تشهد العاصمة الأميركية واشنطن وولايات عدة، مستوياتٍ خطيرة وغير صحية لجودة الهواء، وذلك مع استمرار تمدُّد الدخان المتصاعد من مئات حرائق الغابات المشتعلة في كندا إلى أجزاء مختلفة من الولايات المتحدة.
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية ضباباً يلف أجزاءً واسعة من الولايات المتحدة، الأربعاء، وسط تحذيرات متعلقة بجودة الهواء في أجزاء كبيرة من الشمال الشرقي والغرب الأوسط، وفقاً لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز".
وبحسب شبكة "CNN"، فقد امتدت أعمدة الدخان إلى العاصمة واشنطن، حيث بلغ مؤشر جودة الهواء 182، وهو مستوى "غير صحي".
أمَّا في فيلادلفيا، كبرى مدن ولاية بنسلفانيا، جاء مؤشر جودة الهواء باللون الأحمر، مما يعني أنَّ المجموعات الحساسة، كالأطفال، وكبار السن، والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي، يمكن أن تكون في خطر.
"هواء رديء"
وقال حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو إنَّ جميع مقاطعات الولاية البالغ عددها 67، تعاني من نوعية هواء رديئة بسبب حرائق الغابات المشتعلة في كندا، وفقاً لـ"CNN".
وأشار شابيرو إلى أنًّ سلطات الولاية تنسق مع إدارة حماية البيئة ووزارة الصحة، لوضع إرشادات لإعلام الناس بما يتوقعونه خلال الأيام المقبلة.
من ناحيتها، قالت وكالة حماية البيئة الأميركية إنه من المرجح أن تكون السماء ضبابية، وتنخفض الرؤية وتفوح رائحة حرق الأخشاب لبضعة أيام في الولايات الشمالية.
وأكد مدير الوكالة مايكل ريجان أنَّ الوكالة "تراقب عن كثب دخان حرائق الغابات الذي يؤثر على المجتمعات في جميع أنحاء البلاد". وأضاف: "نشجع الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق على التحقق من ظروف جودة الهواء واتخاذ خطوات لتقليل التعرض للدخان وحماية صحتهم".
وكانت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية حذّرت في توقعاتها، من أنَّ "مستوى الدخان المنخفض سيزداد في التركيز مع اقتراب فترة ما بعد الظهر وسط انخفاض كبير آخر من الشمال والغرب".
أرقام قياسية في نيويورك
بدورها، احتلَّت مدينة نيويورك، الأربعاء، المرتبة الرابعة بين المدن الكبرى في أنحاء العالم لأسوأ جودة هواء، وفقاً لما ذكرته شبكة "NBC News" الأميركية، نقلاً عن شركة مراقبة الهواء السويسرية "IQAir".
وأظلمت سماء المدينة مع اقتراب أعمدة الدخان من حرائق الغابات الكندية وحجبها لأشعة الشمس، مما أدّى إلى إغراق وسط مانهاتن في لون برتقالي ضبابي عميق، وتدهور جودة الهواء، إضافة إلى إلغاء بعض الرحلات الجوية، حسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وتجاوز مؤشر جودة الهواء في مدينة سيراكيوز بولاية نيويورك 400، وفقاً لموقع "AirNow" المختص بقياس جودة الهواء. وتعتبر المؤشرات فوق 100 "غير صحية" للتنفس، أما تلك التي تتخطى 300 فينظر إليها على أنها "خطرة".
وفي مقاطعتي "كوينز" و"برونكس"، تجاوز مؤشر جودة الهواء 200، بحسب "نيويورك تايمز".
وقال مفوض الصحة في مدينة نيويورك، أشوين فاسان، إنَّ جودة الهواء حالياً في المدينة هي الأسوأ منذ الستينيات، وذلك بحسب "نيويورك تايمز".
تحذيرات
وأوصت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكول بأن تلغي المؤسسات التعليمية في الولاية الأنشطة الخارجية.
كما نصحت الحاكمة السكان عبر حسابها على تويتر، بالبقاء في منازلهم، وقالت: "إذا استطعتم البقاء داخل منازلكم فافعلوا".
من جانبه، قال زاك إيسكول مفوض إدارة الطوارئ في نيويورك، إنَّ التحذيرات من جودة الهواء في المدينة ستبقى "سارية خلال الأيام القليلة المقبلة"، مضيفاً "نتوقع أن يكون هذا الحدث غير الطبيعي مستمراً لعدة أيام".
ووصف عمدة نيويورك إريك آدامز تنبيه جودة الهواء بأنه "حدث غير مسبوق في مدينتنا ويجب على سكان نيويورك اتخاذ الاحتياطات".
وفي هذه المرحلة، تظل مدارس مدينة نيويورك مفتوحة، لكن الطلاب سيتوقفون عن القيام بأي أنشطة خارجية خلال يومهم المدرسي.
وقال حاكم نيوجيرسي فيل مورفي، الأربعاء، إن جودة الهواء في الولاية "إما سيئة أو سيئة جداً، حسب مكان وجودك"، بحسب "CNN".
وأضاف: "نشجع الأطفال الصغار وكبار السن وأي شخص يعاني من مشاكل في الرئة على البقاء في الداخل".
وتعمل هيئة الطيران المدني على إبطاء حركة الطيران داخل وخارج مطار لاجوارديا بينويورك ونيوآرك بولاية نيوجيرسي بسبب ضعف الرؤية.
اشتعال الحرائق
كما أنَّ الأجواء الطقسية، التي تسبق عادة اشتعال الحرائق، تتطور في الولايات المتحدة، بحسب ما ذكره مركز التنبؤ بالعواصف التابع لدائرة الأرصاد الجوية الوطنية، الثلاثاء.
وقال المركز إنَّ "العواصف الرعدية الجافة"، وهي من مسببات الحرائق، يمكن أن تؤدي إلى حرائق في إقليم الأطلسي الأوسط الذي يضم ولايات نيويورك ونيوجيرسي وبنسلفانيا، وفقاً لـ"NBC News".
وبحسب الشبكة، قد تؤدي الظروف العاصفة إلى انتشار الحرائق وتجعل من الصعب السيطرة عليها.
وتشهد كندا منذ مايو الماضي حرائق اضطرت نحو عشرة آلاف من سكان مدينة كيبيك الساحلية لإخلاء منازلهم بعد أن اجتاحت حرائق الغابات المزيد من الأقاليم الكندية فيما يعد أحد أسوأ بدايات موسم حرائق الغابات.
وتم نشر القوات المسلحة الكندية في غرب البلاد منذ أوائل مايو، وجرى إرسال قوات إلى نوفا سكوشيا. وجاءت مساعدات أيضاً من الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، وجنوب إفريقيا.