موجة حر قياسية في الهند وباكستان تنذر بوقوع "كوارث عالمية"

time reading iconدقائق القراءة - 6
صبي يحاول تبريد جسده بماء مندفع من أنبوب مكسور في نيودلهي - 17 مايو 2022 - REUTERS
صبي يحاول تبريد جسده بماء مندفع من أنبوب مكسور في نيودلهي - 17 مايو 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في الهند وباكستان، ما أدى إلى تدمير محاصيل وذوبان أنهار جليدية بوتيرة متزايدة تتسبب في حدوث فيضانات، ما ينذر بوقوع "كوارث عالمية"، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".

وقالت "بلومبرغ" في تقرير، الأربعاء، إن درجات الحرارة في الهند تبلغ ذروتها عادة في مايو قبل بدء هطول الأمطار الموسمية. لكن هذا العام بدأ ارتفاع الحرارة إلى مستويات قياسية في مارس الماضي، تجاوزت في بعض الأيام 40 درجة مئوية (104 فهرنهايت).

وأضافت أنه في مقاطعة البنجاب، "سلة الخبز" التقليدية في الهند، فوجئ مزارعون يزرعون القمح واللفت منذ 3 عقود بموجة الحر التي بدأت تمتد عبر جنوب آسيا في وقت مبكر من هذا الربيع، ما أدى لتدمير المحاصيل.

"أسوأ السيناريوهات"

والوقت الراهن، اعتادت شعوب البلدان المتقدمة على أقسى التوقعات بشأن الكوارث التي يقول علماء إنها ستصبح روتينية في عالم تزداد درجة حرارته يومياً. لكن في الهند وباكستان المجاورة، بدأت بعض أسوأ السيناريوهات تتحقق بالفعل، ما يعطي مؤشرات مقلقة على ما ينتظر بقية العالم، بحسب "بلومبرغ". 

وفي باكستان، وصلت درجات الحرارة في بعض المناطق إلى 49 درجة مئوية في مايو، وفي مدينة جاكوب آباد، تتجاوز بانتظام حاجز 50 درجة مئوية. 

كما تذوب الأنهار الجليدية الباكستانية البالغ عددها 7000 بوتيرة سريعة، وكان الذوبان الجليدي قوياً حتى أن الفيضانات المفاجئة جرفت أحد الجسور. 

وفي الهند يخاطر العاملون في الهواء الطلق بصحتهم، والطيور التي تعاني من الجفاف تسقط من السماء في ولاية جوجارات غرب البلاد. وفي دلهي، اشتعل جبل نفايات ما أدى لاندلاع حريق تنبعث منه أدخنة سامة. 

ونقلت "بلومبرغ" عن زهرة خان دوراني، باحثة المناخ في إسلام آباد، قولها: "الذي يثير الصدمة هو الوتيرة السريعة لهذا التغيير. لم نتوقع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير وبسرعة كبيرة".

ولطالما كان ارتفاع الحرارة جزءاً من وتيرة الحياة في الهند. وفي عهد الاستعمار البريطاني أو ما يُعرف بـ"الرَّاج البريطاني"، ووجد المسؤولون الاستعماريون أن الأشهر الأكثر حرارة غير مريحة لدرجة أنهم كانوا ينتقلون إلى منحدرات جبال الهيمالايا في الصيف، ويديرون البلاد من "محطات على التلال".

موجات "غير مسبوقة"

لكن ما يحدث الآن أمر مختلف، وفقاً لبحث أجراه مكتب خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في المملكة المتحدة، فتغير المناخ زاد من احتمالية حدوث موجات ساخنة غير مسبوقة بنسبة 100 مرة في شمال غرب الهند وباكستان. 

في حين تتنبأ دراسات أخرى بموجات جفاف أطول وأكثر شدة، ومزيداً من عدم انتظام الرياح الموسمية التي تتميز بأمطارها الصيفية الغزيرة، ما يخل بوتيرة الطقس التي عززت التجارة والزراعة لآلاف السنين.

وفي رؤية استشرافية، حذرت "وزارة المستقبل"، وهي رواية لمؤلف الخيال العلمي كيم ستانلي روبنسون، من أحداث مماثلة تبدأ بموجة حر هندية شديدة تقتل ملايين الأشخاص، بحسب الوكالة. 

وضمن أحداث الرواية، صدم هذا الحدث وكوارث مناخية أخرى حكومات العالم ودفعتها في نهاية المطاف لتقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير.

محاولات تكيف

ولفتت الوكالة إلى أن الناس الذين يشعرون الآن بالقوة الكاملة لتغير المناخ يحاولون التكيف بأي طريقة ممكنة. وأولئك الذين يمتلكون الإمكانيات، وربما يمثلون عُشر سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، يلتمسون ملاذاً في وحدات مكيفة الهواء. 

وهذا الشهر، قال المدير المالي لشركة "فولتاس" (Voltas)، المصنعة لوحدات تكييف الهواء ومقرها مومباي، للمستثمرين إن الطقس الحار من شأنه أن يدفع "النمو المتسارع" في الطلب. 

في حين يضطر المزارعون والعمال ذوو الأجور المنخفضة الذين يعملون في الهواء الطلق للاختيار بين المخاطرة بالتعرض لضربة شمس أو ما هو أسوأ وكسب لقمة العيش. والتواجد في الخارج يمكن أن يكون قاتلاً؛ مع تسجيل المزيد من المناطق الرطبة في الهند مؤخراً درجات حرارة تزيد عن 30 درجة مئوية. 

بينما تكثف الشركات الهندية استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة، مع تركيب ألواح الشمسية مثبتة على الأرض تنتج طاقة تصل إلى 4.1 جيجاوات في الربع الأول فقط من عام 2022، أي ما يعادل 1% من إجمالي السعة الكهربائية للبلاد. 

اتهامات للغرب

لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي وغيره من السياسيين، يقولون إن الجزء الأكبر من الكربون الموجود في الغلاف الجوي انبعث من الدول الغنية قبل وقت طويل من تطوير الهند بما يكفي لتقديم مساهمة كبيرة في تغير المناخ، بحسب "بلومبرغ". 

وتعد البلاد الآن ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، بعد الصين والولايات المتحدة، وتتقدم بفارق كبير عن روسيا التي تحتل المركز الرابع، ومن المرجح أن ترتفع حصتها مع نمو الاقتصاد الهندي. كما أنها تتمتع بمزايا تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي لم تكن متاحة عندما كانت أميركا الشمالية وأوروبا تسير على خطى التصنيع. 

في غضون ذلك، يجري صناع السياسة والهنود مناقشات معقدة بشكل متزايد بشأن المناخ، كما يقول تشاندني سينج، الباحث البارز في المعهد الهندي للمستوطنات البشرية. 

ولا أحد ينكر أن المشكلة حقيقية أو أن البلاد بحاجة إلى التفكير بجدية في كيفية التكيف؛ لكن القرارات الأساسية، مثل الابتعاد بشكل حاسم عن الفحم، لا تزال بعيدة كل البعد عن التفكير الجاد، سواء في الهند أو في بلدان أخرى. 

وأضاف سينج في تعليق على موجة الحر في الهند: "آمل أن تكون بمثابة جرس إنذار. لا أعتقد أن الأوان قد فات. نحن بحاجة إلى إجراءات عاجلة وعميقة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات