هل يصمد الاقتصاد العالمي أمام اختبار التصعيد العسكري في غزة؟

خبراء يرجحون ارتفاع أسعار النفط في حال توسّع الصراع في الشرق الأوسط

time reading iconدقائق القراءة - 6
دبابات إسرائيلية تتمركز قرب الحدود مع لبنان. 15 أكتوبر 2023 - AFP
دبابات إسرائيلية تتمركز قرب الحدود مع لبنان. 15 أكتوبر 2023 - AFP
دبي/ واشنطن-رويترزالشرق

بينما تواصل إسرائيل الاستعداد لاجتياحٍ بري لقطاع غزة، تتزايد التحذيرات الاقتصادية من مغبة توسع الصراع في الشرق الأوسط، ودخوله مستويات أخطر من التصعيد، ما يضع الأسواق العالمية في حالة صدمة وترقب لما ستؤول إليه الحرب من تداعيات.

وحذر وزراء مالية ومسؤولون وخبراء من أن شبح اندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط "يشكل تهديداً جديداً للاقتصاد العالمي"، بعد تفاقم المواجهات العسكرية بين حركة حماس في غزة والجيش الإسرائيلي، وسط ترقب لمعرفة ما إذا كان هذا التصعيد سيجذب دولاً أخرى ويرفع أسعار النفط.

ورغم ما بدا من تعافي العالم من الصدمات الناجمة عن فيروس كورونا "كوفيد-19" والحرب في أوكرانيا، إلا أن التطورات الأخيرة تضع المزيد من الأعباء على كاهل الاقتصاد العالمي، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

تداعيات اقتصادية كبيرة

وقال وزراء ومسؤولون، في ختام اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالمغرب، السبت، إن اتساع نطاق التوترات في المنطقة ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة.

وتزامنت الاجتماعات، التي تُعقد بشكل نصف سنوي، مع إعلان إسرائيل الحرب على حركة "حماس" وشنّها قصفاً عنيفاً على قطاع غزة، رداً على هجمات نوعية وغير مسبوقة نفذتها حماس، وفصائل فلسطينية أخرى، في 7 أكتوبر الجاري.

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير للصحيفة: "إذا واجهنا أي تصعيد في الصراع، أو امتداده إلى المنطقة بأكملها؛ فسنواجه عواقب وخيمة"، مضيفاً أن المخاطر تتراوح بين ارتفاع أسعار الطاقة و"تراجع الثقة". 

وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من "سحابة جديدة تخيّم على الآفاق القاتمة للاقتصاد العالمي"، ما يعكس المخاوف من أن تكون آفاق الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط "قاتمة". 

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وصف الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورجان" الأميركي جيمي ديمون الوقت الراهن بأنه "أخطر فترة يشهدها العالم منذ عقود". 

وكان مسؤولون قد أعربوا، قبل هذه الاجتماعات، عن ارتياحهم إزاء نجاح البنوك المركزية في السيطرة على التضخم دون الدخول في حالة ركود تام، وتجنب المخاطر التي أشار إليها صندوق النقد الدولي في أبريل، عندما تحدث عن مواجهة الاقتصاد العالمي لـ"هبوط صعب" محتمل. 

وقال مدير إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي بيير-أوليفييه جورينشا، قبل اجتماعات المغرب، إن البنوك المركزية عملت على ما يبدو على تشديد السياسات النقدية، ووقف نمو الائتمان، وتهدئة سوق العمل دون مبالغة.

ولكن مع اجتماع الوفود، تضاءل التفاؤل مع اندماج التداعيات الأوسع نطاقاً الناجمة عن الحرب بين إسرائيل و"حماس"، مع القلق بشأن نقاط الضعف الدائمة في الاقتصاد العالمي.

ويشير تحليل صندوق النقد الدولي إلى تراجع اتجاهات النمو على المدى الطويل، بينما تواجه الاقتصادات صعوبة في زيادة معدلات الإنتاج، وتتزايد الحواجز التي تحول دون حرية التجارة في ظل تفاقم التوترات السياسية، ويتصاعد الدين العام في مختلف أنحاء العالم.

ويرى مسؤولون أن الخطر الاقتصادي الرئيسي الناجم عن أحداث 7 أكتوبر يتمثل في تصاعد القتال في إسرائيل وغزة، وتحوّله إلى صراع إقليمي أوسع نطاقاً. وأوضحوا أن ذلك لن يؤثر في الثقة فحسب؛ بل سيؤدي أيضاً إلى زيادة كبيرة جديدة في التضخم لدى الاقتصادات التي بدأت للتو في التعافي من سلسلة من صدمات الأسعار.

ارتفاع أسعار النفط

ويعتقد صندوق النقد الدولي أن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 10% سيؤدي إلى زيادة التضخم العالمي بنحو 0.4%. وقالت النائب الأول لمدير عام الصندوق  جيتا جوبيناث إن العالم يواجه "عدداً كبيراً من الصدمات"، بما في ذلك الصراع في الشرق الأوسط وآثاره المحتملة على أسعار الطاقة. 

وقال رئيس مجموعة اليورو باشال دونوهو، لـ"فاينانشيال تايمز"، إن المسألة الأهم تكمن في ما إذا كان الصراع سيكون له تأثير في توقعات التضخم، وتخفيض الضغوط على الأسعار في عام 2024. 

وتوقع دونوهو أن تواصل أوروبا تحقيق النمو مع استمرار الصراع، "لكن بوتيرة أقل مما كان يأمل".

مستقبل الصراع ورد فعل السوق

ويقول كبير الباحثين في برنامج "أمن الطاقة وتغير المناخ" بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بن كاهيل: "يبدو أننا نتجه نحو غزو بري واسع النطاق لغزة وخسائر كبيرة في الأرواح.. في أي وقت ينفجر صراع بهذا الحجم، سيكون هناك رد فعل من السوق".

وعلى مدى الأسبوع الماضي، ظهر تأثير المخاوف المتعلقة بالصراع في أسعار الأصول، مما ساهم في تراجع الأسهم، الجمعة، وتراجع المؤشر ستاندرد آند بورز الأميركي 0.5%.

أما أصول "الملاذ الآمن"، فقد شهدت موجات شراء؛ فصعد الذهب أكثر من 3%، الجمعة، ولامس الدولار الأميركي أعلى مستوى في أسبوع.

وقفزت أسعار النفط نحو 6%، الجمعة، مع تحسب المستثمرين لتأثير الصراع على الإمدادات من الدول المجاورة في أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم.

وقال كبير الاقتصاديين في شركة "أكشن إيكونوميكس" في ولاية كولورادو مايكل إنجلوند: "إذا اتضح أن الصراع يتوسع، فإن أسعار النفط سترتفع أكثر".

ورجح كبير خبراء الاقتصاد الدولي في مجموعة "إيكونوميك آوتلوك" في ولاية نيوجيرسي برنارد بومول أن يتسبب اتساع رقعة الصراع أيضاً في ارتفاع التضخم، ومن ثم تسارع وتيرة عمليات رفع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم. لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة "قد تكون الاستثناء من هذا السيناريو؛ لأن المستثمرين الأجانب سيضخون رؤوس أموالهم في ما يعتبرونه ملاذاً آمناً في أثناء الصراعات العالمية".

وقال: "أسعار الفائدة قد تنخفض.. ونتوقع أن يرتفع الدولار".

ويمكن أيضاً أن تتأثر أنواع الوقود الأخرى في ظل التطورات الحالية؛ فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "شيفرون" وقف صادرات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب رئيسي يمر تحت البحر بين إسرائيل ومصر.

وقال بن كاهيل: "الخطر الأكبر على سوق النفط أن يجذب هذا الصراع دولاً مجاورة".

واستبعد محللون أن يكون لارتفاع أسعار النفط تأثير كبير على أسعار الغاز في الولايات المتحدة، أو إنفاق المستهلكين.

وقال إنجلوند: "من غير المرجح أن يشعر المستهلك بتأثير كبير على أسعار الغاز في أي وقت قريب".

تصنيفات

قصص قد تهمك