إيران.. ورطة الدولة والثورة

time reading iconدقائق القراءة - 19

هذا المقال جزء من سلسلة "2023.. عام الأسئلة الصعبة".

بقلم: أمير طاهري

  • صحافي وكاتب إيراني لديه اهتمامات واسعة بشؤون الشرق الأوسط والسياسات الدولية. 
  • شغل منصب رئيس تحرير تنفيذي لصحيفة "كيهان" الإيرانية منذ 1972، حتى الثورة الإيرانية عام 1979. منذ ذلك الحين أشرف على إدارة تحرير عدد من الصحف والمجلات في فرنسا وبريطانيا وتعاون مع العديد من المنابر الإعلامية الرائدة في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. كما تُنشر أعمدته في العديد من الصحف في جميع أنحاء العالم.
  • خلال أربعة عقود من العمل الصحفي أجرى طاهري مقابلات مع العديد من القادة السياسيين والرموز الثقافية والفنية في العالم. كما أصدر 11 كتاباً عن الإسلام وإيران والاتحاد السوفييتي والشرق الأوسط. وألقى محاضرات في العديد من الجامعات ومعاهد البحوث والنوادي السياسية والثقافية. 

"ما العمل بشأن إيران؟"، حيّر هذا السؤال المحللين وصناع السياسة في العالم لأكثر من أربعة عقود، أي منذ الثورة الإسلامية عام 1979. والجواب هو: لنحاول أولاً فهمها.   

وفي الواقع، يمكن إعادة صياغة السؤال على النحو الآتي: ما الذي يمكن فعله إزاء الجمهورية الإسلامية في إيران؟   
 
الإشكال الذي يعبر عنه السؤال: "ما العمل بشأن إيران؟" ناشئ عن الافتراض بأن ما حدث عام 1979 مجرد تبديل حكومة بحكومة، وأن إيران مضت في طريقها كدولة قومية عادية. وقد أدى هذه الافتراض إلى مساعٍ للتعامل مع النظام الجديد في طهران بالأسلوب المعتاد فيما بين الدول، هذا الأسلوب الذي ترسَّخ منذ معاهدات وستفاليا في القرن السابع عشر. 
 
في الحقيقة فإن الثورة الإسلامية عام 1979 وضعت نصب عينيها أن تهدم إيران بوصفها دولة تستند إلى النمط الوستفالي (نسبة لمعاهدات وستفاليا، وهي أول اتفاقية دبلوماسية في العصر الحديث، أرست نظاماً جديداً في أوروبا الوسطى والغربية مبنياً على مبدأ سيادة الدول) وبالتالي "النموذج الكافر" الذي يحكم السياسة والمجتمع ضمن نطاق جغرافي، وإعادة استخدام نموذج الدولة كوسيلة لترويج ورعاية أيديولوجيا تقوم جزئياً على الفرقة الشيعية الاثنى عشرية من الإسلام، وتتأثر بشدة بماركسية مشوشة ومفاهيم "العالم ثالثية" التي كانت رائجة في الستينيات. 
ويعني هذا أن الجمهورية الإسلامية ليست معنية، بما تعنى به الدول القومية أي: الأمن، والتجارة، والمنزلة الرفيعة، والحصول على الموارد الطبيعية، والنشاط ضمن الأسواق الرأسمالية، وعقد الاتفاقات والتحالفات.  
الغرض الرئيسي هو أن تصوغ الآخرين، ربما العالم كله، على صورتها. أو كما عبر عن ذلك مؤسسها آية الله الخميني: "خلق نظام عالمي جديد مستند إلى الإسلام المحمّدي النقي". 





 دولة مفرغة من الداخل

كانت الاستراتيجية التي استُخدمت هي تحويل الدولة إلى وعاء مفرغ مع واجهة تكمن وراءها سلطة موازية تملك الأمر والنهي. وقد أسس آية الله في إيران الحرس الثوري الإسلامي، وأحال الجيش النظامي إلى قشرة فارغة. واحتفظ بالبرلمان المنتخب (المجلس) لكنه نقل صنع القرار إلى بيت القيادة (بيت رهبري - مكتب المرشد الأعلى لإيران). 

غدت المناصب المختلفة من رئيس الجمهورية إلى الوزراء مجرد واجهات. وكان للمحافظات حكام رسميون، غير أن السلطة الحقيقية أصبحت بيد أئمة يعينهم "المرشد الأعلى". وأصبح هناك نظامان للمحاكم في الجمهورية الإسلامية: محاكم العهد البائد وهي تطبق نظام العقوبات بحسب "كود نابليون" المألوف عالمياً، والمحاكم الثورية الإسلامية التي تفرض نمطاً غريباً من الشريعة. 
 
واحتفظت إيران بسفرائها في الخارج، بينما سيطر المرشد الأعلى على العلاقات الخارجية من خلال ممثليه الخاصين في العواصم المهمة. ففي لندن، مثلاً، يحتفظ مكتب "الممثل الخاص للمرشد الأعلى" بعدد من الموظفين يفوق عدد موظفي السفارة الإيرانية الرسمية.  
 
لقد لاحظ المؤرخون الفرس منذ القديم أن التغير السياسي الكاسح لا بد أن يؤدي إلى فترة انتقالية يتحول فيها الحكم من نمط إلى آخر.  



على سبيل المثال، ميز المؤرخ أبو الفضل البيهقي في العصر الوسيط عدة مراتب ضمن هذا التحول. المرتبة الأولى هي "الغزو"، وذلك عندما تغزو قبيلة، أو أنصار طائفة دينية منشقة، بلداً. المرتبة التالية هي "الهيمنة"، حين يعضِّد الحكام الجدد مركزهم بوصفهم العنصر الأقوى ضمن توازن قوى ما زال مرتبكاً. المرتبة الثالثة هي "التحكم" وفيها تُتلى فرمانات الحكام الجدد في طول البلاد وعرضها. 

ثمة مرتبة رابعة هي "الحكم"، وفيها ينشئ الحكام الجدد إدارة تعزز مصالحهم وتحاصر المنافسين المحتملين وتحبس عنهم الموارد. وفي المرتبة الخامسة والأخيرة فقط ينشئ الحكام الجدد "الدولة"، ذلك الكيان القادر على تجاوز المصالح القبلية والفئوية الضيقة. 
 
تتباين مدة الانتقال من "الغزو" إلى بناء الدولة من بلد لآخر من البلدان التي شهدت تغيرات سياسية كاسحة. فقد استغرقت فرنسا أكثر من ربع قرن لإعادة بناء دولة وطنية، بعد الثورة. وبعد الثورة الروسية، استغرقت الرحلة من المرتبة الأولى حتى الخامسة في الاتحاد السوفييتي قرابة 30 سنة. وفي الصين تحولت الثورة إلى دولة.  
 
وفي كل الحالات المشابهة فإن الدولة المنبثقة بعد عبور هذه المراحل لم تستطع أن تتخلص تماماً من ذكريات الثورة وأفكارها البالية. غير أنه كان جلياً أنه في عدة مجالات ونطاقات، أن مصلحة الدولة كانت تقدَّم على طموحات الثورة.



ومكنت هذه الحقيقة الدول الأخرى من استعادة العلاقات الطبيعية، على نحو ما، مع الدولة المتشكلة حديثاً، رأينا هذا في فرنسا وروسيا والصين. والدولة المتشكلة يمكن أن تقف موقف المنافس، أو الخصم بإزاء الدول الأخرى، لكنها -وقد وصلت إلى وضع الدولة- فلا تتصرف بشكل عدائي ولا تمثل عدواً فتّاكاً. لقد فككت فرنسا ما بعد الثورة الجراند آرميه (الجيش الكبير) الذي كان مناطاً به تصدير الثورة. وفكك الاتحاد السوفييتي "الكومنتيرن" و"الكومينفورم" ذوي الغرض المماثل. وألغت الصين "مجلس الأمم"، وسيلتها التي كانت تهدف إلى تصدير الثورة. 

 رفض الدولة الطبيعية

غير أن الجمهورية الإسلامية في إيران ظلت عالقة في المرتبة الرابعة من مراتب عملية التحول من الثورة إلى الدولة. وهي قد تلبس لباس الدولة، ربما لبلبلة الخارج أو حتى خداعه، بما في ذلك حلفاؤها المفترضون، ولكنها لم ترغب في أن تتصرف كدولة طبيعية. وطالما ردد المرشد الأعلى الحالي آية الله خامنئي أن الجمهورية الإسلامية لن تصبح أبداً "عادية". وكان آية الله الراحل محمد مصباح يزدي يقول إن الجمهورية الإسلامية "تحمل رسالة مقدسة" يجب ألا تتخلى عنها إلى حين عودة الإمام المنتظر في آخر الزمان.  

كان من أوائل إجراءات الخميني في عام 1980 إنشاء مكتب لتصدير الثورة يترأسه آية الله هادي خُسروشاهي. وكان في البداية ضمن وزارة الخارجية الإسلامية، ثم تمدد ليصبح شبكة سياسية ومالية وعسكرية واسعة ذات فروع عدة. واليوم يسمى أحد هذه الفروع "المجمع العالمي للصحوة الإسلامية" ويترأسه وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي. وهناك "المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية" برئاسة آية الله محسن أراكي.      
 
الجناح العسكري لهذه الشبكة يدعى "فيلق القدس" ويقوده العميد إسماعيل قاآني، ويدير فصائل شتى كحزب الله، والحشد الشعبي، وأنصار الله، وعصائب أهل الحق، ولواء الفاطميين، ولواء زينبيون، والجهاد الإسلامي.. إلخ. وتعمل هذه الفصائل في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن. وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن فيلق القدس يحرِّك اليوم أكثر من 150,000 مقاتل في الدول المذكورة، ما يكلف الخزينة الإيرانية نحو 2.2 مليار دولار سنوياً.   

 
الهدف المنشود في الدول المعنية هو تحويل بنى الدولة القائمة إلى قشرة فارغة فيما تمارس السلطة الحقيقية أذرعٌ موازية تتحكم فيها طهران. بعض هذه الدول، وبخاصة العراق، تظهر وكأنها تملك مقومات الدولة المستقلة، لكن هذا يتم بحسب قيود وحدود يضعها المرشد الأعلى في طهران.

في سوريا، فإن هيكل الدولة الرسمي يقتصر على دمشق ومحيطها، بينما تهيمن على شتى البقاع الأخرى روسيا وتركيا والولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية. وفي اليمن، تمارس طهران هيمنتها عبر منطقة في الشمال تسيطر عليها ميليشيا الحوثي. وقد نجحت طهران في تحويل الدولة اللبنانية إلى قشرة فارغة يمارس السلطة الحقيقية فيها أتباع طهران في كل الطوائف، وأكبر الأتباع الفرع اللبناني لحزب الله.       

المفارقة هي أن إيران كان في مقدورها لو كانت دولة طبيعية، لا أداة أيديولوجية، أن تملك نفوذاً، ولا نقول وضعاً مهيمناً، في هذه الدول مثلما كانت الحال قبل ثورة 1979. وبإخفاقها في التحول إلى دولة طبيعية، فإن الجمهورية الإسلامية تقف أمام مفترق صعب: أن تمضي في اتجاه الدولة أسوة بجيرانها، أو أن تستمر في جعل جيرانها مثلها. 

 إخفاق في التعامل مع الجمهورية الإسلامية

لقد أخفقت دول عدة في فهم حقيقة أن إيران لم تنجز التحول إلى دولة، ما أدى إلى إخفاق محاولاتها تطبيعَ العلاقات مع الجمهورية الإسلامية. 

في عام 1979، وبعد أسابيع من تولي الخميني الحكم، أرسل الرئيس الأميركي جيمي كارتر إليه رسالة يعرض فيها "الصداقة والتعاون". التقى مستشار الأمن القومي لكارتر، زبيجنيو بريجينسكي، برئيس وزراء الخميني مهدي بازاركان في الجزائر، بينما كانت واشنطن ترسل أول شحنة من السلاح إلى إيران بعد الثورة. لم يفهم كارتر قط أن نظام الخميني الجديد لا يرغب، ولا يستطيع، أن يتصرف كدولة طبيعية. 
كان رد فعل آية الله أن بارك احتلال "الطلاب" السفارة الأميركية في طهران، وأخذ موظفيها رهائن.     

أصر كارتر على تجاهل الفارق بين سلوك الدولة وتخبط الثورة، فلجأ إلى عملية عسكرية فاشلة، وفرض العقوبات التقليدية، هذه العقوبات التي من شأنها أن تؤثر فقط على الدولة الطبيعية وتجعلها تغير مواقفها. وورث سوء الفهم هذا خليفة كارتر، رونالد ريجان الذي جرّب أدوات أخرى لا تفلح إلا في التعامل بين الدول الطبيعية: فقد أرسل مبعوثاً سرياً إلى طهران، وهرَّب أسلحة إلى إيران التي كانت تصد الغزو العراقي.   
 
 ورأى جورج بوش الأب، وكان آنذاك نائباً للرئيس، أن النوايا الحسنة تولِّد النوايا الحسنة. وهو ما لم يحدث. أخذت الجمهورية الإسلامية مزيداً من الرهائن، ودبرت هجوماً على قاعدة أميركية في لبنان أوقع 241 قتيلاً من جنود مشاة البحرية. وجرَّب الرئيس بيل كلنتون سياسة "احتواء المعتدي"، ومرة أخرى فهذا تكتيك آخر في التعامل مع دولة طبيعية، اتبعه الرئيس الأميركي آيزنهاور ووزير دفاعه جون فوستر دالاس ضد الاتحاد السوفييتي. 
 
وزاد كلينتون فقدم "اعتذاراً" بشأن "أضرار ألحقتها دولتنا" بإيران. وحاول كلينتون ترتيب لقاء مع حجة الإسلام محمد خاتمي، وهو رجل دين كان يقوم بدور رئيس الجمهورية الإسلامية آنذاك.   
وجنح جورج بوش الابن إلى "التعاون" كوسيلة لجر إيران نحو السلوك كدولة طبيعية. ومنح الملالي فرصة لتقرير مصير أفغانستان والعراق، ورفع عدداً من العقوبات. وكانت النتيجة المزيد من الإصرار من قبل طهران على أن تكون أداة أيديولوجية، لا سيما في الشرق الأوسط، بدلاً من التصرف كدولة قومية طبيعية.




ولعبت السعودية كذلك ورقة التعاون في زمن ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي زار طهران، وخاطب حجة الإسلام هاشمي رفسنجاني، وهو رجل دين آخر كان يقوم بدور الرئيس وقتئذ، بكلمة "أخي".

وزادت الرياض نصيب إيران من الحجاج، ومولت ونظمت قمة لرؤساء الدول الإسلامية في طهران. وردت إيران بتكثيف الحملات الدعائية ضد المملكة، وإثارة القلاقل في البحرين المجاورة، ودعم تشكيل الميليشيات في اليمن، ثم لاحقاً الإغارة على الممثلية الدبلوماسية السعودية في إيران. 

ترضيات فاشلة

لقد فشلت الولايات المتحدة والقوى الإقليمية، وأكثر منها الاتحاد الأوروبي، في الإجابة عن السؤال: "ما العمل بشأن إيران؟". لقد حبسوا أنفسهم في خيارين اثنين: خيار الغزو العسكري الشامل، على غرار غزو العراق، وخيار الترضية. ولأن الخيار الأول لا يصادف هوى عند الشعوب، والخيار الثاني يأتي بنتائج عكسية، كانت النتيجة شللاً استراتيجياً شجع آية الله خامنئي على التشبث بموقف "لا للدولة الطبيعية".  

وقد مد الرئيس أوباما خط الترضية على استقامته بتوريد الحقائب المملوءة بالدولارات لمساعدة إيران في حل أزمة السيولة النقدية. ووافق على عقد "صفقة نووية" مع طهران بمعزل عن الأطر المعتمدة في العلاقات بين الدول. وبتأييد أوروبي أوجد أوباما إطاراً موازياً لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتمثل في مجموعة "الخمسة زائد واحد"، وفاوض على صفقة لا تحمل توقيع أحد، نزولاً عند شرط إيران، ولا سبيل إلى تقديمها للتصديق في الكونجرس الأميركي.     
 
وزيادة في الترضية تم منح البطاقة الخضراء "جرين كارد" التي تتيح حق الإقامة الدائمة في أميركا لـ1500 من مسؤولي الجمهورية الإسلامية وذويهم، وتلقى 6000 من أبناء المسؤولين تأشيرات للدراسة في الولايات المتحدة. وقد شجعت سياسة الترضية التي انتهجها أوباما طهران على توسيع أجندة تصدير الثورة لتشمل بعض دول أميركا اللاتينية.   
 
ومضى صناع السياسة في أميركا وأوروبا يُنشدون موشح النجاح في منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، متجاهلين حقيقة أن الجمهورية الإسلامية، وبدون السلاح النووي، تظل خطراً على السلم والاستقرار، وتظل صاحبة سوابق في استعمال الإرهاب وخطف الرهائن كوسيلتين سياسيتين.    
 
أعتقد أن الرئيس دونالد ترمب كان مستعداً للمضيّ شوطاً آخر في الترضية لو أمكن تحقيق هذا أمام الكاميرات. وبعث برسالة إلى خامنئي تفيض بالأحلام الوردية، وحملها رئيس وزراء اليابان آنذاك شينزو آبي. وقد رأى خامنئي في ذلك مؤشراً على ضعف وتهافت "الشيطان الأكبر". وقد منح خامنئي، شينزو آبي "شرف" اللقاء به وألقى عليه محاضرة، ورفض حتى تسلم رسالة ترمب تاركاً آبي يؤوب بالخيبة. 





 حل المعضلة الإيرانية

على مدى 44 سنة من هذه القصة الطويلة، ظل العالم غافلاً عن القوة الوحيدة التي يمكنها فك العقدة: الأغلبية الصامتة في إيران. وفي وقت كتابة هذه الكلمات فإن قطاعاً من هذه الأغلبية الصامتة يخوض منذ ثلاثة أشهر تمرداً مفتوحاً على الجمهورية الإسلامية. ربما قدمت هذه الانتفاضة الشعبية الجواب على السؤال الذي بدأنا به من خلال شعاراتها التي تعبر عن رغبة عميقة في إقفال فصل الجمهورية الإسلامية، وتوجيه إيران نحو النظام العالمي بوصفها دولة طبيعية، تماماً كما حدث في فرنسا وروسيا والصين بعد ثوراتها. 
   
إن حل ما يسمى المعضلة الإيرانية يتمثل في تغيير النظام، وهذا أمر يرغب فيه قطاع واسع، إن لم نقل الأغلبية، في إيران. وهذا يمكن للإيرانيين أنفسهم تحقيقه. لا أحد يستطيع أن يخمن المدى الزمني، لكنْ هناك أمر واحد مؤكد: رغم العقبات فالناس لا ينسون الهدف الذي تحوم حوله رغباتهم.    

وإلى ذلك الحين فإن على كل من يرغب في رؤية إيران تعود دولة طبيعية أن يكفّ عن ترضية الجمهورية الإسلامية. 

الإيرانيون لا يريدون من أحد أن يغزو بلادهم ولا أن يفرض مزيداً من العقوبات. كل ما يطالبون به أن يفهم العالم الخارجي أنه ليس في مقدور إيران أن تلعب على الحبلين: أن تتصرف كدولة منفلتة، ثم أن تطالب بنيل الاحترام الذي تستحقه الدول الطبيعية.  

الخبر السار هو أن الجمهورية الإسلامية تمر بأكثر وقت عصيب منذ 40 سنة، ورغم عنتريات بعض الحالمين في طهران فإن الجمهورية الإسلامية قد وقعت في قبضة "قانون الإنتاجية المتناقصة" فيما يتعلق باستراتيجية تصدير الثورة. 

لقراءة المزيد من المقالات ضمن هذه السلسلة:

تصنيفات