كيف تستعيد الكرة الأرضية مناخها قبل عصر الصناعة؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
جانب من فعاليات اليوم الافتتاحي لمؤتمر المناخ COP 27 في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات، شرم الشيخ، مصر، 7 نوفمبر 2022. - Bloomberg
جانب من فعاليات اليوم الافتتاحي لمؤتمر المناخ COP 27 في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات، شرم الشيخ، مصر، 7 نوفمبر 2022. - Bloomberg
القاهرة- محمد منصور

دافعت أستاذة علوم المناخ والمدير التنفيذي لمعهد المحيط الهادئ للتنوع البيولوجي، فيبي برنارد، عن وجهة نظرها "الثورية الحالمة" المدعومة بأدّلة علمية، بشأن "إعادة المناخ إلى ما كان عليه قبل عصر الصناعة"، وذلك خلال مشاركتها في مؤتمر المناخ COP 27 المنعقد بمدينة شرم الشيخ في مصر.

وقالت برنارد التي عملت طيلة عقود على قضايا المناخ والتنوع البيولوجي وحرائق الغابات والأراضي البرية والإيكولوجيا البشرية لـ"الشرق"، إن "الوقت لم يفت بعد لنُبحر إلى المستقبل عن طريق العودة إلى الماضي". 

وتنشط المحادثات الحالية في مجالات عدّة والتي يحكمها مصطلحان أساسيان، "التكيّف والتخفيف"، "لكن لا أحد يتحدّث بالقدر المطلوب عن إعادة المناخ لما كان عليه، وهي مرحلة يُمكن أن نصل إليها بالكثير من العمل والمجهود"، وفقاً لبرنارد.

ولفهم ما تقصده الرئيس السابق لمعهد بيولوجيا الحفظ، يجب العودة للمفاهيم الأساسية. إذ تعتمد استراتيجيات معالجة تغيّر المناخ الحالي على محاولات التخفيف والتي تهدف إلى التدخل للحد من الانبعاثات الغازية المُسببة للاحتباس الحراري.

فيما يُقصد بـ"التكيّف"، تعديل النظم الطبيعية والبشرية للتعامل مع الواقع المناخي الجديد. أيّ أن "التخفيف" يُعالج أسباب تغيّر المناخ، فيما يُعالج "التكيّف" نتائج ذلك التغير.

إلّا أن برنارد تؤكد طيلة السنوات الماضية أن "التكيّف والتخفيف" غير كافيين، وأوضحت: "ماذا سنستفيد من بقاء ارتفاع درجة الحرارة عند مستوى 1.5 درجة مئوية، سينجم أضرار لا يُمكن تحملها في تلك الحالة وبالتالي يجب علينا عكس تلك العملية من الأساس والعودة إلى مستويات ما قبل عصر الصناعة".

حلول أزمة المناخ

ويعتمد مفهوم "استعادة المناخ" على عمل مجموعة من الإجراءات لاستعادة مستويات تركيز أكسيد الكربون إلى ما دون 300 جزء في المليون. وهو ما سيعيد الأرض إلى حالتها قبل عصر الصناعة.

واعتبرت برنارد أن ذلك الأمر ممكناً عن طريق استخدام آليات تعافي الطبيعة نفسها "والتي يُمكنها الفوز في أيّ معركة ضد البشر".

وتشمل حلول أزمة المناخ الطبيعية التي تقصدها برنارد، جهوداً تعتمد على حفظ واستعادة وتحسين إدارة الأراضي التي يُمكنها تخزين كميات هائلة من الكربون وتحد في الوقت ذاته من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، إلى جانب تعزيز ونشر ثقافة الابتكارات في مجال الطاقة النظيفة والجهود الأخرى لإزالة الكربون من اقتصادات العالم.

ولفتت برنارد إلى أن حلول المناخ الطبيعي "تقدم بعضاً من أفضل خياراتنا في الاستجابة لتغير المناخ".

وتركز تلك الاستراتيجيات على ضمان أن تكون النظم البيئية الطبيعية أكثر قيمة "وهي على قيد الحياة مقارنة بموتها". وارتفعت معدلات إزالة الغابات في السنوات الأخيرة، حيث "تفوق المصالح الاقتصادية قصيرة الأجل القيمة طويلة الأجل للغابات".

ويهدف عمل برنارد وزملائها في جميع أنحاء العالم إلى استبدال الاقتصاد الاستخراجي، باقتصاد متجدد من خلال الابتكار والتعاون والشراكة مع الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية.

وقالت الخبيرة البيئية إن الطريق إلى استعادة المناخ يبدأ بمجموعة من الآليات، من ضمنها العمل مع الشركات والحكومات لتقليل إزالة الغابات.من خلال معالجة أكبر محركاتها، لا سيما التوسع الزراعي.

وتابعت: "مع تحديد النظم الإيكولوجية (تفاعل العناصر الحية مع بعضها البعض ومع البيئات غير الحيّة)، وتوفّر المنافع أو الخدمات إلى العالم التي تحتفظ أو تستطيع امتصاص كميات كبيرة من الكربون ورسم خرائط لها مثل أشجار المانجروف، والأراضي الخثية الاستوائية والتي تعد "مخزناً رئيسياً للكربون".

إضافة إلى دعم المجتمعات المحلية ومجتمعات السكان الأصليين لحماية الغابات، وتعميم دور الطبيعة وتعظيمه لتحقيق الأهداف المناخية في الإجراءات المناخية الوطنية والدولية.

استعادة المناخ

وبشأن إمكانية استعادة المناخ إلى ما كان عليه من أجل مستقبل أفضل، قالت برنارد لـ"الشرق": "نعم، فعلى الرغم من أن ظاهرة الاحتباس الحراري لا يُمكن أن تتوقف بين عشية وضحاها، إلّا أن التوقف، اليوم، عن إرسال مئات الأطنان من الغازات المُسببة للاحترار في الغلاف الجوي سيُمكن المحيطات من معالجة المسألة".

وأضافت: "درجة الحرارة في ذلك السيناريو ستستمر في الارتفاع لبضعة عقود بسبب تيارات المحيط التي ستحمل الحرارة الزائدة المخزنة في أعماقه إلى السطح. وبمجرد أن تنتقل الحرارة الزائدة -بالإشعاع- إلى الفضاء ستستقر درجة حرارة الأرض مع ارتفاع لن يتجاوز 0.5 درجة مئوية".

وبعد ذلك ستبدأ الطبيعة في إزالة ثاني أكسيد الكربون ببطء من الغلاف الجوي، وستبدأ درجات الحرارة في الانخفاض تدريجياً حتى تصل لمستوياتها الطبيعية. واختتمت برنارد حديثها بقولها: "السيناريو حالم لكنّه ليس مستحيلاً.. فقط علينا التحرك سريعاً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات