تسببت سفينة الشحن العملاقة "إيفر غيفن" في إغلاق ممر قناة السويس، إحدى قنوات الشحن الرئيسية في العالم.
سفينة الشحن اليابانية، التي تشغلها شركة إيفرغرين مارين التايوانية، جنحت في القناة الثلاثاء الماضي، ما تسبب في إغلاق المجرى الملاحي عرضياً، بينما فشلت كل محاولات إعادة تعويمها حتى الآن.
وأدى جنوح السفينة، التي يبلغ وزنها 200 ألف طن، إلى ازدحام مروري لسفن الشحن التي تنتظر العبور، إذ كان هناك إجمالي 276 سفينة في انتظار فتح مجرى القناة حتى يوم السبت، وفقاً لشركة التزود بالخدمات اللوجسيتة في القناة "ليث أجينسيز".
كيف علقت السفينة؟
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أفادت بأن عملية مرور سفن الشحن عبر قناة السويس تعد عملية مخططة بعناية، لافتة إلى أن أكثر من 50 سفينة مرّت بها يومياً، منذ العام الماضي.
وعلى الرغم من أن التوسعة التي اكتملت في عام 2015 قدمت مسارين منفصلين للشحن لبعض أجزاء القناة، إلا إن المنطقة القريبة من خليج السويس التي علقت بها السفينة "إيفر غيفن" الثلاثاء هي مجرد ممر واحد بعرض 984 قدماً.
ولفتت الصحيفة إلى أن "إيفر غيفن" واحدة من أكبر السفن في العالم، إذ يبلغ عرضها 193 قدماً وطولها 1312 قدماً، وهو الحد الأقصى للطول المسموح به في القناة. وتعد أكبر حجماً من برج إيفل الفرنسي.
وتزامن مرور السفينة عبر قناة السويس، الثلاثاء الماضي، مع عاصفة رملية ورياح قوية، ما أدى إلى تحوّل الحاويات التي تحملها السفينة إلى ما يشبه شراعاً، جعلها تخرج عن مسارها، وفقاً لـ"واشنطن بوست".
ويبدو أن هذا الأمر تسبب في انحشار السفينة بشكل جانبي عبر القناة، مع ضغط مقدمتها على الجدار الشرقي للقناة، وتثبيت مؤخرتها في جدارها الغربي.
ويقوم مرشدو الملاحة المقيمون في السويس عادة، بتوجيه السفن عبر القناة. وقالت شركة Bernhard Schulte Shipmanagement، المسؤولة عن إدارة طاقم السفينة وصيانتها، إن مرشدين اثنين كانا على متنها خلال الحادث.
ما الذي يتم فعله لإخراجها؟
تم إحضار فرق من جميع أنحاء العالم لمحاولة معرفة كيفية تحريك السفينة. ومن المتوقع أن ينضم فريق من البحرية الأميركية إلى جهود تعويم السفينة في الأيام المقبلة.
وقالت "واشنطن بوست"، إن تقديرات المدة التي يمكن استغراقها لإتمام العملية تتباين، "لكنها تتراوح ما بين أيام وأسابيع".
وتعمل سفن القطر على محاولة نقل السفينة، بينما تحاول الجرافات تحريك الرمال والطمي في قاع القناة لتسهيل مسارها. وهناك أيضاً آمال في أن تعيد حركة المد في القناة، تعويم السفينة.
وتركز الجهود في الوقت الراهن على أعمال التكريك وتجريف الرمال والطمي تحت الماء. وقالت شركة الخدمات البحرية الهولندية "بوسكاليس" إن فرعها "سميت سالفاج"، من بين الشركات التي أرسلت سفن تجريف إلى مكان الحادث.
وقال راجي أسعد، الأستاذ في "جامعة مينيسوتا" الذي يتابع الاقتصاد المصري، لـ"واشنطن بوست"، إن المهمة "لن تكون سهلة".
وأضاف أسعد: "أعتقد أن جزءاً من المشكلة هو أن القناة ليست بهذا الاتساع، وبالتالي تصطدم السفينة فعلياً بالحافتين عندما تتحرك بشكل جانبي"، مضيفاً أن جوانب وقاعدة القناة عبارة عن "رمال ناعمة" تسمح للسفينة بأن تغوص فيها.
ومن دون وجود آلات ثقيلة متخصصة، قد تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً، وفقاً لـ"واشنطن بوست" التي قالت إن بعض الخبراء حذروا من أن إزالة الحمولة قد تؤدي إلى إتلاف السفينة أو عدم اتزانها، ما يزيد من غوصها في الرمال.
كيف يؤثر الجنوح على التجارة الدولية؟
الصحيفة الأميركية توقعت أن تزداد التداعيات السلبية على التجارة العالمية، وأن تكون أكثر إيلاماً، كلما طالت فترة إغلاق قناة السويس أو انسدادها جزئياً.
وحتى يوم الجمعة، تكدست أكثر من 200 سفينة في القناة أو بالقرب منها منتظرة العبور، بما في ذلك أكثر من 50 سفينة حاويات، و22 ناقلة للنفط الخام، و6 سفن تحمل مواشي. ويزيد العدد بشكل مطرد كل يوم مع وصول المزيد من السفن.
وذكرت مجلة "لويدز ليست" المعنية بأخبار الشحن، أنه في كل يوم تغلق فيه القناة تتأثر بضائع بقيمة تتجاوز 9 مليارات دولار، حسب ما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
وسيؤثر التأخير في إعادة فتح القناة على جداول التفريغ في موانئ وأرصفة عالمية، ما قد يؤخر وصول البضائع إلى المنتجين والموردين والمستهلكين.
كما أن السفن التي أُجبرت على اتخاذ طريق بديل حول إفريقيا ورأس الرجاء الصالح، تواجه تأخيرات طويلة، ما يضيف نحو 15 يوماً إلى رحلتها.
وأفادت صحيفة "فاينانشال تايمز"، الجمعة، أن بعض شركات الشحن أعربت عن قلقها بشأن تزايد مخاطر القرصنة على السفن التي يتم تغيير مسارها حول المناطق المضطربة مثل خليج عدن، وفقاً لمتحدث باسم الأسطول الخامس للبحرية الأميركية المتمركز في البحرين.