أضحى دمشق بلا أضاحي.. الأسعار أعلى من قدرة كثير من السوريين

time reading iconدقائق القراءة - 6
سوق لبيع المواشي في ريف حلب بسوريا، 27 أبريل 2022 - REUTERS
سوق لبيع المواشي في ريف حلب بسوريا، 27 أبريل 2022 - REUTERS
دمشق-الشرق

"لا أضحية هذا العام". هذا ما قرره الشاب السوري خليل عباس (34 عاماً) بشأن الشعيرة التي التزم فيها سنوياً في مثل هذه المناسبة على مدى عقدين كاملين؛ فأسعار الأضاحي في بلده سوريا سجّلت هذا العام ارتفاعاً كبيراً في ظل تدني مستوى الدخل.

كان خليل يتوقع أن يكون مبلغ مليون ليرة سورية (حوالي 111 دولاراً أميركياً) كافياً لشراء أضحية جيدة استعداداً للعيد؛ لكن عندما وصل إلى سوق الماشية، وجد أرخص أضحية لا يقل ثمنها عن ضعفي هذا المبلغ الذي أعده.

يقول خليل "كنت اتمنى أن أضحّي في العيد، لأنها شعيرة إسلامية، لكن ليس باليد حيلة؛ فالأوضاع غير مناسبة، وسعر الأضحية يعادل راتبي لمدة سنة كاملة. وهنا نتحدث عن أدنى سعر في الأسواق".

السوري معين الخير (42 عاماً)، الذي يعمل بأجر يومي ولديه أربعة أطفال، هو أيضاً اعتاد أن يذبح كبشاً ويوزع لحمه على الفقراء في عيد الأضحى من كل عام، ليكون "فداءً عنه وعن أولاده"؛ لكنه يشعر اليوم بغصّة كبيرة لعجزه عن التضحية في العيد.

يقول مُعين، الذي يدبّر بالكاد أمور عائلته المعيشية: "كنت أحرص على ذبح الأضاحي، حتى في أصعب الظروف التي مرّت بها البلاد؛ لكنّنا اليوم نشتهي شراء كيلوجرام من اللحم.. كان الله في عوننا، لا يمكن أن نقول غير ذلك".

وبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من 90% من السوريين يعانون الفقر، إذ يبلغ متوسط الرواتب نحو 120 ألف ليرة سورية، علماً بأن الدولار الواحد يساوي 9 آلاف ليرة، في حين يصل متوسط تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أفراد إلى أكثر من 5.6 مليون ليرة. أما الحد الأدنى للمعيشة، فقد وصل إلى 3.5 مليون ليرة، وفقاً لمؤشر "قاسيون" لتكاليف المعيشة.

العام الأسوأ

وانعكس ارتفاع أسعار الأضاحي وسوء الأحوال الاقتصادية في سورياـ على ممارسة السوريين لشعيرة النحر، أو التضحية، التي يقيمها المسلمون في أنحاء العالم في عيد الأضحى.

أبو عاصم، وهو صاحب أحد أقدم محال بيع اللحوم وأشهرها في دمشق، يقول إن "هذا العام هو الأسوأ في مصلحتنا بسبب الغلاء الفاحش". 

أضاف: "حتى البيع اليومي في الأيام العادية، انخفض من ستة رؤوس ماشية إلى واحد أو اثنين فقط... خلال هذه الأيام، وحدهم الميسورون هم من يدقون بابنا، ويوزّعون على الفقراء، ويبحثون عن الماشية الصغيرة من باب التوفير".

تدني الأجور

السوري عمر الزيبق، الذي عاد لتوه من بلد خليجي يقيم فيه لقضاء إجازته في بلده، كان له رأي آخر، حيث قال وهو واقف أمام أحد محال بيع الأضاحي في حي الميدان الدمشقي وسط العاصمة لانتقاء عدد من الأضاحي: "أسعار الماشية مقبولة وغير مرتفعة".

أضاف أن "رواتب الموظفين في سوريا هي المشكلة الأساسية، حيث انخفضت قيمتها مقابل ارتفاع في الدولار، مما أثر على القدرة الشرائية".

وفي سوق الزاهرة، أحد تجمعات بيع الأضاحي جنوب دمشق، قال أحد الزبائن، طالباً عدم نشر اسمه، إنه تقاسم مع إخوته الثلاثة وصهر العائلة تكلفة شراء كبش واحد للتضحية به في العيد، وتوزيعه على المحتاجين.

وأكدت رويدا العلي، وهي أم لستة أبناء من مدينة اللاذقية تعمل في مؤسسة حكومية، أنها لو جمعت مرتبها لمدة عام كامل (من العيد إلى العيد) فلن تستطيع جمع ثمن عجل، إلا كل خمس سنوات مرة.

وأضافت: "لو لم يرسل أولادي المغتربين ثمن الأضحية، لما استطعت تقديمها لهذا العام".

أسعار الأضاحي

ووفقاً لمحمود الحايك، أمين سر جمعية اللحامين، فإن سعر كيلوجرام الخراف الحيّة يتراوح اليوم بين 40 إلى 42 ألف ليرة سورية، "حيث من الممكن أن يصل سعر الكبش إلى المليونين ونصف المليون ليرة".

ويصل سعر الأضحية من العجول الحيّة إلى 12 مليون ليرة في حال كان وزنه متوسطاً عند حوالي 400 كيلوجرام، حيث يتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من العجول الحية بين 30-32 ألف ليرة. أما سعر الأضحية من الإبل الحيّة فيصل إلى 11 مليون ليرة، إذا كان وزنه متوسطاً عند 350 كيلوجراماً.

وأكد الحايك ضعف الإقبال على شراء الأضاحي هذا العام، مرجعاً السبب في ذلك إلى الغلاء وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين السوريين. وتوقع انخفاض الأسعار في خامس أيام عيد الأضحى بنسبة 33%.

وتوقع أمين سر جمعية اللحامين أيضاً ذبح 30-50 ألف كبش في محافظة دمشق خلال عيد الأضحى هذا العام، مبيناً أن الخراف التي كان يتم ذبحها عادة في السنوات السابقة كان عددها يصل إلى 200 ألف رأس من الخراف.

وأرجع الحايك ارتفاع أسعار الماشية إلى توقف 70% من المربين عن الخدمة في كافة قطاعات تربية اللحوم الحية، والتي تشمل الأغنام والأبقار والطيور والإبل. 

وقال إن تربية الماشية أصبحت تشكل "معاناة لمربيها"، بسبب غلاء الأعلاف والتكلفة التي يتحملونها لرعاية تلك الماشية، "مقارنة مع الجدوى الاقتصادية التي ينتظرونها من الاتجار بها".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات