كشفت دراسة حديثة، أن عمليات تعدين عملة "بيتكوين" الإلكترونية المشفرة في الصين، ستؤدي إلى تقويض جهود البلاد في مكافحة تغير المناخ، وذلك بسبب الاستهلاك الهائل للطاقة الذي تستلزمه أنشطة التعدين وما ينجم عن ذلك من انبعاثات للكربون.
وأوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" البريطانية، هذا الأسبوع، أنه من المتوقع أن يصل استهلاك الطاقة من أنشطة تعدين "بيتكوين" في الصين، وهي الدولة التي تمثل أكثر من 75% من عمليات نظام "سلسلة الكتل" (blockchain)، الذي يسجل جميع المعاملات، على مستوى العالم منذ أبريل 2020، إلى الذروة في عام 2024 عند نحو 297 تيراواط / ساعة، وهو ما ينتج 130 مليون طن متري من انبعاثات الكربون.
استهلاك يعادل دول
وأوضحت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة كورنيل وجامعة تسينغهوا وجامعة سوري، أن استهلاك الصين للطاقة من تعدين البيتكوين في عام 2024 سيتجاوز المستوى الإجمالي لاستهلاك الطاقة لدول مثل إيطاليا والمملكة العربية السعودية، وستتجاوز انبعاثات الكربون مخرجات انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري السنوية لبلدان، بما في ذلك هولندا وإسبانيا وجمهورية التشيك.
وتتم معالجة "بيتكوين" من قبل أشخاص يطلق عليهم اسم "عمال التعدين" في عملية تشفير معقدة تستخدم مجموعة واسعة من أجهزة الكمبيوتر ذات الإمكانيات الخاصة، ويحتاجون إلى كميات هائلة من الطاقة للتشغيل.
ارتفاع هائل
واكتسبت العملات المشفرة مزيداً من الاهتمام في الأشهر القليلة الماضية، حيث ارتفع سعر البيتكوين نحو 8 أضعاف في العام الماضي، وتجاوز مجمع التشفير بالكامل مؤخراً تريليوني دولار من القيمة السوقية.
ويزيد ذلك من الحوافز لتعدين البيتكوين واستخدامها، على الرغم من أن أجهزة التعدين تطلق انبعاثات كربونية كبيرة.
ونظراً لأن الصين لديها طاقة أرخص ومعدلات ضرائب أقل وتوفر محطات كثيرة للغاية تعمل بالفحم والطاقة الكهرومائية، فقد أصبحت واحدة من أكثر الوجهات المرغوبة لتعدين البيتكوين.
ووجد الباحثون أن سياسات تنظيم المواقع الفردية قد تكون أكثر فاعلية في الحد من الانبعاثات في الصناعة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إحداث تغييرات في هيكل استهلاك الطاقة لأنشطة التعدين، مقارنةً بسياسة ضريبة الكربون العقابية الأكثر شيوعاً اليوم.
الحياد الكربوني
وكجزء من الالتزام باتفاقية باريس لمكافحة الاحتباس الحراري، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تصل الصين إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 ثم مرحلة الحياد الكربوني بحلول عام 2060. ومنذ ذلك الحين، أعلنت قطاعات مختلفة في الصين أنها ستضع "خرائط طريق" للوصول إلى الحياد الكربوني.
ومع ذلك، فإن تشغيل سلاسل "بلوك تشين" غير مدرج كقسم مستقل لانبعاثات الكربون في الصين، ما "يضيف صعوبة لواضعي السياسات لمراقبة السلوكيات الفعلية لصناعة البيتكوين وتصميم سياسات جيدة التوجيه"، وفقاً للباحثين.
وقال الباحثون: "بدون تدخلات مناسبة وسياسات مجدية، يمكن أن تنمو عملية "بلوك تشين" المكثفة للبيتكوين في الصين بسرعة كتهديد يمكن أن يقوض جهود الحد من الانبعاثات الجارية في البلاد".