عراقيون عالقون في بيلاروسيا.. وأربيل: سنعالج أسباب الهجرة

time reading iconدقائق القراءة - 8
مهاجرون يتجمعون في مخيم بالقرب من الحدود البيلاروسية البولندية أثناء محاولتهم العبور إلى الاتحاد الأوروبي - 9 نوفمبر 2021 - via REUTERS
مهاجرون يتجمعون في مخيم بالقرب من الحدود البيلاروسية البولندية أثناء محاولتهم العبور إلى الاتحاد الأوروبي - 9 نوفمبر 2021 - via REUTERS
أربيل-أ ف ب

أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق، والذي يتحدّر منه المئات من المهاجرين العالقين عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، الأربعاء، أنّها تعتزم معالجة "الأسباب الجذرية" للمشاكل التي تدفع أبناء المنطقة للهجرة.

وتتزايد المخاوف بشأن مصير أكثر من ألفي مهاجر غالبيتهم من أكراد الشرق الأوسط، عالقين عند الحدود، في ظروف وصفتها الأمم المتحدة بأنّها "لا تحتمل"، مطالبة بتحرّك لمعالجة الأمر.

وتتّهم حكومات غربية منذ أسابيع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بتأجيج التوتر، من خلال إصدار تأشيرات للمهاجرين وإحضارهم إلى الحدود مع بولندا، العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، انتقاماً للعقوبات الأوروبية التي فرضت على بلده.

وقال المتحدث باسم حكومة كردستان العراق جوتيار عادل، إنّ "من بين العوامل التي تدفع شباب كردستان العراق إلى الهجرة، مشاكل الأمن الإقليمي والركود العالمي".

وأضاف في بيان أنّ "حكومة إقليم كردستان ملتزمة معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة"، و"ستشكّل لجنة مكلّفة تقديم توصيات للحكومة".

وشدّد المتحدّث على أنّ حكومة الإقليم "ستواصل تطبيق الإصلاحات الرامية إلى خلق مزيد من الوظائف للشباب، وتحسين مستوى المعيشة لكل الناس في منطقة كردستان".

ويعتبر إقليم كردستان العراق مستقرّاً نسبياً، لكنّ سلطاته غالباً ما تُتهم بتقييد حرية التعبير، بحسب وكالة "فرانس برس"

ومنذ عقود يتولّى حزبا "الاتحاد الوطني الكردستاني"، و"الحزب الديموقراطي الكردستاني" الحكم في الإقليم.

وتابع البيان أنّ حكومة إقليم كردستان "تحضّ الحكومة العراقية على المساعدة في التخفيف من حدّة الأوضاع، من خلال ضمان إرسال كامل حصة إقليم كردستان من الميزانية في المهل المحدّدة، وعدم حجز الرواتب العامة".

آلاف العراقيين عالقين

ويخوض الكثير من الشباب العراقي تجربة اللجوء إلى أوروبا، وفي سبيل ذلك يسلكون طرقاً وعرة للوصول، تبدأ من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان وصولاً إلى بيلاروسيا، ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وتحدث هيمن جبرائيل (28 عاماً) لوكالة "فرانس برس"، عن رحلته المرتقبة إلى بيلاروسيا، وهو يعد حقائب السفر والهجرة، استعداداً لينضم إلى أكثر من 4 آلاف شاب غادروا إقليم كردستان، وكثيرون منهم عالقون حالياً على حدود بيلاروسيا مع الاتحاد.

في مدينة أربيل، عاصمة الإقليم في شمال العراق، يقود جبرائيل، صاحب اللحية السوداء الطويلة، سيارة الأجرة التي يعتاش منها. وقال للوكالة: "هنا نرى الموت كل يوم".

ولا يفصح عن الطريق الذي سيسلكه إلى أوروبا، حيث بات المهاجرون العالقون على حدود بولندا، وقوداً لأزمة سياسية بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي.

ويدرك جبرائيل أن "الطريق طويل"، وقال: "ربما نتعرض للمصاعب لمدة عشرين يوماً".

ويشكو الشاب خصوصاً غياب "فرص العمل في القطاعين الخاص والحكومي"، وقال إنه "تمّ احتكار كل شيء من فئة معينة في المجتمع"، مضيفاً: "لدي أربعة أخوة خريجي جامعة، ولأنهم لم ينتموا إلى الأحزاب السياسية، لم يحصلوا على تعيين في القطاع الحكومي".

ويهيمن على المشهد السياسي للإقليم، حزبان تقليديان، هما الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

البحث عن "حياة أفضل"

ومنذ نحو 3 أشهر، غادر آلاف الشباب مدن الإقليم، نحو 1600 منهم توجهوا إلى بيلاروسيا، وفق إحصاءات جمعية اللاجئين الكردستانية، التي تقدّر عدد اللاجئين الأكراد الموجودين حالياً على حدود بيلاروسيا بنحو 4 آلاف، أغلبهم من الشباب وبينهم أيضاً أطفال ونساء وكبار في السن، دخلوا البلاد بتأشيرة سياحية.

