المجلس العربي للمياه: 18 دولة عربية تحت خط الفقر المائي

time reading iconدقائق القراءة - 9
بقايا الملح في الأراضي الزراعية القاحلة بسبب نقص المياه في محافظة المثنى بالعراق. 11 أكتوبر 2022 - REUTERS
بقايا الملح في الأراضي الزراعية القاحلة بسبب نقص المياه في محافظة المثنى بالعراق. 11 أكتوبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

قال رئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد، إن الدول العربية من أكثر دول العالم فقراً في المياه، مشيراً إلى وصول نصيب الفرد في 18 دولة عربية إلى أقل من 1000 متر مكعب سنوياً، وهو خط الفقر المائي الذي وضعته الأمم المتحدة.

وأضاف أبو زيد، وهو وزير سابق للموار المائية والري في مصر، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن مصر تقع ضمن الدول التي تعاني فقراً مائياً إذ يبلغ نصيب الفرد فيها 650 متراً مكعباً في السنة، ومن المتوقع أن يقل عن 350 متراً مكعباً عام 2050.

وحذّر رئيس المجلس العربي للمياه، وهي منظمة إقليمية مستقلة تضم دول عربية عدّة، من الأخطار التي تُهدد الأمن المائي لمصر في المستقبل، أهمها الزيادة الكبيرة في عدد السكان مع ثبات حصتها من مياه النيل.

واعتبر أن أهم عامل يؤثر على حدة الفقر المائي في مصر هو الزيادة السكانية في ظل ثبات الحصة المائية من نهر النيل بموجب اتفاقية عام 1959، مشيراً إلى أن "هذه الحصة ثابتة منذ توقيع الاتفاقية، في حين أن عدد سكان مصر في ذلك الوقت كان حوالي 20 مليون نسمة مقابل أكثر من 105 ملايين حالياً".

ووقعت مصر والسودان اتفاقية لتقاسم مياه النيل في نوفمبر 1959، ويبلغ نصيب مصر من مياه النهر بموجبها 55 مليار متر مكعب سنوياً.

الأمن المائي

ورداً على سؤال بشأن إمكانية تعرض مصر لأزمة جفاف، قال أبوزيد، إن هذا يمكن أن يحدث لو لم يكن هناك تحرك لمواجهة تحديات نقص المياه، موضحاً: "وزارة الري المصرية لديها استراتيجيتان للتعامل مع العجز المائي، أول استراتيجية لسنة 2037 تشمل طرق مواجهة العجز المائي الذي يبلغ في الوقت الحالي حوالي 21 مليار متر مكعب، من خلال عدة برامج تعمل على تنفيذها".

وتابع: "الثانية هي استراتيجية 2050 التي تناقش بصفة عامة كيفية مواجهة الفقر المائي. الدولة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا العجز".  

وأشار أبوزيد إلى أنه "لا يمكن القول إننا سنواجه صعوبات أكبر إلا إذا لم نفعل شيئاً، لكن واضح من الأنشطة التي تنفذها وزارة الري والوزارات الأخرى أن هناك أنشطة هامة جداً لمواجهة هذا الفقر المائي".

ويرى أبو زيد أن إدراج قضية سد النهضة الذي تواصل إثيوبيا إنشاؤه وتقترب من الملء الرابع، وتأثيره على أمن مصر المائي بجدول أعمال القمة العربية التي عقدت في السعودية، في مايو الماضي، إضافة إلى وضعها على جدول أعمال القمم القادمة "مكسب كبير جداً".

وأشار إلى أن فكرة بناء سدود على نهر النيل قديمة، موضحاً: "كانت هناك اعتراضات من جانب بعض دول حوض النيل على تقاسم حصص مياه النيل بين مصر والسودان عام 1959، ولجأت إثيوبيا إلى الولايات المتحدة وطلبت إعداد دراسة كاملة لبناء سدود على نهر النيل، وانتهى الأمر وقتها إلى اقتراح إنشاء 16 سداً في إثيوبيا كان منها سد النهضة".

وعلى الرغم من إشارته إلى أن فكرة السد قديمة، إلا أنه قال إن الأمر "لم يكن بهذه الصورة. في البداية كان الاقتراح بسعة تخزينية 14 مليار متر مكعب، إثيوبيا لا تحتاج إلى تخزين 74 مليار متر مكعب وهي السعة التخزينية الحالية للسد، لكنها تقول إن تخزين هذه الكمية لتوليد الطاقة".

وتابع أنه لو أن السد بُنيَ بسعة تخزينية 14 مليار متر مكعب، كان سيوَّلد 60% من الطاقة التي سيتم توليدها بتخزين 74 مليار متر مكعب.

