قمة كينيا للمناخ.. مساع إفريقية لقيادة إنتاج الطاقة الخضراء

time reading iconدقائق القراءة - 10
الرئيس الكيني ويليام روتو يتحدث مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي خلال قمة المناخ الإفريقية في نيروبي. 5 سبتمبر 2023 - AFP
الرئيس الكيني ويليام روتو يتحدث مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي خلال قمة المناخ الإفريقية في نيروبي. 5 سبتمبر 2023 - AFP
دبي-وكالات

دعا الرئيس الكيني ويليام روتو، الذي تحتضن بلاده قمة المناخ الإفريقية، إلى أن تضع القارة الإفريقية نفسها في مقدمة المصادر المحتملة للطاقة الخضراء، فيما تسعى هذه القمة إلى حشد التمويل اللازم للتعامل مع تغير المناخ.

وبينما اجتمع القادة في نيروبي لحضور أول قمة للمناخ في إفريقيا، يهدف الرئيس الكيني إلى أن تضع القارة الإفريقية نفسها في مقدمة المصادر المحتملة للطاقة الخضراء، بدلاً من التحسر على حقيقة أنها لا تساهم إلا بقدر ضئيل للغاية من انبعاثات الغازات الدفيئة فيما تعاني بشكل كبير من عواقب الاحتباس الحراري العالمي.

وبحسب "بلومبرغ"، يقدم الرئيس الكيني نفسه بشكل متزايد على أنه "بطل المناخ" في إفريقيا. وبالإضافة إلى عقد قمة نيروبي، أمضى روتو (56 عاماً) عامه الأول في منصبه في الترويج لمؤهلات كينيا الخضراء، إذ أن 92% من طاقتها تأتي من مصادر متجددة، وحض الزعماء الأفارقة الآخرين على التخلي عن الوقود الأحفوري. 

كما دعا أيضاً إلى إصلاح النظام المالي العالمي، لتوفير الأموال اللازمة لتمويل المرونة المناخية، وبدأ هذا العام حملة من أجل حصول إفريقيا على المزيد من الأموال من الأسواق المالية الداعمة للمناخ. 

وقال روتو في كلمته الافتتاحية للمنتدى: "إننا نتحمل وطأة الأزمة على الرغم من مساهمتنا الأقل في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكننا اخترنا أن نتصدر من خلال طرح حلول تدعم أيضاً التنمية في جميع أنحاء قارتنا".

ولن يكون من السهل على الدول الإفريقية الأخرى أن تحذو حذو روتو، إذ تنعم كينيا بموارد وافرة من الطاقة الحرارية الأرضية، ولديها القليل من احتياطيات الوقود الأحفوري، على عكس الاقتصادات المعتمدة على النفط في نيجيريا وأنجولا، ومنتجي الغاز الناشئين، موزمبيق والسنغال.

أهداف طموحة

وتحدد مسودة الإعلان المزمع صدوره عن القمة أهدافاً طموحة لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة، والحث على مسار أخضر للتنمية الاقتصادية للقارة.

وتسلط مسودة "إعلان نيروبي" التي ما زالت قيد التفاوض، الضوء على "قدرة إفريقيا الفريدة لتكون جزءاً أساسياً من الحل". وتشير إلى إمكانات الطاقة المتجددة الهائلة في المنطقة، وقوتها العاملة الشابة وثرواتها الطبيعية، بما في ذلك 40% من احتياطيات العالم من "كوبالت" و"المنجنيز" و"البلاتين"، وكلها مواد ضرورية للبطاريات والهيدروجين.

لكن التحديات هائلة بالنسبة للقارة، حيث ما زال نحو 500 مليون شخص محرومين من الكهرباء، فيما يركز القادة الأفارقة على العقبات المالية الكبيرة.

ومع ذلك، فإن إفريقيا التي تمتلك 60% من إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، لا تزيد قدراتها في هذا المجال تساوي ما هو متوافر في بلجيكا.

وبينما يدفع روتو الدول الإفريقية إلى التطلع نحو شراكات في مجال الطاقة، بدلاً من مجرد المساعدات، فإن القارة تعاني من نقص شديد في التمويل المناخي الذي تحتاجه. وأدى هذا إلى مناقشات مستمرة بين الدول الأكثر ثراءً والدول الفقيرة في محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة، ومن المرجح أن يتم إثارة هذا الجدل مرة أخرى في محادثات المناخ "COP28" في الإمارات العربية المتحدة في وقت لاحق من هذا العام.

100 مليار دولار

وتشير تقديرات أصدرها المركز العالمي للتكيف، الثلاثاء، إلى أن القارة تحتاج إلى زيادة تصل إلى عشرة أضعاف في تمويل التكيف مع المناخ، ليصل إلى 100 مليار دولار سنوياً لدعم بنيتها التحتية وحماية زراعتها من تغير المناخ. 

وأقر وزير الأراضي والموارد الطبيعية في غانا، صامويل جينابور، أن إفريقيا بحاجة إلى التحول نحو أنظمة الطاقة والنقل العام الأكثر مراعاة للبيئة، ولكن ليست كل دولة مستعدة مالياً. وقال: "كل هذا يكلف أموالاً". 

وحتى الآن، لم تحترم الاقتصادات المتقدمة بشكل كامل تعهدها بتزويد العالم النامي بمبلغ 100 مليار دولار في تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2020، وهو الوعد الذي قطعته على نفسها في اجتماع مؤتمر الأطراف في كوبنهاجن في عام 2009. 

وقال جينابور إن مجموعة المساهمين الآن يجب أن تكون أوسع، ويجب أن تشمل الصين، أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم. وقال: "يجب عليهم أن يفعلوا المزيد، ولكن ليس الصين فقط". 

وأضاف جينابور، في إشارة إلى مجموعة اقتصادات الأسواق الناشئة الكبيرة: "أعتقد أن مجموعة بريكس، جميعها، يجب أن تلعب دوراً في تعبئة التمويل اللازم لدعم وتعزيز العمل المناخي، وخاصة العمل المناخي لأنه يتعلق حصرياً بإفريقيا".

وتضخ ألمانيا وهولندا الأموال لتطوير الهيدروجين الأخضر في القارة، إذ تتطلع أوروبا إلى تنويع مصادر الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. 

وقال باربل كوفلر، وزير الدولة للتعاون الاقتصادي الألماني، إنها علامة إيجابية على أن إفريقيا التي تعاني بشدة من تغير المناخ؛ تظهر مبادرة جادة في تقديم حلول لأزمة الاحتباس الحراري. وأضاف: "هذا شيء جديد ونأمل أن يدفع مؤتمر الأطراف في اتجاه إيجابي".

الإمارات تتعهد بـ4.5 مليار دولار

إلى ذلك، تعهّدت الإمارات، الثلاثاء، باستثمار 4.5 مليار دولار في الطاقة النظيفة في إفريقيا. وقال سلطان الجابر رئيس مؤتمر "كوب 28": "سنخصص 4.5 مليار دولار لبدء مجموعة من مشاريع الطاقة النظيفة في هذه القارة المهمة جداً".

وأوضح أن هذه الاستثمارات تهدف إلى "إنتاج 15 جيجاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030"، محذراً من أنه "إذا خسرت إفريقيا، سنخسر جميعاً".

وتستضيف الإمارات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 28" نهاية العام الجاري.

وقالت رئاسة المؤتمر في بيان، إن شركة "مصدر" للطاقة النظيفة في أبو ظبي، و"صندوق أبو ظبي للتنمية"، و"الاتحاد لائتمان الصادرات"، وهي وكالة ائتمان الصادرات في البلاد، وشركة "أيميا باور" (AMEA Power)، وهي شركة للطاقة المتجددة مقرها دبي، ستقدم هذه الأموال.

وبينما تنتج القارة نحو 4% فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، فإن دولها من بين الأكثر تضرراً من تغير المناخ. ورغم غناها بالموارد الطبيعية، فإن 3% فقط من استثمارات الطاقة في العالم تتم في إفريقيا.

وتعتزم الدول الإفريقية الضغط على وجه الخصوص خلال مؤتمر "كوب 28" من أجل زيادة حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، وقد يطلق هذا العنان لتمويل مناخي بقيمة 500 مليار دولار.

دعم القارة الإفريقية

من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش العالم إلى جعل إفريقيا "قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة".

وقال جوتيريش خلال كلمة ألقاها أمام القمة: "قد تكون الطاقات المتجددة معجزة لإفريقيا، لذا يجب أن نعمل معاً حتى تصبح إفريقيا قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة"، داعياً قادة مجموعة العشرين الذين سيجتمعون نهاية هذا الأسبوع في الهند، إلى "تحمّل مسؤولياتهم" في مكافحة تغير المناخ.

ومن جهته، أعرب المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري عن أمله في أن "تتقارب واشنطن وبكين" خلال المفاوضات المقبلة لمكافحة احترار المناخ، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش القمة الإفريقية الأولى للمناخ.

وقال: "آمل بأن تتمكن الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، وأكبر مسببين للانبعاثات في العالم، من التقارب"، مذكراً بأن احترار المناخ ليس موضوعاً "ثنائياً" بل إنه "تهديد عالمي للكوكب".

عبء الديون

وسيكون التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية أمراً بالغ الأهمية من أجل الحفاظ على هدف اتفاق باريس؛ المتمثل في حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، و1.5 درجة مئوية إذا أمكن.

ومن أجل تحقيق ذلك، تقول الوكالة الدولية للطاقة إن الاستثمارات في الطاقة النظيفة يجب أن تصل إلى تريليوني دولار سنوياً في غضون عقد، أي بزيادة 8 أضعاف.

كما دعا المتحدثون في القمة الإفريقية إلى إصلاح الهيكليات المالية العالمية لتتماشى مع الأهداف المناخية.

وفي سياق متصل، اجتذبت مبادرة أسواق الكربون الإفريقية تعهدات بمئات الملايين من الدولارات خلال قمة نيروبي.

وتستطيع الشركات شراء أرصدة الكربون، وفقاً للمبادرة التي أطلق في مؤتمر "كوب 27" الذي استضافته مصر العام الماضي، لتعويض الانبعاثات التي لا تستطيع خفضها من عملياتها الخاصة للمساعدة في تحقيق الأهداف المناخية.

وتضم إفريقيا، البالغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة، 54 دولة تتسم بالتنوع السياسي والاقتصادي، كما أنها موطن لبعض السكان الأكثر تأثراً بتبعات التغير المناخ.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات