تعتبر الناشطة الأفغانية محبوبة سراج من الأصوات القليلة الناقدة التي بقيت في البلاد بعد عودة حركة طالبان للحكم، لكنها بدأت تفقد الأمل في إمكانية تحسين وضع المرأة لأن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية لدى المجتمع الدولي.
ومنذ سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان قبل 18 شهراً، لم تتوقف الناشطة البالغة من العمر 74 عاماً عن إدانة القيود المتزايدة على حرية المرأة، لكن لديها انطباع بأن نداءاتها تواجه بلامبالاة دولية.
وقالت من مكتبها في كابول وهي تتأمل من النافذة الجبال المحيطة بالمدينة: "ما زلت أحاول وما زلت أريد أن أجد إجابة عن كل ما يحدث".
وأضافت وهي تحرك خاتماً لازوردياً في إصبعها: "لكن الأمر لا يتعلق بأن تحركي أكثر صعوبة، بل بأنه صار عديم الفائدة. إنها المعركة الصغيرة التي أخوضها (مع نفسي)".
مكانة خاصة
والناشطة لها مكانة خاصة، لكنها لا تقيها الصعوبات في أفغانستان التي عادت إليها عام 2003 بعد قرابة ربع قرن في المنفى هرباً من الاحتلال السوفيتي السابق ثم الحرب الأهلية وحقبة طالبان الأولى في السلطة.
لكن يبدو أن صلاتها العائلية، وهي ابنة أخت الملك أمان الله خان الذي حكم في بداية القرن العشرين، ووضعها بصفتها سياسة مخضرمة معروفة لدى الهيئات الدولية، سمح لها منذ عودة طالبان إلى السلطة بتجنّب القمع الذي يستهدف المدافعين عن حقوق المرأة.
وتسافر محبوبة سراج كثيراً إلى الخارج، وتلقي خطابات حماسية في الأمم المتحدة ولا تتردد في إجراء مقابلات بوجه مكشوف، دون أن تقلق في الوقت الحالي، لكن الوضع قد يتغير في أي لحظة.
وترى الناشطة أن "هذا الاحتمال قائم كل يوم"، موضحة: "ذات يوم، سيقتلني على الأرجح من لا يحبني".
ولطالما انشغلت سراج بتعزيز حقوق الإنسان في أفغانستان، بما في ذلك في عهد الحكومات السابقة.
وأشارت وهي ترتدي حجاباً يغطي جزءاً من شعرها الأبيض، إلى أن "العنف ضد المرأة في أفغانستان ليس حكراً على طالبان".
وفي ظل النظام السابق المدعوم من الولايات المتحدة، طالبت محبوبة سراج بمشاركة النساء في المبادرات الهادفة إلى إنهاء النزاع.
لكن اختيارها البقاء في البلاد عندما عادت طالبان إلى السلطة، على الرغم من أنها تحمل الجنسية الأميركية، لم يجعلها زعيمة لحركة موحدة للدفاع عن المرأة، فهي لم تشارك مثلاً في الاحتجاجات على إغلاق المدارس الثانوية ثم الجامعات في وجه الفتيات.
حوار مع طالبان
وعلى الرغم من تأكيدها أن كل مرسوم لطالبان يقيّد حقوق المرأة يمثّل "لحظة اختبار"، إلا أنها تواجه انتقادات من أفغانيات أخريات لاختيارها مواصلة الحوار مع طالبان.
وتقول في هذا الصدد: "يبدو الأمر كما لو أن شيئاً ينخرني من داخلي".
وفي الآونة الأخيرة، تركز الناشطة السبعينية على الملجأ الذي أنشأته للنساء والأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة، ويستضيف حالياً 63 منهم، وجهودها لمنح المال للأسر التي تعيلها نساء. ولا يزال مركز تعليم المرأة التابع لها نشطاً وينفذ مشروعات إنسانية في 5 مقاطعات.
وشددت محبوبة سراج على أن نشاطها يتطلب منها التحدث مع الإدارة الجديدة "للوقوف أمام طالبان وإخبارهم: هذا ما أفعله وهذه هي الطريقة التي سأفعل بها ذلك".
وتدافع الناشطة بشراسة عن قضية المرأة الأفغانية، لكنها لم تعد تؤمن برغبة المجتمع الدولي في فعل الشيء نفسه.
وسبق أن قالت أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر: "هذه المرة الأخيرة التي آتي فيها وأتحدث عن هذا للعالم، لأنني تعبت من القيام بذلك".
وأضافت محتجّة: "كم مرة من المفترض أن أصرخ وأقول للعالم: التفتوا إلينا، نحن نموت؟".
وأكدت من كابول: "أدركت أننا لن نحصل على أي شيء، لذا لن أزعج نفسي".
وأشارت إلى أن "الشيء الوحيد الذي أملكه واستخدمته طوال هذا الوقت هو قوة خطابي".
وتابعت وهي تتأمل مجدداً في الجبال المحيطة: "يجب أن يكون هناك بصيص أمل. هناك ضوء خافت في مكان ما، شيء ما، شيء يمكننا جميعا التمسك به".
اقرأ أيضاً: