد جورباتشوف إلى الكرملين. لكنه كان أضعف من جميع الجهات: المتعاونون الذين اختارهم خانوه أو تخلوا عنه، والجيش اهتز والحزب تردد، ليصبح يلتسين سيد البلاد الفعلي. وفي الثامن من ديسمبر، أعلنت روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا، أن الاتحاد السوفييتي "لم يعد موجوداً". أما جورباتشوف فقد استقال في 25 ديسمبر.