عند كل غروب شمس، تتجمع حشود على الحدود بين باكستان والهند لحضور عرض روتيني يشبه العروض المسرحية، ويرمز إلى الخصومة بين البلدين بعد 75 عاماً من الاستقلال، على الرغم من أن العرض ينتهي كل يوم بمصافحة حارة بين ضابطين من الجانبين.
وقبل ساعات على بدء المراسم، يبدأ المشاهدون المتحمسون بالوصول إلى منصات الجلوس على جانبي البوابات الحديدية الفاصلة بين الخصمين المسلحين نووياً عند النقطة الحدودية أتاري-واغاه.
والمسافة قريبة جداً، إذ يستطيع الجنود رؤية وجوه الناس في الجانب الآخر. وتعلو صيحات القائمين على العرض والأناشيد القومية لتثير حماسة الحشود فيما ترفرف أعلام هندية وباكستانية فوق أعمدة ضخمة.
ويتسع الجانب الهندي لنحو 25 ألف متفرج - وأكثر منهم في الجانب الآخر. ويهتف الحضور "الهند زندباد" (تعيش الهند)، بينما تقوم مجموعة من النسوة بأداء عرض راقص بالأعلام على وقع الأناشيد الوطنية.
ثم يصل الجنود ويسيرون باتجاه البوابة ضاربين الأرض بأقدامهم بخطى واسعة، الهنود ببزات عسكرية باللون البني الفاتح وقبعات حمراء على شكل مروحة، والباكستانيون بملابس سوداء.
ويبلغ العرض ذروته عندما تفتح البوابات. ويقوم جندي هندي طويل القامة بفتل شاربه موحياً بالتهديد ويستعرض عضلاته، فيما يقف جنود باكستانيون طوال القامة أيضاً، على بعد بضعة أمتار.
وتنتهي المراسم بإنزال الأعلام وبمصافحة. ثم تُطوى الأعلام وتغلق البوابات الحديدة الضخمة.
وقال مانجيلال فيشنوي (22 عاماً): "دمي يغلي. أريد الانضمام للجيش الهندي. عرض اليوم ملأني بالمشاعر القومية"، موضحاً أنه جاء من راجستان مع أصدقائه لحضور العرض.
"تاريخ دموي"
تحيي الهند وباكستان الأسبوع المقبل ذكرى 75 عاماً من الاستقلال عن بريطانيا. وبينما يتشارك البلدان روابط ثقافية ولغوية عميقة، إلا أن تاريخهما ملطخ بالعنف وإراقة الدماء.
وبعد الاستقلال، في 1947، تأسست الهند، الهندوسية في أغلبيتها، وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، على وقع مجازر طائفية ونزوح ملايين الأشخاص.
وخاض البلدان منذ ذلك الحين 3 حروب، اثنتان منها على منطقة كشمير المتنازع عليها، إضافة إلى اشتباكات عسكرية أخرى.
واندلع النزاع الأخير في 2019 عندما شنت الهند ضربات جوية داخل باكستان رداً على تفجير انتحاري في كشمير أدى إلى سقوط 40 عسكرياً.
ونفذت باكستان بدورها غارة في اليوم التالي، وأسقطت لاحقاً طائرة مقاتلة هندية وأسرت طيارها، ما دفع بالعدوين اللدودين إلى حافة حرب.
تجدر الإشارة إلى أن الطقوس الحدودية اليومية، التي بدأت ممارستها في 1959، صمدت إلى حد كبير ونجت من أزمات دبلوماسية لا تحصى ومناوشات مسلحة.
وبينما يفترض أن تكون تلك العروض رمزاً للتعاون، قال معظم المشاهدين الذين تحدثت معهم وكالة "فرانس برس" إنها تولد لديهم شعوراً قوياً بالتنافس.
وقالت نيشا سوني (ربة منزل 25 عاماً) التي رسمت علماً هندياً بألوانه الثلاث على خديها: "كان الأمر أشبه بمشاهدة مباراة كريكت بين الهند وباكستان، الكثير من الإثارة والحركة".