روت الأسيرة المحررة شروق دويات تفاصيل الساعات الأخيرة من 8 سنوات قضتها داخل السجون الإسرائيلية في مقابلة مع "الشرق"، قائلة إن جميع المفرج عنهن لم يكن لديهن أي تواصل مع الخارج، ولم يتم إبلاغهن بقرار خروجهن إلا في نفس اليوم، وأنه "جرى التلاعب بأعصابنا حتى اللحظة الأخيرة"، مشددة في الوقت نفسه على أن سعادتها بالحرية "ممزوجة بالألم" جرّاء الحرب في غزة.
واسترجعت شروق التي كانت تواجه حكماً بالسجن لمدة 16 عاماً لحظات اعتقالها، قائلة إنها دخلت السجن مصابة بثلاث رصاصات، على أيدي أحد المستوطنين، لافتة إلى أنه تم علاجها في المستشفى لمدة 3 أيام فقط بدعوى أنها رفضت تلقيه، وشكت الإهمال.
وأضافت ابنة بلدة "صور باهر" في مدينة القدس: "عندما نقلوني إلى السجن تعاملوا معي بدون أي خصوصية، ودون أي اعتبار لكوني مصابة، وإذا توجعت يعطونني حبة مسكن، كأن رأسي توجعني، ولست مصابة بثلاث رصاصات".
وتابعت: "مع ذلك تحديت الإصابة وكل هذه الصعوبات، وقدرت أقف على رجلي من أول وجديد الحمد لله، والإصابة ما أثرت بي، الشيء اللي ما يكسرك يقويك".
فرحة ممزوجة بالألم
ووصفت شروق مشاعر الإفراج عنها بقولها: "لا أصدق أنني بين أهلي وفي داري، صراحةً أشعر بصدمة وكأنني في حلم، فرحانة، لأن لحظة الحرية من أجمل اللحظات، لكن في نفس الوقت، توجد غصة كبيرة وألم في القلب، فرحة ممزوجة بالألم، خصوصاً الأوضاع التي تصير في غزة، إن شاء الله ربنا يرحم شهداءنا ويتقبلهم، وتتوقف الحرب".
وأضافت: "تركت أيضاً أسيرات وأسرى خلفي في السجون، هذا شيء صعب كثيراً، يشعر الإنسان بقيمة الحرية عندما يفقدها، وأنا أعرف معنى أن يفقد الإنسان حريته، أعرف ما يشعرون به الآن، الوضع في السجن صعب".
هجوم السابع من أكتوبر
وذكرت شروق أن سلطات السجون مارست على المعتقلات "هجمة ممنهجة وشرسة" عقب هجوم السابع من أكتوبر، منبهة إلى أنه "تم اقتحام السجن وعزل بعض الأسيرات، لم يعاملونا بخصوصية كنساء، ورشونا بالغاز، وسحبوا أدوات المطبخ التي كانت بدائية جداً وبسيطة في الأساس".
وواصلت حديثها: "الوضع كان جداً صعب، لكن بالرغم من ذلك، كنا نحن الأسيرات نقوي بعضنا، وأتمنى من كل قلبي أن يعطي الله كل الأسرى والأسيرات الحرية، لأنه ليس هناك أجمل من لحظة الحرية". وتابعت: "أرجع أحكي عن أهل غزة، ربنا يصبرهم، والله يرحم الشهداء".
حرمان من الأخ
وذكرت شروق أن "الاحتلال حرمني أيضاً من رؤية أخي خلال 8 سنوات، بحجة أنه كان أسيراً أمنياً سابقاً، رغم أن هذا من سنوات".
ولفتت إلى أن زيارات أهلها لها "كانت تتم عبر الزجاج لمدة 45 دقيقة فقط". مضيفة أنها بمجرد سماعها عن صفقة لخروجها من السجن "فكرت أول شيء أني أريد تعويض أهلي عن كل الأيام التي بعدتها عنهم، وبدي أحقق طموحاتي وأهدافي وما في شيء راح يوقفني".
وشددت على أن "الحكم كان جائراً وطبعاً كان وهمياً"، منبهة أن "مشوار السجن مستحيل يكتمل بدون عائلة في الخارج تسندك. كنت أقوى بعائلتي، وخلال سنوات الأسر قدرنا ننجز ونحصل على البكالوريوس، وطبعاً راح أكمل مشواري التعليمي، ما في نهاية لشروق، ما في حد لشروق. أنا راح أكمل مشواري التعليمي حتى أبعد الحدود".
اللحظات الأخيرة
وتحدثت شروق عن اللحظات الأخيرة قبل خروج الأسيرات من السجن، قائلة إنه "لم يكن هناك أي تواصل مع الخارج"، لافتة إلى أن "البنت المقرر خروجها يأتون (الجنود) ليحكوا لها في نفس اليوم، لا يتم إعطاؤها وقتاً لتجهيز نفسها"، القوات تأتي كأن هناك "قمعة مش ترويحة".
وواصلت حديثها: "بيكونوا كتير مستنفرين عن الشيء اللي بيصير، بيحكوا لفلانة يلا ترويحة، بيكلبشوها ويطلعوها، وطوال ساعات الانتظار يحاولون يلعبوا بأعصابنا، وينغصوا علينا لآخر لحظة".
وحكت تفاصيل اليوم الأخير: "أخرجونا من السجن 9 ونصف صباحاً، وصلنا المسكوبية (سجن في القدس) الساعة 3، ثم انتظرنا حتى الساعة 12 ليلاً، كل شوية يأتي أحد ليتلاعب بأعصابنا، كام دقيقة وتطلعوا، وبعد كده الكام دقيقة سحبت 9 ساعات، أو يحكوا إنه لم يحدث تبادل حتى الآن، لآخر لحظة يحاولون ينغصوا علينا، لكن مع ذلك بقينا قويات".
أسرى جدد
وتطرقت شروق إلى وصول أسرى جدد إلى السجن خلال تواجدها، موضحة: "51 أسيرة، تقريباً كلهم جداد من أراضينا في الداخل المحتل، كان يعبرون عن رأيهم عادي، لكن طبعاً لا توجد حرية تعبير عن الرأي وتم اعتقالهم".
وتابعت: "هناك سيدات كبيرة في السن، يعني من فترة اعتقلوا واحدة عمرها 71 سنة، طيب إيه الذنب اللي اقترفته علشان يعتقلون واحدة كبيرة في العمر؟، أيضاً هناك أمهات، واحدة تركت بنتها عمرها شهر، الأوضاع في الداخل صعبة جداً، خاصة إن البنات جدد، وخبرتهن أقل في التعامل مع هذه الأحداث الصعبة".
وبدأ الجمعة سريان هدنة قصيرة تستمر 4 أيام بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة بوساطة مصرية قطرية، وتنص على تبادل 50 رهينة محتجزين في غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن 150 امرأة وطفلاً فلسطينياً معتقلين في سجونها.
وأفرجت حماس الجمعة عن 13 أسيراً إسرائيلياً، إضافة إلى إطلاق سراح 10 تايلانديين وفلبيني واحد كانوا محتجزين في غزة، بينما أطلقت إسرائيل سراح 39 من المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، في اليوم الأول من اتفاق هدنة قصيرة أتاح تحقيق هدوء وإدخال مساعدات إضافية إلى القطاع بعد أسابيع من الحرب بين إسرائيل و"حماس".