سوريا تحصي ضحايا الزلزال.. وجرحى يستغيثون من تحت الركام

time reading iconدقائق القراءة - 6
مدنيون وعمال إنقاذ في إحدى المناطق المتضررة من الزلزال بشمال سوريا. 06 فبراير 2023 - Getty Images
مدنيون وعمال إنقاذ في إحدى المناطق المتضررة من الزلزال بشمال سوريا. 06 فبراير 2023 - Getty Images
جنديرس، (سوريا) -أ ف ب

ينهمك سكان ومسعفون في محافظات سورية عدة، منذ فجر الاثنين، في البحث عن ناجين تحت أنقاض مبانٍ سقطت على وقع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ومركزه تركيا المجاورة، فيما عقّدت الأمطار الغزيرة مهمتهم الصعبة في ظل إمكانات محدودة.

وفي بلدة جنديرس بريف حلب شمال غربي سوريا، المحاذية للحدود مع تركيا، يحضن أب مفجوع رضيعه المتوفى بينما يصرخ "يا الله، يا الله". يقبّله على جبينه، وينوح فوقه قائلاً: "قم يا ابني، قُم يا حبيبي"، غير مصدّق أن طفله من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة. بينما يواصل البكاء، يعانقه صديقه مهدئاً إياه، ليجيبه بحزن شديد: "لقد حرق قلبي".

وأمام مبنى مدمر بالكامل في البلدة ذاتها، يتكرّر المشهد نفسه؛ يعانق سامر ابن شقيقه أحمد (سبع سنوات) الذي مات والده ووالدته و3 من أشقائه جراء انهيار منزلهم. يبكي بحرارة، ينقطع نفسه مكرراً: "الحمد الله على كل شيء"، ثم يسير كأنه فقد تركيزه تحت وطأة الصدمة.

ويقول سامر السراقبي الذي فقد 12 فرداً من عائلته، بينهم والدته وشقيقته وعائلتها: "قُصم ظهرنا، باتوا بلا أب أو أم". ويضيف مجهشاً بالبكاء: "لا أصدق ما حصل، أخي كان يدير أمور العائلة".

وفي البلدة الواقعة في أقصى محافظة حلب (شمال)، لم تسلم عشرات المباني من تداعيات الزلزال، فيما وجد سكان أنفسهم مكبلين في غياب وجود لوازم ومعدات ضرورية لانتشال الضحايا والجرحى.

وتعدّ جنديرس من البلدات النائية التي تفتقر إلى خدمات أساسية، مقارنة مع مناطق أخرى تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة، بحسب وكالة "فرانس برس".

في مبنى قريب، ينتشل سكان ومسلحون شخصاً من تحت سقف منهار، ظناً منهم أنه قد توفي على غرار مئات غيره. وإذا به يأخذ نفساً، فيصرخ منقذوه: "إنه حي حي".

أصوات جرحى من تحط الركام

أمام منزل مدمر، يقول علي بطال (56 عاماً)، وقد لف رأسه بوشاح يقيه برد العاصفة التي تضرب المنطقة منذ أيام: "عائلتي، أولادي، ابنتي وصهري، جميعهم لا يزالون تحت الأنقاض، وليس هناك من يساعدهم، لا آلات ولا إمكانات". 

ويضيف الرجل الذي سالت بقع دماء على وجهه المتعب: "نسمع أصواتاً، لا يزالون أحياء لكن ليس هناك من يخرجهم".

ويلطم ماجد نصاري على رأسه بينما يحاول عبثاً حبس دموعه، مناشداً أصحاب "الضمير" التحرك لمساعدة أهالي جنديرس.

ويقول: "أطفالنا ونساؤنا تحت الأنقاض. إنها كارثة، طوابق كاملة هوت على الأرض"، مضيفاً: "شهر أو حتى ثلاثة أشهر غير كافية لننتشل الموتى".

ويعمل عمال إنقاذ وسكان بأيديهم أو عبر استخدام معاول لاستحداث فتحات، على أمل الوصول إلى أحياء، بينما يقف آخرون وهم يتفرّجون غير قادرين على القيام بشيء، في ظل انقطاع تام للتيار الكهربائي.

وأغلقت كل متاجر المواد الغذائية أبوابها، في وقت وقف عشرات في طوابير طويلة أمام الفرن الوحيد قيد الخدمة.

وعمد البعض إلى إسعاف الجرحى في سياراتهم أو في الشارع لعدم إمكانية نقلهم إلى مستشفيات المنطقة.

وأفادت "فرانس برس" بأن نحو 40 مبنى دمرت تماماً في جنديرس، فيما لم يتجرأ غالبية السكان على العودة إلى بيوتهم، مفضلين البقاء في الشارع خشية من هزات ارتدادية تتكرر منذ الصباح.

وحذّرت منظمة "الخوذ البيضاء"، وهي منظمة دفاع مدني تنشط في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، من نقص الإمكانات، متحدثة عن "صعوبات كبيرة". وأوضحت أن معداتها وإمداداتها "ليست كافية حالياً لتلبية الاحتياجات العاجلة".

وبسبب اتّساع رقعة الدمار وارتفاع عدد الضحايا، تعمل فرق الدفاع المدني في مناطق جغرافية متباعدة، ما يحدّ من قدرتها على الاستجابة السريعة.

ووثّقت منظمة "الخوذ البيضاء" انهيار 160 مبنى بشكل كامل حتى الآن، و330 بشكل جزئي، إضافة إلى آلاف المباني المتصدعة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات