دراسة: مخاطر ارتفاع درجات الحرارة "ستستمر لعقود حتى لو انخفضت"

time reading iconدقائق القراءة - 7
رجل يستريح في نافورة تروكاديرو على الجانب الآخر من برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس وسط درجات حرارة عالية قياسية تجتاح فرنسا وأوروبا الغربية- 18 يونيو 2022 - AFP
رجل يستريح في نافورة تروكاديرو على الجانب الآخر من برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس وسط درجات حرارة عالية قياسية تجتاح فرنسا وأوروبا الغربية- 18 يونيو 2022 - AFP
القاهرة-محمد منصور

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعتي لندن البريطانية وكيب تاون بجنوب إفريقيا، أن مخاطر ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب تغير المناخ ستستمر لعقود، حتى لو بدأت في الانخفاض.

وتهدف اتفاقية باريس الموقعة عام 2015، إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والحيلولة دون الوصول لدرجة حرارة أكثر من درجتين مئويتين، ويفضل أن تكون 1.5 درجة مئوية.

ومع ذلك مع استمرار زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، ترجح العديد من السيناريوهات احتمالية تجاوز درجات الحرارة المستهدفة.

ويتسبب تغير المناخ والتأثيرات البشرية الأخرى في أزمة التنوع البيولوجي المستمرة، مع حدوث حالات موت جماعي في الغابات والشعاب المرجانية، وتغيير توزيع الأنواع والعديد من الآثار الضارة الأخرى.

ودرس الباحثون في الدراسة الجديدة آثار ارتفاع درجة الحرارة على التنوع البيولوجي العالمي حتى إذا ما تمت السيطرة على تغير المناخ بعد تجاوز مؤقت للهدف المتفق عليه.

ووجد الباحثون أن أعداداً هائلة من الأنواع الحيوانية والنباتية ستستمر في تحمل ظروف غير آمنة لعقود بعد ذروة درجة الحرارة العالمية. 

وحتى لو تمكن العالم بشكل جماعي من عكس الاحترار العالمي قبل فقدان الأنواع بشكل لا رجعة فيه من النظم البيئية، فإن الاضطراب البيئي الناجم عن درجات الحرارة غير الآمنة يمكن أن يستمر لمدة نصف قرن إضافي أو أكثر. 

ويقول الباحثون إن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم اقترابنا مطلقاً -ناهيك عن تجاوز- حد 2 درجة مئوية.

وفحصت الدراسة أكثر من 30 ألف نوع في مواقع حول العالم، ووجدت أنه في أكثر من ربع المواقع التي تمت دراستها، فإن فرص العودة إلى ما قبل التجاوز "الطبيعي" إما غير مؤكدة أو غير موجودة من الأساس.

وتركز الورقة على سيناريو تجاوز واحد حيث تستمر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في النمو حتى عام 2040، ثم ينعكس مسارها وتسقط في المنطقة السلبية بعد عام 2070 بفضل التخفيضات العميقة للكربون والنشر الهائل لتقنية إزالة ثاني أكسيد الكربون. 

ويعني هذا السيناريو أنه ولعدة عقود في هذا القرن، سيتجاوز ارتفاع درجة الحرارة العالمية درجتين مئويتين، لكنه سيعود إلى ما دون هذا المستوى حوالي عام 2100. 

ونظر الباحثون في متى وكيف ستتعرض الأنواع في موقع معين لدرجات حرارة محتملة الخطورة، وكيف سيستمر هذا التعرض، وكم عدد الأنواع التي ستتأثر، وما إذا كانت ستعود إلى مستويات انتعاشها بعد ذلك.

ووجد فريق البحث أنه بالنسبة لمعظم المناطق سيصل التعرض لدرجات حرارة غير آمنة فجأة لأن المزيد من الاحترار يعني أن العديد من الأنواع سيتم دفعها في نفس الوقت إلى ما وراء حدودها "الحرارية" المناسبة للعيش. 

ومع ذلك ستكون عودة هذه الأنواع إلى الظروف المريحة للعيش متأخرة بسبب الظروف المناخية المتقلبة باستمرار داخل المواقع المحلية والتغيرات الدائمة في النظم البيئية. 

ومن المتوقع أن يتراوح التجاوز الفعال لمخاطر التنوع البيولوجي بين 100 و130 سنة، أي حوالي ضعف المدة التي تجاوزت فيها درجة الحرارة الفعلية حوالي 60 عاماً.

وستكون المناطق المدارية هي الأكثر تضرراً من هذه المخاطر، حيث يتم دفع أكثر من 90٪ من الأنواع في العديد من المواقع بالمحيطين الهندي والهادئ والمحيط الهندي الأوسط وشمال إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشمال أستراليا خارج منافذها الحرارية -أي حدود درجات الحرارة التي تستطيع الحيوانات والنباتات أن تعيش في نطاقها.

وفي منطقة الأمازون، وهي واحدة من أكثر مناطق العالم ثراءً بالأنواع، ستتعرض أكثر من نصف الأنواع لظروف مناخية قد تكون خطرة.

وبالنسبة لحوالي 19٪ من إجمالي عدد المواقع التي تمت دراستها، بما في ذلك منطقة الأمازون، من غير المؤكد ما إذا كانت حصة الأنواع المعرضة ستعود إلى مستويات ما قبل التجاوز. 

ومن المتوقع ألا تعود 8٪ أخرى إلى تلك المستويات مطلقاً، وهذا يعني أن التجاوز يمكن أن يتسبب في آثار لا رجعة فيها على الطبيعة بسبب انقراض الأنواع والتحولات الجذرية للنظم البيئية.

وتؤكد الدراسة على أهمية النظر إلى الصورة الكاملة للضرر الناجم عن سيناريوهات التجاوز، بدلاً من التركيز فقط على التأكد من أن "الوجهة النهائية" تقع ضمن حدود درجة الحرارة المتفق عليها، ما قد يقلل من أهمية الحاجة إلى تخفيضات سريعة وعميقة للانبعاثات.

علاوة على ذلك، لاحظ المؤلفون أن تقنية إزالة ثاني أكسيد الكربون نفسها من المحتمل أيضاً أن يكون لها تأثيرات سلبية على النظم البيئية. فعلى سبيل المثال، تتطلب زراعة الغابات على نطاق واسع أو إنتاج الوقود الحيوي الكثير من الأراضي والمياه، وقد يكون لها تأثيرات ثانوية على النظام المناخي.

ويقول الباحثون إنه من المهم أن ندرك أنه لا يوجد حل سحري للتخفيف من آثار تغير المناخ، إذ يجب خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسرعة. 

وتظهر الدراسة أنه إذا تجاوزنا هدف الاحتباس الحراري البالغ درجتين مئويتين، فيمكننا أن ندفع ثمناً باهظاً من حيث فقدان التنوع البيولوجي، ما يعرض كوكب الأرض لخطر توفير خدمات النظام البيئي التي نعتمد عليها جميعاً في سبل عيشنا. 

ويقول الباحثون إن النتائج "صارخة" ويجب أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ والانتباه إلى أن تأخير خفض الانبعاثات سيعني تجاوز درجة الحرارة الذي سيأتي بتكلفة فلكية للطبيعة والبشر، خاصة إنه لا يمكن لتقنيات الانبعاثات السلبية غير المؤكدة عكسها ببساطة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات