عادت أعمال تجارة الألماس العالمية إلى الانتعاش مرة أخرى، بعد سنوات طويلة من مرحلة الركود التي ازدادت مع انتشار جائحة كورونا.
وأصبحت المصانع في مدينة سورات الهندية، التي تعدُّ محرِّك صناعة الألماس، في أمس الحاجة إلى زيادة إنتاجها للدرجة التي يتمُّ فيها تعيين أمهر المتخصصين في التقطيع والتلميع بعروض تشمل زيادة في الأجور بنسبة 50%، وتقديم الطعام والمسكن مجاناً.
وحتى بعد ارتفاع الأسعار، تستعد شركة "ماينير دي بيرز" Miner De Beers لأكبر عملية بيع للألماس الخام منذ ثلاث سنوات، كما صرَّحت منافستها "آل روزا بي جيه إس سي" Alrosa PJSC هذا الأسبوع بأنَّها تتوقَّع استمرار التعافي لبعض الوقت.
مبيعات ضخمة في أميركا والصين
وكان الدافع وراء الازدهار هو المبيعات الضخمة لمجوهرات العطلات، لا سيَّما في السوقين الأميركي والصيني الحيويين.
وواجه الألماس لسنوات منافسة متزايدة من السفر، إذ يعدُّ شكلاً من أشكال الإنفاق الفاخر، أما الآن، فمع توقُّف الإجازات بسبب الإغلاق والقيود الأخرى، بدأ المستهلكون في إنفاق بعض من وفرة دخولهم في الشراء عبر الإنترنت.
وارتفع الطلب على المجوهرات الألماسية إلى مستوى قياسي بلغ 82 مليار دولار عالمياً في عام 2017 بعد سنوات عدَّة من الركود.
وقال إيفغيني أغوريف، رئيس قسم المبيعات في "آل روزا": "لم يتعلَّم الناس العمل عن بُعد فحسب، بل قاموا أيضاً بشراء المنتجات، ومنها الألماس عبر الإنترنت. في السابق، أنفق الناس الأموال على الرحلات أو على العشاء في المطاعم المكلفة، والآن جزء من هذا الطلب قد انتقل إلى شراء الألماس. كما تضاعفت المبيعات عبر الإنترنت لتصل إلى حوالي 20% من إجمالي المبيعات في العام الماضي".
وتعود زيادة المبيعات إلى ارتفاع الطلب على الألماس المصقول، في وقت تقلَّصت فيه مخزونات المصانع والتجار بشكل كبير بعد عمليات الإغلاق الأولية بسبب تفشي وباء كورونا.
ولكن بالنسبة لصناعة اعتادت على فترات الازدهار والانهيار الحاد منذ فترة طويلة، فمن غير الواضح ما إذا كان الانتعاش سيستمر أم ستعدُّ فترة مؤقتة. كما يشعر بعض أعضاء الصناعة بالقلق إزاء الازدهار الكبير في السوق، الذي قد يؤدي في وقت لاحق من العام إلى هبوط في الأسعار.
هل تعود التحديات مرة أخرى؟
الطلب السنوي على المجوهرات الألماسية ظل ثابتاً عند ما يقارب 80 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، بل وجاهد وسطاء القطاع لجني الأرباح. ومع طرح لقاحات عالمية، وعودة المشتريات الفاخرة للنمو مرة أخرى، هناك خطر في أن تجد الصناعة نفسها أمام مواجهة التحديات السابقة ذاتها.
وفي ظل تدفَّق الأموال؛ حقَّقت "سيغنيت جوليرز ليميتيد" Signet Jewellers Ltd قفزة نسبتها 7.8% في مبيعات العطلات بأميركا الشمالية التي تعدُّ أكبر أسواق الصناعة إلى حدٍّ بعيد، كما ارتفعت مبيعات الشركة عبر الإنترنت في هذه الفترة.
ومرَّت الصين، ثاني أكبر الأسواق، بوضع مماثل، إذ حققت "شو تاي فوك" Chow Tai Fook ارتفاعاً نسبته 18% في المبيعات الفصلية.
واستوردت الهند، التي يتمُّ فيها تقطيع أو تلميع حوالي 90% من الألماس، مايقرب من ملياري دولار من الألماس الخام الشهر الماضي مع تسابق المتخصصين في التقطيع والصقل على تلبية الطلب المتزايد، وإعادة تزويد مخزونهم.
واستجابت كلٌّ من "دي بيرز" و"آل روزا" لذلك برفع الأسعار، في محاولة منهما لاستعادة بعض ما فقدته الشركتان العام الماضي أثناء انهيار الطلب.
وفيما لا يزال العملاء يشترون الألماس، تمكَّنت "دي بيرز" الأسبوع الماضي من زيادة نسبة مبيعاتها إلى 5% في أوَّل تخفيضات لها هذا العام. ولم تنتهِ التخفيضات بعد، ولكن الشركة كانت في طريقها لإجراء أكبر مزاد للألماس الخام منذ ثلاث سنوات. وتبلغ قيمة المزاد 600 مليون دولار، وفقاً لمصادر مطَّلعة على الأمر.
مخاطر الانتعاش قصير الأجل
وتعدُّ تخفيضات أوَّل العام الأكثر ازدحاماً بسبب تسارع وسطاء الصناعة إلى تجديد مخزونهم. وإذا تباطأت المبيعات في وقت لاحق من العام، تتعرَّض الأسعار للضغط مرة أخرى.
ويضاعف من مخاطر الانتعاش قصير الأجل، مخزون الألماس الخام الذي يقدَّر بمليارات الدولارات من قبل شركتَي التعدين العملاقتين. كما تقاوم الشركتان البدء في تفريغ مخزونها حتى الآن.
وقال أنيش آغاروال، الشريك في شركة "غيمداكس" Gemdax المتخصصة في استشارات الألماس إن "شركات التعدين تواجه مشكلة، فإن اختارت عدم البيع تخسر تسييل الأسهم، وإذا باعت الكثير فقد تفرِّط في إشباع السوق. وإذا فهمت الشركات هذا بشكل صحيح فستدعم الأسعار."
وفي الوقت الحالي، يربح الوسطاء الذين يقطِّعون الألماس ويصقلونه، ويتجارون به في العالم. وحتى بعد ارتفاع الأسعار، يتمُّ بيع علب الألماس، في ما يسمى بالسوق الثانوية، من شخص لآخر مقابل عمولة تزيد على 5% أو بأرقام مزدوجة أحياناً. في هذا السوق، يبيع المشترون البضاعة إلى مصنِّعي الأحجار الكريمة الذين ليس لديهم اتصال مباشر بـ"دي بيرز" أو "آل روزا. ويدل هذا على أنَّ المصنِّعين يعتقدون أنَّه يمكنهم تحقيق ربح في ظلّّ الأسعار الحالية.
وبشكل عام، عادت أسعار الألماس الخام إلى مستويات ما قبل الوباء، في حين ترتفع أسعار الألماس المصقول قليلاً. وهذه أخبار جيدة للشركات الخاصة الصغيرة والمملوكة لعائلات تقوم بتقطيع الأحجار وتلميعها والتجارة فيها.
وقال آغاروال: "بما أنَّه لايتمُّ إشباع السوق بالمخزونات المتوفرة لدى الوسطاء، فيمكن قبول هوامش الأرباح. ويحتاج جميع أصحاب المصلحة في الصناعة من مساهمين، وشركات تعدين، ووسطاء، وتجار تجزئة إلى العمل بطريقة محسوبة للتمكُّن من استمرار ذلك".
هذه المادة من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