تحركات أوروبية لمنافسة الولايات المتحدة والصين في "صناعات المستقبل"

time reading iconدقائق القراءة - 4
أبراج التقطير الخاصة بأول مصنع للوقود الحيوي المتقدم من الجيل الثاني في مجمع قرطاجنة الصناعي في إسبانيا. 7 مارس 2023 - REUTERS
أبراج التقطير الخاصة بأول مصنع للوقود الحيوي المتقدم من الجيل الثاني في مجمع قرطاجنة الصناعي في إسبانيا. 7 مارس 2023 - REUTERS
باريس -أ ف ب

تصدر إعلانات متزايدة في أوروبا عن استثمارات عامة وخاصة في مجال "صناعات المستقبل"، ما يعزز تفاؤل الحكومات، إلا أنه من غير الواضح مدى كفاية هذا المجهود، في ظل مواجهة منافسة شرسة من الصين والولايات المتحدة.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر  "تشوز فرانس" في منتصف مايو، عن استثمارات أجنبية بقيمة 13 مليار يورو بمواقع صناعية في فرنسا، من بينها مشروع لشركة "برولوجيوم" التايوانية، بأكثر من 5 مليارات لإقامة مصنع للبطاريات شمال البلاد، مدعوم بمساعدة حكومية كبيرة.

وفرنسا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تجتذب الصناعيين، فأعلنت شركة "وولفسبيد" الأميركية للرقائق الإلكترونية، هذه السنة، عن استثمار بقيمة ملياري يورو لإقامة مصنع لأشباه الموصلات في ألمانيا.

كما أكدت مجموعة Northvolt السويدية للبطاريات الكهربائية في منتصف مايو الجاري، إقامة مصنع عملاق في ألمانيا.

مقاربات استثمارية

وأشار الشريك في مكتب PwC للاستشارات، أوليفييه لوانسي، إلى أنه "لاحظ عدم إطلاق أي مشروع صناعي كبير في فرنسا حتى الآن".

وأضاف خبير مسائل السيادة الصناعية معلقاً على الإعلانات الصادرة أخيراً عن إقامة مشاريع: "على الأرجح أن باريس وبرلين قدمتا مساعدات كبيرة للشركات، تتخطى الممارسات السابقة على صعيد دعم الدولة".

وفي المقابل، رصدت الولايات المتحدة في سعيها لاجتذاب "مصانع المستقبل" الضرورية لتحقيق الانتقال في مجال الطاقة مئات مليارات الدولارات من خلال "قانون خفض التضخم"، وهو خطة مساعدات ضخمة لتحول الطاقة أطلقت العام الماضي.

كما أقرّت الصين بدورها، خطة لاجتذاب الاستثمارات تعرف بخطة "صنع في الصين 2025".

وعرضت المفوضية الأوروبية في مارس مشروع قانون من أجل صناعة خالية من انبعاثات الغازات ذات مفعول الدفيئة. كما أقر  البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في أبريل "قانون الرقائق" بهدف تطوير صناعة أشباه الموصلات، في وقت تنتج تايوان الكمية الأكبر من الرقائق.

غير أن الأرقام تكشف عن تباين كبير. ففي مجال الرقائق الإلكترونية، ستملك واشنطن بحلول 2026 قدرة استثمارية بمستوى 167 مليار دولار، بحسب أرقام مكتب "إيفرستريم" الأميركي.

وما يزيد الوضع صعوبة على الأوروبيين أن دولاً أخرى ترصد أموالاً أيضاً لاجتذاب الشركات المتعددة الجنسيات، ومنها كندا التي تعتزم تخصيص حوالى 9 مليارات يورو من المساعدات لمجموعة "فولكسفاجن" الألمانية من أجل إقامة مصنع للبطاريات الكهربائية.

"مفهوم الاقتصاد الدائري"

ورأى رئيس الجمعية الأوروبية لصناعة أشباه الموصلات هندريك أبما، أن "قانون الرقائق" الأوروبي، هو "إشارة إيجابية تظهر أن القارة أدركت أهمية أشباه الموصلات من أجل الثورة الخضراء". لكنه لفت إلى وجوب عدم التغاضي عن معطيات أخرى مثل ضرورة تبسيط الآليات الإدارية.

وأوضح رئيس شركة "آبسيل"، كلود لابيريار، إن "الغالبية الكبرى من صانعي البطاريات الأوروبيين يقولون إنهم يرغبون في تطوير أعمالهم في أوروبا، لكن المساعدة التي تقدمها لهم واشنطن مثيرة للاهتمام إلى حد لا يمكنهم تجاهلها".

لكن أحد مؤسسي شركة "فيركور" الفرنسية المتخصصة في البطاريات المنخفضة الكربون، جيل مورو، اعتبر أن أوروبا تملك في مطلق الأحوال ورقة، موضحاً: "لدينا تاريخ من الابتكار الصناعي، وبإمكان أوروبا إحداث فرق في مفهوم الاقتصاد الدائري".

من ناحيته، اعتبر أحد الخبراء، أنه "في جميع الأحوال نتجه إلى نموذج آخر من المجتمع، ننتقل من نموذج يقوم على الاستهلاك الجماعي، إلى آخر يدور حول مفاهيم البيئة والسيادة"، مضيفاً: "يجب أن يكون بمقدور نموذجنا أن يستحدث بسرعة السبل، سواء من القطاع الخاص أو من القطاع العام، من أجل القيام بهذه الانعطافة".

وهذا ما لخصه وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، قبل بضعة أيام قائلاً: "المعركة حادة بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا، ولا أحد يتهاون".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات