السودان.. نهب وانفلات أمني ومبادرات أهلية لحماية السكان

time reading iconدقائق القراءة - 6
سودانيون يغادرون مناطقهم مع استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في الخرطوم. 28 أبريل 2023 - AFP
سودانيون يغادرون مناطقهم مع استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في الخرطوم. 28 أبريل 2023 - AFP
دبي-الشرق

تتصاعد وتيرة الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، فيما يعاني السودانيون من انفلات أمني وعمليات سلب ونهب، لا سيما في العاصمة الخرطوم.

وشهدت مدينة الخرطوم البحري، شمال العاصمة، قصفاً بالمدفعية وسلاح الجو، رغم هدنة معلنة من طرفي الصراع، وظلت أعمدة الدخان تتصاعد بها بشكل كثيف، ما أثار حالة من الذعر بين المدنيين، الذين سارعوا إلى البحث عن موضع آمن.

هدى الماحي، التي تسكن بمدينة الخرطوم بحري، استغلت فترة الهدنة المعلنة وتوجهت إلى منزل شقيقتها في أم درمان، إذ ظلت عالقة لأكثر من 10 أيام بمنزلها تحت نيران الرصاص، بلا ماء ولا زاد. 

وقالت: "معظم سكان الحي والمقتدرين مالياً توجهوا خارج البلد، وأصبح الحي عبارة عن ثكنة عسكرية ومرتع لعصابات النهب والسلب التي نهبت بيوتاً غادرها أصحابها، او اقتحموا بيوتاً أخرى ما زال سكانها فيها ونهبوا ممتلكاتهم، فقررت ترك البيت واللجوء إلى شقيقتي".

وفي رحلتها لبيت شقيقتها، تكلفت هدى أضعاف ما كانت تدفعه في العادة، فالانتقال من حي الصافية، حيث تسكن إلى منزل شقيقتها بمنطقة الثورة في أم درمان يكلف 4700 جنيه سوداني (7.8 دولار) في الظروف الطبيعية، لكن الرحلة هذه المرة كلفت 80 ألف جنيه (133.5 دولار).

فكلفة النقل الداخلية بالمركبات العامة وعربات الأجرة ارتفعت بنسب مبالغ فيها مع اختفاء الوقود من المحطات وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، حيث ارتفع سعر الجالون إلى 25 ألف جنيه في حين أن سعره بمحطات الوقود 2500 جنيه، كما أن سائقي المركبات يقطعون مسافات طويلة للتنقل بين مدن العاصمة الثلاث بسبب إغلاق بعض الجسور الرئيسية.

"لا أمن"

من جانبه، روى عوض القرياتي كيف قتلت مجموعة "منفلتة" شقيقه الأكبر بأحد الشوارع جنوبي الخرطوم، ونهبت عربته بينما كان يبحث عن وقود.

وقال: "توجهنا إلى قسم الشرطة لمباشرة إجراءات فتح البلاغ. وجدنا عناصر الشرطة يرتدون زياً مدنياً ويجلسون أمام بوابة القسم كأنهم مواطنون عاديون. وعندما أخبرناهم بالحادثة قالوا: ما في طريقة لفتح بلاغات جديدة والنيابة ما شغالة".

ويتخوف كثيرون من إطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء بالعاصمة ومدن أخرى، ويخشون أن يسهم ذلك في ارتفاع معدلات جرائم السلب والنهب في ظل غياب الشرطة.

وكانت وزارة الداخلية والقوات المسلحة السودانية قد اتهمتا قوات "الدعم السريع" باقتحام بعض السجون وإطلاق سراح النزلاء. 

وقالت القوات المسلحة، في بيان، الأربعاء الماضي: "شهدت بعض السجون اضطرابات خلال الأيام السابقة، بدأت باقتحام المليشيا المتمردة لسجون الهدى وسوبا والنساء بأم درمان، وإجبار شرطة السجون على إطلاق سراح النزلاء بعد قتل وجرح بعض منسوبي الشرطة".

وجاء في البيان أن إدارة سجن كوبر أطلقت سراح نزلائه "بسبب انقطاع خدمات المياه والكهرباء والإعاشة، ما خلق تهديداً إضافياً على الأمن والطمأنينة العامة بمدينة الخرطوم".

وأضاف أن هناك مخاوف من اتساع نطاق هذه الأحداث وامتدادها إلى ولايات أخرى، بدأ نزلاء سجونها المطالبة بإطلاق سراحهم أسوة بما جرى ببعض سجون ولاية الخرطوم، مع تحذير مما "قد يترتب على ذلك من فوضى وانتشار للجرائم خاصة أن بعض هؤلاء النزلاء محكومون أو منتظرون بموجب جرائم جنائية خطيرة".

وعبر البيان عن انزعاج القوات المسلحة لهذه الأحداث "وما قد يترتب عليها من خطر عظيم جراء انفراط عقد الأمن"، وناشد أخذ الحيطة والحذر.

دوريات أهلية

من جانبها، اتهمت قوات "الدعم السريع" من أطلقت عليهم "قيادات الانقلابيين" بوضع خطط ورسم سيناريوهات لإشعال الحرب كغطاء لخلق مبررات أمنية لإخراج قيادات النظام السابق من السجن تمهيداً للعودة مجدداً للسلطة.

وقالت في بيان، الأربعاء الماضي، إن "هذا المخطط المكشوف يستهدف تقويض ثورة الشعب التي ضحى من أجلها خيرة شباب أمتنا".

وقبلها بيومين، قالت قوات الدعم السريع إنها رصدت عمليات تخريب واسعة ونهب لمنازل المواطنين ومقار الشركات والمصانع تقف "وراءها خطة ماكرة بمحاولة إلصاق التهم بقوات الدعم السريع عبر خطط مكشوفة".  

وقال سليمان مجدد، عضو غرفة طوارئ كرري شمال أم درمان، إن المنطقة ظلت تشهد حوادث نهب وسلب من قبل "متفلتين" في الشوارع، مشيراً إلى إبلاغ أقسام الشرطة بالحوادث لكن دونما رد.

وأضاف في حديث لـ"الشرق": "مع تلكؤ قوات الشرطة في حمايتنا منذ بداية الحرب قمنا بتشكيل دوريات من الشباب في الحي الذي نسكن فيه للتصدي لهذه التفلتات".

ويشير محمد أبو بكر، الذي يسكن بشرق مدينة بحري، إلى أن دوريات الأحياء بمنطقتهم أمسكت 3 "متفلتين" حاولوا نهب أحد المنازل، وقال إنها اقتادتهم لمركز الشرطة الذي رفض استلامهم. 
          
وأضاف: "لم يكن أمامنا خيار سوى تركهم يذهبون ليقوموا بعمليات نهب جديدة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات