زلزال جديد في تركيا وسط تحذيرات من "تداعيات نفسية"

time reading iconدقائق القراءة - 9
عناصر الإنقاذ يواصلون عمليات البحث في أنقاض المباني بعد زلزال قوته 5.6 درجة في ملطية بتركيا. 27 فبراير 2023 - AFP
عناصر الإنقاذ يواصلون عمليات البحث في أنقاض المباني بعد زلزال قوته 5.6 درجة في ملطية بتركيا. 27 فبراير 2023 - AFP
أنقرة/ دبي -وكالاتالشرق

قالت السلطات التركية إنَّ زلزالاً ضرب جنوب شرق البلاد، الاثنين، وأسفر عن مصرع شخص واحد وإصابة 69 آخرين وانهيار 29 مبنى وسط تحذيرات من تداعيات للزلازل المتتابعة على "الصحة النفسية"، فيما اعتذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عدم وصول المساعدات إلى بعض المناطق.

وجاء زلزال الاثنين، الذي بلغت قوته 5.6 درجة فيما كان مركزه على عمق 6.15 كيلومتر، بعد ثلاثة أسابيع من الزلزال العنيف الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وسوريا.

وأظهرت لقطات حيَّة بثتها محطة "سي إن إن ترك" الإخبارية، فريق إنقاذ يحمل رجلاً حياً على نقالة بعد إخراجه من تحت أنقاض مبنى منهار في إقليم ملطية. وبعد فترة قصيرة، أخرج عمال الإنقاذ فتاة قيل إنها ابنة الرجل من المبنى نفسه.

وقال يونس سيزر رئيس إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد) في مؤتمر صحافي إنه جرى نشر فرق البحث والإنقاذ بخمس بنايات.

وكشف أورهان تتار المدير العام للحد من المخاطر والزلازل في "آفاد" أنَّ المنطقة شهدت أربعة زلازل جديدة في الأسابيع الثلاثة الماضية، بالإضافة إلى 45 هزة ارتدادية بلغت قوتها ما بين خمس وست درجات بمقياس ريختر، مضيفاً "هذا نشاط (زلزالي) غير معتاد بالمرة".

وأوضح أنَّ زلزال ملطية تم تقييمه من ضمن الهزات الارتدادية الكبيرة، موضحاً أن المنطقة شهدت حتى ظهر الاثنين 10 آلاف و282 هزة ارتدادية.

من جهته، أعلن وزير التعليم التركي محمود أوزار، في تغريدة عبر تويتر، انهيار 22 مبنى في زلزال ملطية وإنقاذ 5 أشخاص من تحت الأنقاض حتى الآن.

بدوره، دعا نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، في تغريدة، المواطنين في ملطية إلى عدم دخول الأبنية المتضررة، أو الاقتراب منها.

وفي 6 فبراير الجاري، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بقوة 7.7 درجات على مقياس ريختر، مركزه ولاية كهرمان مرعش التركية، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات في البلدين.

والولايات التركية المتضررة من الزلزال هي كهرمان مرعش، وغازي عنتاب، وشانلي أورفة، وديار بكر، وأضنة، وأدي يامان، وعثمانية، وهطاي، وكيليس، وملطية وألازيغ، بالإضافة إلى منطقة غورون في ولاية سيواس.

وأعلنت "آفاد"، الأحد، ارتفاع عدد الوفيات بسبب الزلزال المدمر إلى 44 ألفاً و374 شخصاً.

آثار نفسية

وأشار خبراء ومسؤولون إلى أنَّ الزلزال الذي يعد الأكثر فتكاً في تاريخ تركيا الحديث، سيكون له تأثير نفسي عميق، مع مصرع الآلاف وتشريد أكثر من 1.5 مليون شخص في أجواء شديدة البرودة، إضافة إلى فقد الملايين أفراد أسرهم ووظائفهم ومدخراتهم وآمالهم في المستقبل.

وقالت عائشة بيلج سلجوق، الأستاذة والخبيرة النفسية في جامعة "إم إي إف" التركية، إنَّ الشعب التركي يعاني بالفعل من ضغط كبير، بسبب تزايد الفقر وتأثير جائحة فيروس كورونا، والآن نقله الزلزال إلى المستوى التالي.

وأضافت "التوتر مزمن ومستمر وهو الآن يتجاوز المستوى الذي يمكننا تحمله. لكي تقف هذه الأمة على قدميها، نحتاج إلى أن نجد تلك القوة في داخلنا وهذا يبدأ بحالتنا النفسية".

و"يبدو الناس مخدرين، وهذا على الأرجح آلية دفاعية للتعامل مع الإجهاد الذي لا يمكن التغلب عليه"، وفقاً لسلجوق التي أضافت "من المرجح أن ينتشر القلق والعجز والاكتئاب وقد يشعر الشباب بالغضب".

وقالت سلجوق إنَّ جهود إعادة البناء يجب أن تشمل الصحة النفسية، وحثت الحكومة على توفير التمويل لعلماء النفس المدربين لإرسالهم إلى منطقة الزلزال والبقاء هناك، مضيفة: "الاستدامة هي المفتاح. لا ينبغي أن نحول انتباهنا بعيداً بعد ثلاثة أشهر".  

الأطفال الأكثر تضرراً

ويخشى الخبراء أن يكون الأطفال هم الأكثر تضرراً. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن كثيرين من بين 5.4 مليون طفل يعيشون في منطقة الزلزال عُرضة لخطر الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.

وقالت أفشان خان، المديرة الإقليمية ليونيسف في أوروبا وآسيا الوسطى، بعد زيارة إلى تركيا "نحن نعلم مدى أهمية التعلم والروتين للأطفال وتعافيهم".

 وأضافت "إنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على استئناف تعليمهم، وهم بحاجة ماسة إلى الدعم النفسي والاجتماعي للمساعدة في التعامل مع الصدمة التي تعرضوا لها".

وفي مخيم كبير للنازحين بجوار استاد هطاي على مشارف أنطاكية، أقامت فرق للدعم النفسي والاجتماعي مناطق لعب صغيرة ونصبت خياماً مليئة بالألعاب. وجلس الأطفال على كراسي متعددة الألوان أمام شاشة محمولة كبيرة تعرض الرسوم المتحركة، ومارس بعض الأطفال ألعاباً طفولية.

وقال محمد ساري، موظف الدعم النفسي والاجتماعي الحكومي، إنه وآخرون في فريقه رصدوا علامات صدمة لدى الأطفال، مضيفاً "نرى أن بعض الأطفال لا يستطيعون النوم والبعض لا يأكلون، وبعضهم الآخر يستعيدون ذكريات ما حدث ويبللون أماكن نومهم".

وأردف أنهم يحتاجون إلى دعم طويل الأمد للتعافي من الصدمة.

وقالت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، إنها أرسلت أكثر من 3700 عامل اجتماعي لدعم الناجين في منطقة الزلزال.

وارتدى متطوعون من مجموعة سوكاك ساناتلاري أتوليسي للفنون، في أزمير، أزياء سوبرمان والمهرج وقدموا أنشطة للأطفال الذين يعيشون في خيام في مأوى بإقليم هطاي.

أردوغان يعتذر

وقدَّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، اعتذاره إلى سكان محافظة أديامان، إحدى أكثر المناطق تضرراً من زلزال 6 فبراير، عن تأخر وصول الإغاثة.

وقال أردوغان خلال زيارة لهذه المنطقة بجنوب شرق البلاد بعد ثلاثة أسابيع من الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 44 ألف شخص في تركيا وضرب سوريا المجاورة "بسبب التأثير المدمر للهزات وسوء الأحوال الجوية، لم نتمكن من العمل بالطريقة التي أردناها في أديامان في الأيام القليلة الأولى. أعتذر عن ذلك".

وأكد أردوغان أن الحكومة التركية تدرك كل شيء بخصوص آثار الزلزال وأنها تواصل العمل المكثف للقيام بالإجراءات اللازمة. 

وأوضح الرئيس التركي أنَّ أكثر من 185 ألف مبنى تضرر بسبب الزلزال، فيما تجاوز عدد المصابين 110 آلاف شخص، مشيراً إلى أنَّ عدد المساكن التي دخلت طور البناء بعد الانتهاء من المسوحات الأرضية في منطقة الزلزال بلغ 309 آلاف منزل.

كما أعرب أردوغان عن شكره لجميع رؤساء الدول والحكومات الذين أرسلوا مساعداتهم النقدية والعينية وتعاطفوا مع تركيا.
وأفاد الرئيس التركي أن بلاده لن تنسى أي شخص وقف بجانب تركيا بإخلاص في هذا الأيام الصعبة وأنهم سيحفظون ذلك في ذاكرتهم وقلوبهم.

اتهامات بالتقصير

وكان رؤساء الأحزاب المعارضة الستة في تركيا اتهموا في اجتماعها الأخير، الحكومة بالتقصير في التعامل مع الزلزال، وعدم اتخاذ الاستعدادات اللازمة والاحتياطات المناسبة قبل الكارثة في بلد مهدد بالزلزال.

وفي بيان مشترك، قالت المعارضة: "النظام الرئاسي وفقدان الاستقلالية والشفافية في المؤسسات أثر على عملية الاستجابة للزلزال، إذ لم تتم عملية إدارة الكارثة بشكل جيد، وتأخرت جهود البحث والإنقاذ ولم تكن كافية".

ووقعت الزلازل قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في مايو المقبل والتي تمثل أكبر تحد سياسي للرئيس أردوغان خلال فترة حكمه الممتدة منذ عقدين.

ومن المقرر أن يزور وفد من المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا منطقة الزلزال، الاثنين، لجمع المعلومات اللازمة لإعداد تقرير حول جدوى إجراء الانتخابات في المنطقة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات