مصر.. تدوير المخلفات بين المزايا الاقتصادية وعوائق التكلفة

time reading iconدقائق القراءة - 6
سيارة تنقل نفايات في أحد أحياء العاصمة المصرية القاهرة- 17 مارس 2023 - REUTERS
سيارة تنقل نفايات في أحد أحياء العاصمة المصرية القاهرة- 17 مارس 2023 - REUTERS
القاهرة-أمير فتحي

أظهر تقرير حكومي مصري صدر مؤخراً بشأن مؤشر الأداء البيئي في 180 دولة حول العالم أن مصر تتصدر الدول العربية في عملية إعادة تدوير المخلفات، فيما أشار إلى أن نفايات الطعام تشكل أكبر فئة من النفايات، وبلغت نحو 40% من الأغذية المنتجة.

وجاءت مصر في المرتبة الـ14 عالمياً والأولى عربياً من حيث معدلات إعادة التدوير لعام 2023، إذ تُعيد تدوير 80% من مخلفاتها من البلاستيك، علماً أن القاهرة وحدها تنتج قرابة 290 ألف طن من البلاستيك سنوياً.

وفي العام الماضي حلّت مصر في المرتبة الـ42 عالمياً في المؤشر المتعلق بإعادة التدوير.

وذكر التقرير المصري أن نفايات الطعام تُسهم بنحو 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، كما تُشكل المواد الجافة القابلة لإعادة التدوير مثل (البلاستيك، والورق، والكرتون، والمعادن، والزجاج) 38% من إجمالي النفايات العالمية، فيما يُنتج العالم حوالي 400 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنوياً، ويتم إلقاء ما بين 75 إلى 199 مليون طن من البلاستيك في مياه المحيطات.

فرص واعدة

تضم مصر 28 مصنعاً لإعادة التدوير، ما يعني أن أمامها فرصاً واعدة في هذا المجال، كما يجري العمل لزيادة العدد إلى 56 مصنعاً.

وعن تلك الفرص، قال مستشار مرفق البيئة العالمي مجدي علام لـ"الشرق" إن مصر أمامها فرص كبيرة للغاية في إعادة تدوير المخلفات، إذ يتم التعامل مع الموضوع من زاوية جديدة هي إعادة الشيء إلى أصله، من حيث استخدام المخلفات مرة أخرى.

وأضاف "لذلك نعيد استخدام البلاستيك والورق والصفيح والحديد والأخشاب والزجاج وإعادة استخدام كل تلك العناصر يخفف حجم المخلفات، فلدينا ما يقرب من 120 مليون طن إجمالي شاملة المخلفات الزراعية ومخلفات البلدية سنوياً، وهذا الحجم يُمثل خسارة كبيرة إذا أُلقي في المجهول دون إعادة تدويره.
 
وعلى صعيد آخر، يرى علام أن الأمر لا يخلو من معوقات، لافتاً إلى أن أبرزها يتمثل في التكلفة المرتفعة لعمل ما يعرف بمكب للنفايات والتي يطلق عليها "المدفن الصحي".

تنمية مستدامة

بدوره، اعتبر استشاري منظمة الصحة العالمية صابر عثمان أن عملية تدوير المخلفات ترتبط بالعديد من أهداف التنمية المستدامة، وعلى رأسها الهدف الخاص بالإنتاج والاستهلاك المستدام والعمل المناخي، إذ أن إعادة تدوير المخلفات تُساهم في تحقيق الإنتاج والاستهلاك المستدام، من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة استخدامها بالشكل الأمثل.

واعتبر عثمان أن إعادة التدوير تتصل بجهود العمل المناخي، إذ "يؤدي التخلص من المخلفات بطريقة عشوائية إلى حدوث التخمر اللاهوائي للمخلفات الصلبة والزراعية، وبالتالي إنتاج غاز الميثان الذي يُعد أحد غازات الاحتباس الحراري، ما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي".

وتابع "كما تساهم المخلفات في تفاقم الوضع بالنسبة للحياة تحت الماء، خاصة المخلفات البلاستيكية التي تؤدي إلى تدمير الحياة البحرية".

وعلى مستوى المعوقات، يتفق عثمان مع علام، إذ يرى أن نقص الوعي لدى معظم الأفراد أو عدم المعرفة بالوسائل التي يمكن من خلالها تحويل هذه المخلفات إلى أشياء نافعة وإقامة صناعات صغيرة، تُمثل إحدى العوائق التي تحول دون تحقق الفائدة المرجوة من عملية إعادة التدوير.

مزايا اقتصادية

التقرير الحكومي المصري يرى أن أهمية إعادة التدوير لا تقتصر على تحقيق الاستدامة البيئية فحسب، وإنما تبرز في تحقيق الاستدامة الاقتصادية، وتنطوي أيضاً عملية إعادة التدوير على جملة من المزايا الاقتصادية.

وتتمثل إحدى تلك المزايا في خفض تكلفة التخلص من النفايات، ودعم الاقتصاد والبيئة، إذ تسهم عملية إعادة التدوير في تقليل حجم النفايات، ومن ثم توفير الأموال اللازمة لطمر النفايات أو حرقها وتخصيص هذه الأموال لمشروعات أخري. 
  
كما من شأن إعادة التدوير توفير فرص عمل، وتشير التقديرات إلى أن حرق 10 آلاف طن من النفايات يوفر وظيفة واحدة، فيما يوفر دفن نفس الكمية 6 وظائف، وتسهم إعادة تدوير الكمية ذاتها في خلق 36 وظيفة، وتشير التقديرات أيضاً إلى أن زيادة معدلات التدوير الحالية بنسبة 75% ستخلق ما يقارب 3.2 مليون وظيفة بحلول 2030.

ويُعد ترشيد استهلاك الطاقة من المميزات الأساسية لإعادة التدوير، وفق التقرير الحكومي، إذ تسهم في تقليل الاعتماد على الطاقة اللازمة لإنتاج المواد الجديدة، خاصة أثناء عمليات التصنيع والتكرير والتعدين مما يؤدي إلى توفير الطاقة وتقليل التكاليف الإجمالية للإنتاج، فعلى سبيل المثال تُوفر إعادة تدوير علب الألومنيوم نحو 95% من الطاقة اللازمة لإنتاج ألومنيوم جديد من المواد الخام، كما توفر إعادة تدوير الزجاج نحو 50% من الطاقة اللازمة لتصنيع الزجاج من المواد الخام.

مخاطر محتملة

التقرير الحكومي يُبرز أيضاً مجموعة نقاط سلبية تُعرقل مباشرة "إعادة التدوير"، في مقدمتها المخاطر التي تتعلق بالسلامة والأمان، مثل التعرض للتسريبات الكيميائية، وحوادث التفجير الناتجة عن الغبار القابل للاشتعال، وارتفاع تكلفة إعادة التدوير، إذ يتعلق هذا الأمر بعدم توفر الخدمات اللازمة لإعادة التدوير أو ارتفاع تكلفتها المادية.

وبحسب التقرير، يُمثل انخفاض الطلب على المواد المُعاد تدويرها عائقاً، إذ ترى بعض الشركات أو الأفراد أن شراء المنتجات المعاد تدويرها يُماثل شراء المنتجات المستعملة، لكن بسعر كامل، وفي بعض الأحيان يكون سعر المواد المُعاد تدويرها أعلى من المواد الجديدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات