قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، الخميس، إنه كان من الممكن تجنب سقوط ضحايا في فيضانات ليبيا "لو كان لدى الدولة المنقسمة هيئة أرصاد جوية قادرة على إصدار التحذيرات". وتعاني ليبيا من الانقسامات بسبب الصراع والفوضى منذ 12 عاماً.
وأودت سيول وفيضانات كارثية بحياة الآلاف في مدينة درنة بشرق ليبيا، وجرفت في طريقها أحياء بأكملها، بمن فيها من الأحياء، وقذفت بالجثث في البحر. ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين.
واجتاحت العاصفة العاتية "دانيال"، ليبيا، في مطلع الأسبوع، بعد أن ضربت دولاً أخرى في حوض البحر المتوسط، وحملت معها كميات قياسية من الأمطار لدى وصولها لليابسة.
وملأت مياه الأمطار وادي نهر موسمي عادة ما يكون جافا في التلال جنوبي درنة. لكن ضغط منسوب المياه كان أكبر من قدرة سدين، بنيا لحماية المدينة من الفيضانات، على التحمل. وانهار السدان مما أطلق العنان لسيل هائل اجتاح المدينة.
تحذيرات مسبقة
وفي ورقة بحثية نشرها العام الماضي، حذر عبد الونيس عاشور، الخبير في علوم المياه بجامعة "عمر المختار" من أن تكرار السيول في الوادي يشكل تهديداً لدرنة ودلل على ذلك بوقوع خمسة سيول منذ عام 1942، ودعا لاتخاذ خطوات عاجلة لضمان الصيانة الدورية للسدين.
ومحت الكارثة، أجزاءً كبيرة من درنة، ويقدر بعض المسؤولين مساحة المنطقة التي مُحيت بأنها ربع المدينة أو أكثر. وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إن 30 ألف شخص على الأقل شُردوا.
وتقع المناطق والأحياء الأكثر تضرراً على ضفتي وادي النهر الموسمي الذي يمر عبر وسط المدينة.
ودُمرت الحواجز الترابية على الضفتين بالأحياء المقامة فوقها دماراً تاماً، أو جرفتها المياه بالكامل. كما تعرضت البنية التحتية لدمار واسع بما في ذلك الجسور.
واقتلعت مياه الفيضانات والسيول أشجاراً من جذورها وحطمت مئات السيارات التي تناثرت متقلبة على جوانبها أو أسقفها. وشاهد صحافيون من "رويترز" سيارة معلقة في شرفة الطابق الثاني لإحدى البنايات. وغطى الطمي والطين أغلب المدينة.
كما تسببت الكارثة في انقطاع الكهرباء والمياه. وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأربعاء، عودة الكهرباء جزئياً في المناطق المتضررة مع بعض خدمات الإنترنت.
وتباينت الأعداد التي ذكرها مسؤولون ليبيون عن عدد الضحايا والمفقودين لكن كل التقديرات كانت بالآلاف. وفي أكبر تقدير للحصيلة حتى الآن، قال رئيس بلدية درنة، عبد المنعم الغيثي، إن عدد الضحايا قد يتراوح بين 18 ألفاً و20 ألفاً بالنظر لعدد الأحياء التي ضربتها الكارثة.
أضرار هائلة
وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا، هشام أبو شكيوات، إن أكثر من 5300 شخص لقوا مصرعهم هناك حتى الآن، لكن العدد قد يرتفع بقوة وقد يصل للضعف.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن التقديرات حالياً تفوق ألفي ضحية و5 آلاف مفقود على الأقل. وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الثلاثاء الماضي، إنه يعتقد أن عدد المفقودين يصل إلى نحو 10 آلاف.
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية شملت الطرق والجسور مما أعاق بشدة جهود الإغاثة في ظل تعرض الجسور الثلاثة الرئيسية في درنة للدمار.
ووجه منقذون نداءات مطالبين بتوفير المزيد من أكياس حفظ الجثث. وعبر الغيثي عن مخاوفه من تفشي أمراض وبائية بسبب العدد الكبير من الجثث التي لم يتم انتشالها بعد.
وقال مسؤولون ليبيون، إن البلاد لم تواجه أبداً كارثة بهذا الحجم. لكن جهود الاستجابة والإغاثة تعقدت بصورة أشد بسبب المشهد السياسي المنقسم في البلاد.
اقرأ أيضاً: