قالت وكالة "بلومبرغ"، الثلاثاء، إن تسريب الوثائق السرية الأخير من وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، ربما يكون أخطر تسريب لمعلومات استخباراتية تشهده البلاد منذ 10 سنوات، وتسبب في "محادثات محرجة" مع أقرب حلفاء الولايات المتحدة خلف الأبواب المغلقة.
وظهرت عدة وثائق في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن صورة جزئية ترجع لشهر مضى عن الغزو الروسي لأوكرانيا، ومن بينها وثيقة تتضمن تفاصيل مناقشات داخلية بين مسؤولين كوريين جنوبيين حول الضغط الأميركي على سول للمساعدة في تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
وقالت "بلومبرغ" إن مجموعة الوثائق السرية، التي نُشرت على الإنترنت، "كشفت للجمهور في جميع أنحاء العالم عن كيفية تجسس الأميركيين على أصدقائهم وخصومهم في أكثر الأوقات حساسية، وحيث تمر الحرب في أوكرانيا بنقطة تحول".
وقالت "بلومبرغ" إن تلك التسريبات ستتسبب في محادثات محرجة للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، هذا الأسبوع، وسيستضيف بعد ذلك نظيره الكوري الجنوبي، يون سوك يول، الشريك الرئيسي في الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمواجهة الصين نهاية الشهر الجاري.
ونقلت عن مسؤول أجنبي لم تسمه قوله إن عدم وجود احتجاجات من مختلف العواصم الحليفة "لا ينبغي أن يخدع أحداً".
وقالت كوريا الجنوبية، الشريك الأهم للولايات المتحدة في صناعة أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية، إن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، تواصل مع حكومة البلاد للتعليق على الواقعة، فيما تسعى أستراليا إلى الحصول على مزيد من المعلومات.
ويشعر حلفاء الولايات المتحدة بـ"القلق" من أكبر تسريب للمعلومات الاستخباراتية منذ قيام المتعاقد السابق مع الاستخبارات المركزية الأميركية، إدوارد سنودن، بتسليم آلاف الصفحات من الوثائق السرية إلى الصحافيين قبل 10 سنوات، ويعبّرون عن استيائهم عبر القنوات الدبلوماسية، بدلاً من التحدث عنها علناً، بحسب "بلومبرغ".
"الضرر وقع"
وقال الناطق باسم وزارة العدل الأميركية، إن البنتاجون بدأ تحقيقاً لمعرفة الشخص المسؤول عن تسريب معلومات وصفت بأنها "شديدة الحساسية والسرية"، لكنه أشار إلى أن الضرر "وقع بالفعل في مختلف القارات والنطاقات الزمنية".
ورغم أن المسؤولين لا يزالون يقيّمون مدى الضرر، وأن الكثير من المعلومات قد تكون معروفة بالفعل، على الأقل لدى الحكومات الحليفة، يُعد الأمر الأكثر إحراجاً هو "تسريب هذا الكم الهائل من المعلومات"، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وأشارت الوكالة إلى عدم تمكنها من التحقق بشكل مستقل من الوثائق التي يتم تداولها منذ الأربعاء الماضي، على منصات مختلفة، وبينها تطبيق "تلجرام"، فيما قال مسؤولون أميركيون، الاثنين، إن الوثائق المُسربة صادرة عن الحكومة، ولكن بعضها "مزور".
وتم تعديل بعض الوثائق المنشورة على الإنترنت لخفض تقديرات الخسائر البشرية الروسية في أوكرانيا، والمبالغة في تقديرات الخسائر البشرية في صفوف القوات الأوكرانية، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
توقيت "سيئ"
من جانبه، قال أحد المسؤولين الأجانب إن توقيت التسريب "سيئ"، مؤكداً أن عدم وجود احتجاجات من مختلف العواصم "لا ينبغي أن يخدع أحداً".
وأثار مسؤول أجنبي آخر مخاوف من أن المعلومات الواردة في الوثائق المُسربة قد تمكن موسكو من تحديد مصادر المعلومات الأميركية أو طرق جمعها.
وقال مسؤول في تحالف "Five Eyes" لتبادل المعلومات الاستخباراتية، إن حكومات الدول الأعضاء في التحالف وهي: بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، لن تنتقد الولايات المتحدة علناً، ولكن سيكون من الخطأ بالنسبة لإدارة الرئيس جو بايدن أن تستنج أن هذه الحكومات ليست غاضبة.
من جانبها، قالت كوري شيك، مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في مؤسسة "معهد أميركان إنتربرايز" البحثية في واشنطن، للوكالة: "أشعر بالقلق من استفادة روسيا من الضعف الذي تحققنا من صحته في الدفاعات الجوية الأوكرانية، وربما تبدأ في قصف المواقع المدنية مجدداً، على أمل أن يتمكنوا من استنزاف الدفاعات الجوية الأوكرانية".
وقالت "بلومبرغ" إن أحد الأشياء المثيرة للاهتمام التي كُشف عنها على الإنترنت كان كيفية حصول الولايات المتحدة على معلومات فورية تقريباً حول العمليات العسكرية الروسية، والشكوك الأميركية بشأن القدرة القتالية لأوكرانيا.
وأضافت أن الوثائق المُسربة تفيد بأن إدارة بايدن "تتوقع أن الذخائر التي تستخدمها أوكرانيا في أنظمة الدفاع الجوي التي تعود إلى الحقبة السوفيتية ستنفد بحلول الشهر المقبل، كما تظهر تشاؤماً أميركياً بشأن قدرات كييف مع استعدادها لشن هجوم لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية"