رحل بيليه.. كرة القدم تفقد أسطورتها

time reading iconدقائق القراءة - 11
أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه
أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه
دبي-محمد شقير

استسلم أسطورة كرة القدم البرازيلية والعالمية بيليه للمرض، وودّع هذا العالم عن 82 عاماً، تاركاً إرثاً رياضياً وإنسانياً كبيراً لكل الأجيال القادمة.

توفي إدسون أرانتيس دي ناسيمينتو "بيليه" في مستشفى ألبرت آينشتاين في ساو باولو بالبرازيل مساء الخميس، التاسع والعشرين من ديسمبر 2022، بعد دخوله المستشفى لمواصلة علاجه من مرض السرطان.

وذكر التقرير الطبي للمستشفى "بيليه توفي الساعة 3:27 مساء بالتوقيت المحلي بسبب فشل أعضاء في جسده في القيام بوظائفها بسبب سرطان القولون".

وكان بيليه قد أُدخل المستشفى يوم الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 لإعادة تقييم علاجه من السرطان بعد إزالة ورم من القولون في سبتمبر /أيلول 2021، ولكنه شُخِص لاحقاً بإصابته بعدوى في الجهاز التنفسي.

وأوردت صحيفة "فولها دي ساو باولو" السبت أن بيليه يتلقى مسكنات للألم، إذ إن العلاج الكيماوي لم يعد يقدم النتائج المتوقعة.

وكانت صحة الأسطورة البرازيلي هشة في السنوات الأخيرة، مع دخوله العديد من المستشفيات. في عام 2019، نُقل إلى مستشفى في باريس ثم نُقل إلى ساو باولو بسبب حصوات الكلى.

وخضع بيليه في 4 سبتمبر 2021 لعملية جراحية لإزالة ورم القولون المكتشف خلال الفحوص الروتينية.مكث بعدها 10 أيام في وحدة العناية المركزة، قبل أن يعود إليها لمدة وجيزة بعد أيام قليلة بسبب صعوبات في التنفس.

بعد ذلك عاد بيليه عدة مرات إلى المستشفى لتلقي العلاج الكيماوي، وفي 13 فبراير 2022 دخل المستشفى، وبعد 8 أيام تم اكتشاف إصابته بالتهاب في المسالك البولية أثناء فحوص روتينية، وهو ما أدى إلى تمديد فترة مكوثه في المستشفى.

الفتى النحيل

ولد بيليه في ميناس خيريس بالبرازيل في 23 أكتوبر 1940، وأطلق عليه والداه اسم إدسون تيمناً بالمخترع توماس إديسون.

انضم بيليه إلى أكاديمية سانتوس في عام 1956، ويقول مؤرخ النادي جييرمي جوارشي في سلسلة "الأكاديميات - سانتوس" للفيفا: "وصل فتى نحيل من بوارو في عام 1956. لا أصدق أن بيليه ذلك الفتى النحيل وابن الخمسة عشر ربيعاً تمكّن من التدرّب مع الفريق الأول فوراً. كان أولئك اللاعبون أبطالاً في عام 1955 وفي قمة (ترتيب) بطولة الولاية. كان يراوغ الجميع، والكل يتساءل عن هويته، حتى إنهم منحوه لقب جازولين. انضم إلى الفريق بالقميص رقم 10، وبقية القصة أصبحت جزءاً من التاريخ".

ولعب بيليه لنادي سانتوس منذ عام 1956 حتى 1974 قبل أن ينتقل في عام 1975 إلى نادي نيويورك كوزموس، حيث أنهى مسيرته عام 1977.

كأس العالم 1958

ستبقى ذكرى كأس العالم التي أقيمت في السويد عام 1958 إلى الأبد على أنها البطولة التي ظهر فيها الأسطورة البرازيلية بيليه على الساحة الدولية.

واجه المدرب فيسنتي فيولا اعتراضاً شديداً من قِبل طبيب نفسي يعمل لصالح الاتحاد الرياضي البرازيلي (الذي سبق تأسيس اتحاد كرة القدم البرازيلي) على اصطحاب بيليه لخوض منافسات السويد 1958، مؤكداً أن الفتى لم ينضج بعد. ولكن المدرب البرازيلي ردّ على ذلك قائلاً: "قد تكون على صواب، إلا أنك لا تعرف شيئاً عن كرة القدم، وأنا رأيتُ كيف يلعب بيليه".

استهلّ بيليه وجارينشيا البطولة من دكة البدلاء، لكن عقب التعادل المفاجئ دون أهداف مع إنجلترا، والذي كان أول تعادل سلبي في تاريخ كأس العالم، ظهر هذا الثنائي في التشكيلة الرئيسية لخوض المباراة الثالثة للبرازيل والتي جمعت منتخب السامبا مع الاتحاد السوفيتي.

في عمر 17 عاماً فقط، سجل بيليه هدف الفوز 1-0 في ربع النهائي على ويلز قبل أن يسجل ثلاثية في نصف النهائي ضد فرنسا (5-2)، والتي وضعت البرازيل في طريقها إلى نهائي كأس العالم.

وشهد النهائي ضد السويد تسجيل بيليه هدفين لتضمن البرازيل فوزها بأول ألقابها في كأس العالم.

ويعد الراحل بيليه حتى الآن أصغر هدّاف في تاريخ المونديال، وأصغر مَن سجل ثلاثية، وأصغر لاعب وهدّاف في المباراة النهائية في تاريخ كأس العالم.

كنز وطني

 في عام 1960 تهافتت أندية أوروبا، ومن بينها إنتر ويوفنتوس ومانشستر يونايتد وريال مدريد، على التعاقد مع النجم البرازيلي الصاعد، غير أن الحكومة البرازيلية أعلنت أن بيليه  "كنز وطني رسمي" ومنعت انتقاله إلى خارج البلاد.

كأس العالم 1962

كان الناس متحمسين مرة أخرى لرؤية بيليه العظيم وهو يلعب عندما بدأت نهائيات كأس العالم 1962 في تشيلي.

لكن الملك تعرّض لإصابة في دور المجموعات، ولم يلعب صاحب الـ21 عاماً بقية المونديال، ولكن البرازيل توّجت باللقب الثاني على التوالي وحمل بيليه الكأس للمرة الثانية. 

كأس العالم 1970.. عودة بيليه

بعد الخروج من دور المجموعات في كأس العالم 1966 في إنجلترا، عادت البرازيل إلى نهائيات كأس العالم في المكسيك عام 1970 بعلامات استفهام كثيرة، وكان هناك شائعات بأن أعظم أيام البرازيل وبيليه قد ولّت.

تراجع بيليه عن اعتزاله اللعب على المستوى الدولي ليساعد البرازيل على اكتساح كأس العالم في المكسيك.

وبفريق يمكن القول إنه أعظم فريق على الإطلاق ضم أساطير اللعبة مثل بيليه وجيرزينيو وكارلوس ألبرتو، رفعت البرازيل كأس جول ريميه للمرة الثالثة في 4 نهائيات لكأس العالم بعد فوزها 4-1 على إيطاليا في النهائي.

وقال ريفيلينو زميل بيليه في الفريق في ذلك المونديال، خلال مقابلة مع الفيفا "قال الجميع إنه انتهى. عندما أصبحنا أبطال العالم، دخل إلى غرفة تبديل الملابس وصرخ 3 مرات.. لم أمت. أنا لم أمت. أنا لم أمت. إنه بلا شك أعظم لاعب في التاريخ".

في ذلك الوقت أصبح بيليه ثاني لاعب يهزّ الشباك في 4 نسخ من كأس العالم عندما هزّ شباك تشيكوسلوفاكيا، وكان لاعب ألمانيا الغربية أوفه زيلر قد سبقه إلى ذلك قبل 3 دقائق فقط. وفي السنوات اللاحقة، كرر ذلك الإنجاز كل من ميروسلاف كلوزه وكريستيانو رونالدو.

وحقق بيليه إنجازاً غير مسبوق بصنع ثلاثة أهداف في موقعتي النهائي، مرة أمام السويد عام 1958، ومرتين أمام إيطاليا عام 1970.

أكثر من مجرد لاعب

بين عامي 1967 و1970 قُتل أكثر من مليون شخص خلال الحرب الأهلية النيجيرية، والمذهل أن الطرفين المتحاربين، وهما الحكومة النيجيرية وإقليم بيافرا الانفصالي، توصلا إلى هدنة دامت 48 ساعة في عام 1969 من أجل متابعة مباراة جمعت بيليه وناديه سانتوس بالنسور النيجيرية وانتهت بالتعادل بهدفين لمثلهما، ونال فيها "الملك" مساندة وتصفيقاً من الجمهور طوال المباراة.

بيليه في الولايات المتحدة

بعد عام 1974 أعلن بيليه اعتزاله كرة القدم، ولكن نادي نيويورك كوزموس نجح في إقناعه بالعدول عن اعتزاله والانضمام إلى الفريق عام 1975.

في ذلك الوقت لم تكن كرة القدم تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، ولكن مشاهير كرة القدم كانوا معروفين. بعد قدوم بيليه إلى نيويورك أصبح كوزموس الفريق الأكثر شهرة في العالم، وصار "الملك" من أشهر الشخصيات في المدينة.

ويذكر موقع الفيفا أن بيليه أسر قلوب الجماهير التي غصّت بها الملاعب لمتابعة مبارياته التي استقطبت الكثير من المشاهير، ولا سيما محمد علي وبيتر فرامبتون وإلتون جون وهنري كيسنجر وروبرت ريدفورد ورود ستيوارت وباربارا سترايساند، بينما أقنع انتقاله هذا نجوماً من أمثال فرانز بيكنباور وكارلوس ألبرتو وجورجو كيناليا بالقدوم إلى نيويورك، ليترك إرثاً خالداً في كرة القدم بالولايات المتحدة الأميركية في محطته الأخيرة كلاعب.

 يعود الفضل الفضل إلى بيليه في إطلاق لقب "اللعبة الجميلة" على كرة القدم، كما كان وراء إطلاق لقب "الفريق الجميل" على المنتخب البرازيلي.

وسجل بيليه، اللاعب الوحيد في التاريخ الذي فاز بكأس العالم 3 مرات (1958و1962 و1970)، 77 هدفاً في 92 مباراة بقميص "سيليساو" قبل اعتزاله في عام 1977.

وقد اختير في عام 1999 من قبل اللجنة الأولمبية الدولية  كأحد أفضل رياضيي القرن العشرين، وبعدها بعام اختير أفضل لاعب في القرن نفسه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

أهداف بيليه

 

الأرقام تختلف وتتضارب عندما يتعلق الأمر بعدد الأهداف التي سجلها بيليه خلال مسيرته، وهذا يشمل أهدافه في كرة القدم على مستوى الشباب والمباريات الودية والمباريات الاستعراضية وغيرها.

في الوقت الذي لم تكن الأرقام مهمة في كرة القدم الحديثة، أصبحت موضع خلاف منذ أن اعترف كتاب جينيس للأرقام القياسية العالمية ببيليه باعتباره اللاعب الذي سجل أكبر عدد من الأهداف المهنية في كرة القدم.

وذكر كتاب جينيس "أكبر عدد من الأهداف التي تم تسجيلها في فترة محددة هو 1279 هدفاً من قبل إدسون أرانتيس دو ناسيمينتو (البرازيل)، المعروف باسم بيليه، من 7 سبتمبر 1956 إلى 1 أكتوبر 1977 في 1363 مباراة".

في هذه الأثناء، اعتاد الفيفا واتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم  وضع رصيد بيليه عند 1281، مع الأخذ في الاعتبار الهدفين اللذين سجلهما في الظهور الخاص مع سانتوس بعد اعتزاله الرسمي، وهو ما لا يحتسبه كتاب جينيس.

ومع ذلك، بدأ الفيفا باستخدام "أكثر من 1200" للإشارة إلى حصيلة أهداف بيليه في السنوات الأخيرة.

أما بيليه نفسه، فقد أكد في تغريدة نشرها في 25 سبتمبر 2015 أن رصيد أهدافه هو 1283.

أما بالنسبة للفيفا فتشير الأرقام الرسمية أن بيليه سجل 757 هدفاً، منها 643 هدفاً مع سانتوس، و37 هدفاً مع نيويورك كوزموس، و77 هدفاً مع منتخب البرازيل جعلته يتربع على رأس قائمة الهدّافين التاريخيين للسيليساو، قبل أن يعادله نيمار بالرصيد نفسه بعد تسجيله الهدف رقم 77 ضد كرواتيا في ربع نهائي كأس العالم 2022.

*هذا المحتوى من "الشرق رياضة"

اقرأ أيضاً:

تصنيفات