نبّهت شبكة عالمية من المدافعين عن البيئة في جزيرة كورسيكا الفرنسية، التي تشكل مياهها موئلاً لثلثي أعداد النبتة التي تعيش تحت الماء، إلى أهمية حماية نبتة بوسيدونيا، لما تتمتع به من فعالية في مكافحة التغير المناخي أكثر من أشجار الأمازون.
وقالت كاترين بيانت، رئيسة التخطيط المكاني البحري في الصندوق العالمي للطبيعة بفرعه الفرنسي، إن ثلاث دول فقط هي فرنسا وإسبانيا وكرواتيا، لديها قوانين تحظر رسو القوارب على أعشاب بوسيدونيا البحرية، فيما قد تتسبب المراسي بتمزيق أجزاء كاملة من هذه الغابات الزرقاء.
وأكدت أن كورسيكا تؤوي 66% من بوسيدونيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي صاحبة دور طليعي في دراسة هذه النباتات، مع أول رسم خرائط لمنطقة بأكملها، منذ تسعينيات القرن الـ20.
من جانبه، قال عضو البرلمان الأوروبي فرنسوا ألفونسي، القائم مع سلطات جزيرة كورسيكا على اجتماع عُقد أخيراً ضمّ عدداً من الجهات الفاعلة في شبكة بوسيدونيا المتوسطية في أجاكسيو، إن "بوسيدونيا موجودة فقط في البحر الأبيض المتوسط، وهي اليوم الطريقة الأكثر فعالية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون في العالم".
وأضاف: "كمية ثاني أكسيد الكربون الملتقطة من طريق هكتار من بوسيدونيا توازي أربعة أضعاف ما يتم التقاطه عبر هكتار من غابات الأمازون، و15% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كورسيكا يتم التقاطها بواسطة الأعشاب البحرية المحيطة بالجزيرة".
وأنشئت "شبكة بوسيدونيا المتوسطية" في أثينا في عام 2019، بمبادرة من فرنسا وإسبانيا، عقب ندوة أوروبية حول تأثير مراسي السفن، وتضم نحو 60 عضواً، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، و12 من أصل 21 دولة حول البحر الأبيض المتوسط ومنظمات دولية رئيسية لحماية البيئة.
وتشكل أحواض الأعشاب البحرية هذه موائل للأسماك، ومراكز للحماية من التآكل، لكنها أيضاً بالوعة للكربون، والغازات الدفيئة التي تشكل أحد الأسباب الرئيسية للاحترار المناخي.
وتغطي هذه الأحواض ما بين 2 و 2.3 مليون هكتار في البحر الأبيض المتوسط وينبغي حمايتها تماماً، بعدما زال ما بين 10 و30% من بوسيدونيا في المنطقة منذ قرن.
جهود على ضفتي المتوسط
وأوضح المسؤول عن المكتب فريديريك فيلييه، أن لدى هذه الشبكة، التي يتولى المكتب الفرنسي للتنوع البيولوجي تنسيق أنشطتها، هدف محدد يتمثل في توفير حماية تطال 100% من الأعشاب بحلول عام 2030.
وأضاف: "الهدف هو الحصول على معرفة كاملة بوجود الأعشاب البحرية في البحر المتوسط والضغوط التي تتعرض لها، ومن ثم اتخاذ تدابير لحمايتها".
وتابع: "مع وضع أولويات تتمثل في استكمال رسم الخرائط، ونصب العوامات بسرعة لتتمكن القوارب من أن ترسو من دون أن ترمي المراسي في المياه في البلدان التي هي في أمسّ الحاجة إليها، بأن تكون هناك أنظمة موحدة من بلد إلى آخر".
وكانت جزر البليار، التي تضمّ 50% من مواقع الأعشاب في إسبانيا برمّتها، أيضاً من المناطق الطليعية في هذا المجال.
وقال المدير المسؤول عن العلاقات الخارجية للحكومة المستقلة لجزر البليار أنتوني فيسينز إي فيسينز: "بشكل ملموس أجرينا مسحاً شاملاً لجميع أحواض الأعشاب البحرية، مع التمييز بين تلك التي تتمتع بجودة بيئية عالية، والمحمية تماماً، وتلك ذات الجودة الأقل، حيث يكون نشاط الإرساء ممكناً من خلال الرسو عن طريق العوامة"، مفصلاً الإجراءات المتخذة منذ عام 2018 لحماية هذا النظام البيئي الفريد في البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف: "الجانب الأكثر ابتكاراً هو إنشاء خدمة مراقبة ومساعدة لإعلام القوارب الترفيهية بأهمية بوسيدونيا"، موضحاً أن الخدمة تم تجهيزها بـ18 قارباً في عام 2022 نفذت أكثر من 200 ألف عملية.
لكنه حذّر من أنه "من غير المجدي حماية هذا النظام البيئي في جزر البليار (...) إذا لم نبذل جهوداً في سائر الأماكن، ليس فقط على مستوى البحر الأبيض المتوسط الأوروبي، ولكن أيضاً في مناطق المغرب العربي والمشرق"، مشيداً بـ"تشارك الممارسات الجيدة" داخل الشبكة.