وعن وجود اتفاقات دولية تحكم تقسيم المياه بين الدول، أشار أبو زيد إلى الاتفاقية الإطارية لاستخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية والتي تم إقرارها عام 1997، قائلاً: "هناك بندان أساسيان في هذه الاتفاقية نأمل أن يطبَّقا، الأول هو الإخطار المسبق، ويعني موافقة الدول المشتركة في النهر على أي مشروع يتم إقامته على النهر، أما البند الثاني فهو ألّا يؤدي المشروع إلى آثار سلبية، وهذا البند موجود في اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015".

ووقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هايلي مريام ديسالين، والرئيس السوداني السابق عمر البشير، اتفاق إعلان مبادئ بالخرطوم، في مارس 2015 لحل النزاع بشأن مشروع سد النهضة. 

ويوفر الاتفاق إطاراً لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين الدول الثلاث في ما يتعلق بأسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي بعد انتهاء دراسات مشتركة قيد الإعداد.

شح المياه

رغم التحديات، يلمس أبو زيد توجهاً نحو الاستغلال الأمثل لمياه النيل بين دول الحوض، مثل المشروع الملاحي الذي يربط بين أعالي النيل ودول الجنوب والبحر المتوسط، والخاضع للدراسة الآن.

وقال إن هناك مساعي للاستغلال الأمثل لحوالي 1660 مليار متر مكعب من الأمطار تسقط على دول حوض النيل ولا يُستغل منها سوى 84 مليار متر مكعب هي حصة مصر والسودان.

وأشار إلى أن أكثر من 65% من الموارد المائية لدول عربية من بينها مصر تأتي من خارج حدودها وهذا يشكل تحدياً كبيراً.

ورداً على سؤال بشأن تأثر المشروعات الزراعية التي تنفذها الحكومة المصرية بالشح المائي، قال: "دون شك أي مشروع جديد يتم تنفيذه، يتم إعداد سياسة مائية له. كلها مشروعات محسوب لها الاحتياجات المائية الخاصة بها".

وعقد الرئيس المصري الثلاثاء، اجتماعاً مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، لاستعراض خطة الدولة لإحداث تغيير جذري في خريطة مصر الزراعية.

وأفاد بيان صادر عن الاجتماع، بأن الخطة تهدف "لاستصلاح ملايين الأفدنة في مختلف أنحاء مصر خلال فترة زمنية قصيرة، بما يتجاوز 3 ملايين فدان جديد ستتم إضافتها قريباً للرقعة الزراعية".

وتزيد هذه المساحة على ثلث كامل مساحة الأراضي الزراعية الموجودة في مصر بحسب ما أعلنه المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي للرئاسة.

ويعتمد مشروع توشكى بجنوب البلاد على مياه نهر النيل، بينما يعتمد مشروعا غرب الدلتا وسيناء على المياه الجوفية، أما مشروعات الدلتا الجديدة ومشروع 2.5 مليون فدان فتعتمد على مشروعات معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي، حسبما قال أبو زيد.

وأضاف أن مصر تملك 3 من أكبر مشروعات معالجة المياه في العالم، هي مشروع المحسمة بمحافظة الإسماعيلية، ومشروع بحر البقر بمحافظة الشرقية، ومشروع ترعة الحمام بمنطقة الضبعة في مطروح، موضحاً أن "كلها مشروعات توفر الاحتياجات المائية للمشروعات الجديدة".

وقال أبو زيد إن دولاً مثل الأردن والعراق وسوريا تواجه تحدياً كبيراً بسبب تأثر كميات المياه التي تصلها عبر سدود إسرائيل وتركيا.

وتابع: "هناك ما بين 7 و9 دول يقل نصيب الفرد فيها عن 500 متر مكعب سنوياً، منها الأردن التي يقل نصيب الفرد فيها عن 120 متراً مكعباً، وهناك بعض الدول العربية مهددة بالدخول في أزمات بسبب المياه نظراً لوجود أنهار مشتركة".

وأوضح: "تركيا أنشأت عدة سدود على الأنهار المشتركة مع العراق وأثرت بشكل كبير للغاية على حجم المياه الذي يصل للعراق، كان الاتفاق عندما أقامت تركيا سد أتاتورك على إعطاء العراق كمية معينة من المياه، لكن للأسف لم تحترم تركيا الاتفاق".

وأشار إلى وجود مفاوضات بين بغداد وأنقرة للوصول إلى اتفاق شامل يضمن تعويض جزء من المياه التي استقطعتها تركيا من حصة العراق من المياه.

ونظراً لعدم وجود موارد مياه كافية في الدول العربية، لجأ العديد منها إلى المياه الجوفية أو تحلية مياه البحر لتوفير احتياجاتها.

واعتبر أن أهم التحديات التي تواجه الدول العربية في مجال الأمن المائي هي التغيرات المناخية وتأثيرها على الموارد المائية، خاصة أن الطقس في غالبية الدول العربية جاف وحار، إضافة إلى ما تسببه هذه التغيرات من ارتفاع في منسوب سطح البحر وغمر بعض الأراضي، إلى جانب زيادة السكان وزيادة استهلاك المياه، بل والإسراف فيه.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات