شكّل القضاء على زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، هاجساً لدى القوات الأميركية، خصوصاً بعدما تعرضت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، إلى أسوأ هجوم في تاريخها.
"ليلة بن لادن" وثائقي تذيعه "الشرق"، مساء الجمعة، يكشف تفاصيل جديدة كانت سرية، تتعلق بمهمة القضاء على "المطلوب الأول" للولايات المتحدة.
ونستعرض في هذا التقرير، مقابلات أجرتها "الشرق" مع أبرز قادة وكالة الاستخبارات المركزية، كشفوا فيها تفاصيلَ جديدة عن "خطة قتل بن لادن"، والتي أشرف عليها جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA آنذاك، وكوفر بلاك، مدير مركز مكافحة الإرهاب، في عهد الرئيس الأميركي جورج دابليو بوش، إبان هجمات 11 سبتمبر 2001.
واقتضت الخطة آنذاك، إرسال ضباط إلى أفغانستان، حيث أوجدت حركة "طالبان"، ملاذاً آمناً لتنظيم "القاعدة"، في حين سيقوم الضباط بتجنيد مقاتلين من التحالف الشمالي المعارض للنظام، لمساعدة الولايات المتحدة على هزيمة طالبان، والبحث عن أسامة بن لادن.
"اقضوا عليه.."
وقال كوفر بلاك، وهو مدير مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بين عامي 1999 و2002، إن "هدف الإرهابيين المتمثل بمهاجمة الولايات المتحدة وتدميرها، كانت خطة ضخمة، أشبهَ بنشر عالم إرهابي آخذ بالاتساع".
وأضاف: "كان لحملاتهم الدعائية ولدعوات التجنيد بعض الأثر، فقد كانوا يستقطبون مجندين جدداً من جميع أنحاء العالم، ومن ضمنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كان لدينا شعور بأن هذا القطار سيدهسنا. كنا نتحضر من أجل شيء كهذا، ونتوقعه أيضاً".
وتابع: "لم تكن المسألة بالنسبة إلينا ما إذا كان هذا سيحدث، بل متى؟، لذلك وجب علينا إقناعُ الرئيس بإمكانيتنا في القيام بهذا، لأننا وكالة مدنية لم تُعرف عنا قيادةُ هجمات الأمة المضادة في بقعة بعيدة من العالم ضد عدو متحصن".
ولفت بلاك إلى أنه، أخبر الرئيس بوش، بأن "تشكيل قوات المعركة وقوامها 400 شخص، مقابل شخص واحد، لن يتم دون وقوع خسائر وضحايا".
وأشار إلى أنه حرص مراراً على تأكيد "حتمية سقوط ضحايا"، مشيراً إلى أن بوش سأله عن إمكانية تحقيق ذلك بالفعل، ليرد بلاك: لا شك لدي في ذلك. فأجابه بوش: هذا ما أتحدث عنه، اذهبوا واقضوا عليه".
"جو بريكر"
وبعد يومين من وقوع الهجمات، أعدت الاستخبارات المركزية مقراً مؤقتاً في مدينة لانجلي التي تبعد 15 كيلومتراً عن واشنطن العاصمة لهذه المهمة التي وصفت بأنها "فائقة السرية".
ولإتمام ذلك، تم اختيار 7 أعضاء وتسميةُ الفريق بـ"جو بريكر"، إذ يخضع مباشرة لمركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية.
وقائدا الفريق هما غاري شرون (59 عاماً)، أحد أفضل الخبراء في الشأن الأفغاني لدى الوكالة، وفِل رايلي، عنصر سابق في القوات الخاصة في الجيش الأميركي وهو أحد أكثر الضباط شبه العسكريين لدى وكالة الاستخبارات المركزية احتراماً، كما أنه نائب قائد فريق "جو بريكر".
وجندت مديرية العمليات، التي تدير أكثر حملات الاستخبارات المركزية حساسية وسرية، اللاعبين الرئيسيين لهذه المهمة عالية الخطورة.
وجُهز الفريق ببنادق من نوع "أي كي" من عيار 47 ميليمتراً، ومسدسات أوتوماتيكية من عيار 9 ميليمترات وثلاثة ملايين دولار نقداً من فئة الـ 100 دولار مجهزة في 3 صناديق، لاستخدامها في تجنيد الحلفاء على الأرض.
وبالإضافة إلى ذلك، جُهز الفريق أيضاً بالعتاد والطعام، وبعد الاجتماع الأخير في قاعدة "كامب ديفيد" مع مجلس الأمن القومي، أعطى الرئيس بوش "الضوء الأخضر" لتنفيذ خطة الوكالة، معلناً الحرب على "القاعدة" و"طالبان".
وقال فل رايلي: "كان غاري شروم يتحدث اللغة المحلية للمنطقة، وزارها سابقاً، كما أن لديه علاقات مع التحالف الشمالي، لقد حددنا زملاء آخرين للانضمام إلينا من ضمنهم أحد أفضل الأطباء الميدانيين في وكالة الاستخبارات المركزية وأحد أفضل ضباط الاتصالات الميدانيين".
وأضاف: "سافرنا في البداية إلى ألمانيا، ومن هناك انتقلنا عبر وسيلة جوية تابعة لوكالة الاستخبارات إلى طشقند في أوزبكستان ومن ثم إلى دوشانبي في طاجكستان. واستخدمنا طائرة مروحية سوفيتية، فقد كانت وسيلة النقل الجوية الوحيدة التي استخدمت سابقاً للذهاب إلى أفغانستان".
"القبعات الخضراء"
مهد الفريق، الطريق، أمام الجيش الأميركي لخوض المعركة، إذ وقع الاختيار على "القبعات الخضراء"، وهي مجموعة القوات الخاصة التابعة لسلاح الجو والتي تسمى أيضاً بـ"الفيلق الخامس" لبدء المعركة في أفغانستان.
وقال الجنرال جون إف ماهولاند جونيور، الذي قاد القوات الخاصة الخامسة بين عامي 2001 و2002: "كانت مهمتي تدمير نظام طالبان وجعل أفغانستان ملجأً غير آمن لتنظيم القاعدة. كان الأمر شاقاً ومهيباً".
وفي أكتوبر، أطلق الرئيس بوش عملية "الحرية الدائمة"، ناشراً القوات الجوية الأميركية في المنطقة، إذ استعدت الطائرات القاذفة والمقاتلة لقصفٍ خاطف لمواقع طالبان".
وأضاف جونيور: "كان الأمر أشبه بمزيج بين فيلمي ماد ماكس وستار وورز، فقد كنا نقاتل في بعض الحالات في معارك بدائية جداً على الأرض، وفي الوقت ذاته نستخدم تقنيات متطورة في مجالات أخرى".
وتابع: "استخدمنا طائرات من طراز إف 14 وإف 16 وإف 15 وبي 52 وبي 1، كل ما كان متاحاً في الترسانة الأميركية كان مكرساً للمعركة".
"خرق طالبان"
مايكل موريل، النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قال عبر الوثائقي الذي تذيعه "الشرق"، إن تلك العملية تعد "أهم الأسرار المكتومة خلال السنوات الـ 33 الماضية التي قضيتُها في العمل مع وكالة الاستخبارات المركزية".
وأضاف: "بدأت أوضح للرئيس تلك الخرائط العسكرية الكبيرة، ومواقع قوات حلفائنا الشماليين ومواقع قوات طالبان، وما هي المعلومات الاستخباراتية المتوافرة عن مكان وجود بن لادن".
وتابع: "أتذكر إحباط الرئيس من مدى بطء سير العملية، لذا كان دائماً ما يسأل جورج تينيت كل صباح قائلاً: لما لا يتحرك هؤلاء الرجال؟ لكن عندما بدأوا بالتحرك، كانوا يخترقون صفوف طالبان بكل سهولة"، إذ سيطر التحالف الشمالي على كل المدن الرئيسية في أفغانستان.
جبال "تورا بورا"
ومع بدء الحملة الجوية، قال رايلي إن "العدو تبدد واختفى، وأولئك الذين بقوا في المعركة لقوا حتفهم".
وفي نهاية نوفمبر، تمكنت وكالة الاستخبارات المركزية من اعتراض رسالة لاسلكية وتعرفت إلى صوت بن لادن، إذ صدرت الرسالة من مجمّع من الكهوف اسمُه "تورا بورا"، جنوب مدينة جلال أباد الأفغانية وعلى مسافة أقل من 16 كيلومتراً من الحدود الباكستانية.
وفي الأسبوع الأخير من الشهر ذاته، غادر بعض الأميركيين جلال أباد بمساعدة مرشدين محليين للزحف إلى الجبال المحيطة بتورا بورا.
وفي هذا السياق، لفت غاري شروم، إلى أن "الجبال كانت شديدة الانحدار، الأمر كان قاسياً"، مشيراً إلى أن القوات الأميركية كانت تسعى إلى "إضعاف عناصر القاعدة وإجبارها على التجمع في الكهوف أملاً في انهيار أحدها عليهم".
"الحرية الدائمة"
الجنرال تومي فرانكس، قائد عملية "الحرية الدائمة"، أمر فيما بعد بشن غارات للقضاء على قوات "القاعدة"، لكن بحلول منتصف ديسمبر من العام 2001، توقفت الإشارة الإذاعية الصادرة عن أسامة بن لادن وتمكن زعيمُ التنظيم من الفرار.
وقال موريل: "كنت أول من أخبر الرئيس أن بن لادن لاذ بالفرار من تورا بورا، ليصب غضبه على ناقل الخبر وكان محتداً للغاية، وتساءل عن خطتي القادمة".
"الحرب على الإرهاب"
وفي غضون ذلك، هرب عناصر "القاعدة"، الذين كانوا يختبئون مع بن لادن، إلى باكستان وإيران واليمن أو إلى جنوب شرق آسيا، إذ باتت مسألة الحرب على الإرهاب "قضية عالمية".
وقال باتريك كالفار، المدير السابق للأمن الداخلي الفرنسي، "اكتشفنا وجود فرنسيين في منظمة بن لادن وكانوا على أتم الاستعداد لتنفيذ الأوامر"، مضيفاً: "كنا نعلم بإمكانية استخدامهم لتنفيذ الاعتداءات في بلدهم الأم فرنسا، لذا ركزت الأجهزة الاستخباراتية على تعلم تقنيات جديدة مختلفة عن الجاسوسية التقليدية".
وفي هذا السياق، قال روبرت ريتشر، نائب المدير السابق للعمليات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، "خلال عام واحد، تضاعف حجم مركز مكافحة الإرهاب 4 مرات، إذ أصبح الكيان الأكبر في مديرية العمليات".
في حين، أشار خوزيه رودريغيز جونيور، مدير مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات الأميركية بين عامي 2002 و2004 إلى أن "ميزانية مكافحة الإرهاب تضاعفت بشكل هائل وتجاوزت مليار دولار، لذا وجب علينا استهداف قادة القاعدة، أينما كانوا".
ومع نهاية العام 2001، بدا أن موجة جديدة من الهجمات على الأراضي الأميركية أصبحت وشيكة، إذ اعتُقل ريتشارد ريد، أحد عناصر "القاعدة" في 22 ديسمبر، أثناء محاولته تفجير قنبلة مخبأة في حذائه على متن رحلة من باريس إلى ميامي.
وتنامى الخوف من هجمات إرهابية أخرى، والأسوأ من ذلك أن معلومات استخباراتية أشارت إلى أن "القاعدة" لديها برنامجٌ لاستخدام الجمرة الخبيثة وأنه يطور أسلحة دمار شامل ومن ضمنها القنابلُ الإشعاعية.
"الموقع الأسود"
وفي مارس من عام 2002، مكّنت عملية مشتركة بين وكالة الاستخبارات المركزية والسلطات الباكستانية من إلقاء القبض على أبو زبيدة، أحد الأهداف المحتملة المهمة داخل "القاعدة"، والذي يمكن أن يقدم معلومات عن هجمات مستقبلية أو عن بن لادن.
وأوضح جونيور، أنه "وجب علينا استجواب أبو زبيدة بأنفسنا، لأنه ما من أحد سيهتم بأمننا القومي كما سنفعل. ولو أحضرناه إلى الولايات المتحدة، كان سيعين محامياً وينبغي الدخول في إجراءات المحاكمات الجزائية".
وتابع: "أردنا استخلاص معلومات عن خطط ونيّات تنظيم القاعدة عن تلك التهديدات المختلفة التي كانت تواجهنا".
لذلك، نقلت الاستخبارات "أبو زبيدة" إلى ما بات يعرف باسم "الموقع الأسود"، وهو سجن سري في دولة أجنبية، حيث يمكن التحقيق مع السجناء في منأى عن قوانين الولايات المتحدة.
وقال جونيور: "خلال هذه الفترة أعطانا أبو زبيدة القليل من المعلومات، وفي واحدة منها أكد لنا أن خالد شيخ محمد، هو من خطط لهجمات 11 سبتمبر، لكنه توقف عن تقديم مزيد من المعلومات، وعندها ابتكرنا برنامج الاستجواب المحسن".
"الاستجواب المحسن"
وبرنامج الاستجواب المحسن، هو لائحة من التقنيات المسموح بها، والتي قد تستخدمها وكالة الاستخبارات بهدف إقناع السجناء بالتكلم، إذ تضم مجموعة من الساليب، منها "التلاعب بالنظام الغذائي والصفع والحرمان من النوم والإيهام بالغرق من خلال سكب الماء على وجه السجين المغطى بمنشفة، بغرض محاكاة ذلك الإحساس".
ولفت جونيور إلى أن الهدف من ذلك "الضغط على هؤلاء للتعاون معنا، لذا لجأنا إلى وزارة العدل وطلبنا رأياً قانونياً ملزماً مكتوباً ينص على أن التقنيات العشرة التي سنستخدمها قانونية، ولم نقدم على أي تصرف قبل حصولنا عليه".
وفي العام 2002، صرّحت إدارة بوش رسمياً بأن "معاهدة جنيف"، المتعلقة بمعاملة سجناء الحرب، "لا تنطبق على الصراع مع تنظيم القاعدة".
من جانبه، قال موريل، إنه "تمت الموافقة على البرنامج من قبل الرئيس وفريق الأمن القومي، ورُفعت التقارير إلى لجان مجلس الشيوخ"، مشيراً إلى أن البرنامج "لم يكن لوكالة الاستخبارات المركزية فحسب، بل كان برنامجاً أميركياً أيضاً".
وطوّرت وكالة الاستخبارات المركزية برنامج الاستجواب، وأسست 6 مواقع سوداء في 6 بلدان من أجل التحقيق مع محتجزي "القاعدة"، وتلك البلدان هي: بولندا، ليتوانيا، رومانيا، أفغانستان، تايلاند، غوانتانامو.
"البحث عن بن لادن"
وأسفرت المطاردة العالمية لقيادات "القاعدة" عن اعتقال خالد شيخ محمد، الرجل الثالث في التنظيم والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر في العام 2003، كما اعتُقل خليفته أبو فرج الليبي في عام 2005، لكن وبالرغم من اعتقال العديد من عناصر "القاعدة"، ما زال زعيم التنظيم هارباً.
وقالت فران مور، المديرة السابقة لمكتب تحليل الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إن المحللين "توصلوا إلى 4 طرق للوصول إلى بن لادن".
ولفتت إلى أن هذه الطرق هي، "ملاحقة أحد أفراد عائلته، أو الاعتماد على السعاة (الأفراد الذين يستعين بهم بن لادن لتوصيل الرسائل إلى معاونيه)، أو من خلال التوصل إلى أحد قياداته، أما الطريقة الرابعة فالاعتماد على التكنولوجيا، من خلال تحديد المواقع التي يظهر بها بالاستعانة بمقاطع الفيديو".
وقال موريل، إن "محللي وكالة الاستخبارات استخدموا برامج تحليلية متطورة لغربلة رزم المعلومات المجمعة، إذ نجحوا في استخراج اسم أبو أحمد الكويتي، وهو عنصر غير معروف في القاعدة".
وأضاف: "سمعنا باسم أبو أحمد الكويتي في العام 2002، من قبل محتجز في شمال إفريقيا، وأخبرنا هذا المحتجز أن الكويتي قد يكون ساعياً لدى بن لادن"، موضحاً أن الكويتي"كان شبحاً، لم نعرف اسمَه الحقيقي أو مكانه".
وتابع: "استجوبنا العناصر التابعة إلى التنظيم، وبينهم خالد شيخ محمد وحسن غول"، مشيراً إلى أن غول "أعطى معلومات قيّمة عن الكويتي".
من جانبه، قال جونير: "أخبرنا غول أن الكويتي كان الشخص الذي سلم رسالة إلى أبو فرج الليبي من أسامة بن لادن، والذي عينه فيها قائداً جديداً للعمليات".
وبيّن أن هذا القرار كان "مهماً، لأنه أمر تنفيذي صادر عن بن لادن، لذا علمنا أننا على وشك اكتشاف شيء مهم".
تفجيرات مدريد ولندن
وفي الأثناء، أدت دعوة بن لادن إلى "الجهاد"، لتنفيذ تفجير انتحاري في العاصمة الإسبانية مدريد عام 2004، وفي لندن عام 2005 والذي وُصف بـ "المدمر".
من جانبه، قال جوبي واريك، المراسل الصحافي في شؤون الأمن القومي، إنه "في وقت كان فيه المحللون يعملون على تحديد هوية ساعي بن لادن، وهو الكويتي، لفت انتباههم شخص جديد يستخدم اسماً مستعاراً هو أبو دجانة الخراساني".
وأضاف: "كشف جهاز الاستخبارات الأردني، لاحقاً، هوية الخرساني واسمه الحقيقي همام خليل البلوي، الذي اعتقل وأُجبر على أن يصبح عميلاً مزدوجاً، وزوّد الأمن الأردني بمعلومات مهمة وبالتالي زودنا كأميركيين".
لقاء مع البلوي
من جانبه، قال ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي السابق، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية بين عامي 2009 و2011، إن الاستخبارات حددت في عام 2009 موعداً مع البلوي في قاعدة " كامب شابمان" الأميركية بمنطقة خوست الأفغانية، بهدف استخلاص معلومات منه، إذ اشترط البلوي استثناءه من عمليات التفتيش، وبالفعل تم ما طلب.
وبعد ذلك، عبر البلوي نقاط التفتيش، وصولاً إلى الحرم الداخلي لمحطة وكالة الاستخبارات المركزية، إلى أن أصبح في حضرة عدد كبير من ضباط الاستخبارات، وعندما ترجّل طُلب منه رفع يديه، فقام بتفجير حزام ناسف.
وصرح مارك كيلتون، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في باكستان، بأن أبا أحمد الكويتي "كان آخر أمل للعثور على بن لادن"، إذ حددت الوكالة هويته واسمه الحقيقي إبراهيم سعيد كما أبقت عائلته "قيد المراقبة"، ليُحدد موقعه في شمال باكستان وتحديداً بيشاور.
وفي يوليو من عام 2010، قادت تحركات سعيد القوات الأميركية إلى تتبعه من بيشاور إلى مدينة أبوت أباد، قرب العاصمة الباكستانية، ليتمكنوا من رصد مجمع سكني لا يبعد أكثر من 3 كيلومترات عن الأكاديمية العسكرية الباكستانية.
"القبض على بن لادن"
من جانبه، قال مايك فيكرز، معاون وزير الدفاع السابق للشؤون الاستخباراتية:"واجهنا تحدياً خلال توجيه ضربة جوية على المنزل، خوفاً من التسبب بأضرار جانبية، إذ يوجد فيه 22 امرأة وطفلاً".
وبعد أسابيع من التدريب في العام 2011، أصبح الأدميرال بيل مكريفن قائد قيادة العمليات الخاصة المشتركة "جاهزاً"، لكن الرئيس باراك أوباما آنذاك رفض تنفيذ ضربة جوية، وقرر إرسال فريق من القوات الخاصة عبر المروحيات.
والوحدة المختارة من قبل قيادة العمليات الخاصة المشتركة من أجل تنفيذ الهجوم، هي فريق القوات الخاصة البحرية السادس، والذي يعتبر نخبة النخبة.
وفي السياق، أوضح دايف كوبر، كبير ضباط الصف في مجموعة القوات الخاصة البحرية السادسة، أنه في الثاني من مايو 2011 "اقتحمت القوات المبنى وقتلت الكويتي، ثم خرج بن لادن محاولاً النزولَ فأطلقوا النار عليه وأصابوه في جانب من جسده، ثم تم إطلاق النار عليه من على بُعد خطوات فقط".
وأضاف: "لم تنته المهمة، فكان يجب على فرقة القوات الخاصة البحرية المغادرة قبل وصول السلطات الباكستانية، لكن تم ذلك بنجاح، لأن القوات الباكستانية لم تستجب بالسرعة الكافية".
من جانبه، قال مايكل مورل: "كان من المهم التأكد من أن الضحية هو بن لادن، لأنه تعرض لإطلاق نار في وجهه، لكن الرئيس أراد التأكد من ذلك بالفعل، لذا أجرت وكالة الاستخبارات تعرفاً على الوجوه وتحليلاً للحمض النووي".
يُشار إلى أنه لم يتم الكشف عن عدد الأشخاص العاملين لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذين شاركوا في عملية البحث عن أسامة بن لادن، والذي دفن في بحر العرب بعد مرور 24 ساعة على مقتله، بحسب القوات الأميركية، ليصبح أيمن الظواهري، الذي نجا من 4 محاولات أميركية لاغتياله، زعيماً لتنظيم "القاعدة".