وقال القنصل الفخري لبيلاروسيا في أربيل فؤاد مامند "كانت مكاتب سياحية تعمل على تأمين تأشيرات سياحية إلى بيلاروسيا للراغبين بالحصول عليها، عبر مركز في بغداد ينسّق مع السفارة البيلاروسية في أنقرة"، مشيراً إلى أن المركز والقنصليتين الفخريتين التابعتين لبيلاروسيا في بغداد وأربيل أغلقتا منذ أسبوع، بناء على طلب من الحكومة العراقية.

وشرقاً في السليمانية، إحدى مدن الإقليم الكبرى، هيوا محمد عازم أيضاً على الرحيل، بسبب الظروف الاقتصادية وفقدانه الشعور بالأمان، بحسب قوله. وسبق له أن قام بأربع محاولات للهجرة. هذه المرة، يقول إنه سيسلك طريق بيلاروسيا إلى أوروبا.

وقال الرجل البالغ من العمر 44 عاماً ولديه مكتب تصميم بطاقات "وصلت بي الأمور إلى عدم التمكن من دفع إيجار مكتبي".

وروى "لم أشعر بالأمان طيلة حياتي في الإقليم وفي العراق"، الذي يعاني منذ أكثر من 40 عاماً من سلسلة أزمات وحروب. وأضاف: "أريد الهجرة لأضمن حياةً أفضل لابني وابنتي".

بانتظار نعش ولده

ودفع نجل دلير إسماعيل محمود حياته ثمناً للوصول إلى أوروبا. وينتظر الوالد المفجوع، البالغ من العمر 55 عاماً، إعادة الجثمان إلى أربيل منذ 11 يوماً من بيلاروسيا.

وقال إن ابنه كيلان، البالغ من العمر 25 عاماً، كان يعاني من "مرض السكري ومرض التهاب الحبل الشوكي". وبسبب البرد والجوع، ساءت صحته كثيراً على الحدود وفارق الحياة.

ويحتشد آلاف المهاجرين منذ أيام، في أجواء جليدية عند الحدود بين بولندا وبيلاروسيا على أبواب الاتحاد الأوروبي.

وصعّد وجودهم الأزمة بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، الذي يتهم مينسك بدعم من روسيا باستغلال المهاجرين غير القانونيين للضغط على الاتحاد.

ووضعت وارسو أسلاكاً شائكة للتصدي للمهاجرين، ونشرت قوة عسكرية كبيرة لمنعهم من دخول أراضيها.

وقال محمود إنه حاول مرات عديدة دون جدوى الحصول على تأشيرة دخول، عبر السفارات والقنصليات الأوروبية لإرسال ابنه إلى أوروبا لتلقي العلاج.

وظنّ الرجل، الذي أرسل 3 من أبنائه وابنته وزوجها وطفلهما ذا الخمسة أعوام مع مهرّب للوصول إلى ألمانيا عن طريق بيلاروسيا، أن "هذا الطريق سهل لأن العديد عبروا وأبلغونا أنه طريق آمن، فيه مسافة سير لأربع ساعات"، وليس كطريق البحر عبر تركيا الذي ابتلع أرواح الآلاف من المهاجرين خلال السنوات الماضية.

وتمكنت ابنته من العبور إلى بولندا، حيث تتلقى العلاج بعدما تعرضت لكسر في رجلها، أما ابنها وزوجها وأشقاؤها فلا يزالون عالقين في بيلاروسيا.

طرقات مقفلة

من مينسك، تحدث رجل غادر مع عائلته من السليمانية، وفضّل عدم الكشف عن هويته، عن رحلته من الإقليم إلى الحدود مع بولندا.

وقال الرجل البالغ من العمر 36 عاماً "وصلنا إلى مينسك قبل شهر بالطائرة من إقليم كردستان العراق، وكنا خططنا أن نعبر من بيلاروسيا إلى بولندا ثم إلى ألمانيا". ولكن الرحلة لم تكن سهلة.

وأضاف: "مشينا في جو ممطر وبارد. في بعض المناطق، انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وكان ذلك صعباً على أولادنا، وكنا أحياناً نحملهم على أكتافنا".

وأضاف "في الصباح، توجهنا إلى الحدود. كان الجنود البولنديون يقفون في طابور من الجهة الأخرى. كأنهم كانوا يعدّون أنفسهم لمعركة مع جنود العدو، علماً بأننا عائلات ومعنا نساء وأطفال صغار. حاولنا العبور ورفع الأسلاك، ولكن الجنود منعونا وأطلقوا الغاز المسيل للدموع لإجبارنا على التراجع".

وبعدما وصل إلى نتيجة أن هذا الطريق مسدود، يقطن الرجل الآن غرفة فندق في مينسك وهو على تواصل مع أقارب له مقيمين في أوروبا، عله يجد طريقة أخرى لدخول ألمانيا أو بلد أوروبي آخر.

وفي الأثناء، أعلن مجلس الوزراء العراقي، الثلاثاء، نيته تخصيص 200 ألف دولار "لوزارة الخارجية لصرفها على العراقيين العالقين في بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا وإعادتهم طوعاً إلى العراق".

كما أعلن مسؤول مكتب العلاقات الخارجية في إقليم كردستان فين دزيي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، أن هناك "اتصالاً مع القنصل البولندي في الإقليم وممثل الإقليم في بولندا" بشأن المهاجرين، مضيفاً أن جميع الرحلات مع بيلاروسيا من بغداد متوقفة الآن.

اقرأ أيضاً: