انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تصل إلى مستوى قياسي في 2023

time reading iconدقائق القراءة - 6
دخان يتصاعد من محطة تعمل بالفحم في ألمانيا. 15 مارس 2023 - AFP
دخان يتصاعد من محطة تعمل بالفحم في ألمانيا. 15 مارس 2023 - AFP
دبي-محمد منصور

في الوقت الذي يبحث فيه العالم سبل التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28" المنعقد في دبي، كشفت دراسة جديدة عن ارتفاع انبعاثات الكربون العالمية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري "إلى مستويات غير مسبوقة" في عام 2023.

وتشير نتائج الدراسة، التي نُشرت في دورية "إيرث سيستم ساينس"، وهي جزء من تقرير ميزانية الكربون العالمية السنوي، إلى اتجاه "مثير للقلق" من الانبعاثات المتزايدة، مما يشكل خطراً كبيراً وتهديداً لاستقرار المناخ، وتحقيق أهداف المناخ العالمية.

ولفت البحث إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري ستصل إلى 40.9 مليار طن في عام 2023، بزيادة قدرها 1.1% عن عام 2022.

وفي حين أظهرت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية انخفاضاً في الانبعاثات الكربونية، شهد الاتجاه العالمي العام مساراً تصاعدياً في هذا الصدد.

الحد من استهلاك الوقود الأحفوري

وتقول الدراسة، التي أعدَّها الفريق العلمي لـ"مشروع الكربون العالمي"، إنه على الرغم من الانخفاض المحلي في الانبعاثات الكربونية، فإن الجهود العالمية الجماعية للحد من استهلاك الوقود الأحفوري تعتبر "غير كافية" في تقدير العلماء.

وأشارت الدراسة إلى أن ما وصفته بـ"الفشل" في التحرك بسرعة لخفض الانبعاثات الكربونية، يشكل تحدياً كبيراً في مسار تجنب مخاطر تغير المناخ.

ومن المتوقع أن تنخفض الانبعاثات الناجمة عن "تغيير استخدام الأراضي"، مثل إزالة الغابات انخفاضاً طفيفاً، ولكنها لا تزال مرتفعة للغاية، بحيث لا يمكن تعويضها بالمستويات الحالية لإعادة التحريج (زراعة غابات جديدة).

وتقول الدراسة إن تلك الانبعاثات تجعل الطريق نحو تحقيق أهداف المناخ العالمية بعيدة جداً.

وضم فريق البحث الذي أعد الدراسة جامعات "إكستر، وإيست أنجليا، ولودفيج ماكسيميليان في ميونيخ"، ومركز سيسيرو لأبحاث المناخ الدولية، إضافة إلى 90 مؤسسة أخرى حول العالم.

هدف 1.5 درجة مئوية

من جهته، قال بيير فريدلينجشتاين، من معهد الأنظمة العالمية في إكستر الذي قاد الدراسة: "رغم أن آثار تغير المناخ واضحة في كل مكان حولنا، إلا أن العمل على الحد من انبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري لا يزال بطيئاً بشكل كبير".

وأضاف: "يبدو الآن أنه لا مفر من أننا سنتجاوز هدف 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس، وسيتعين على القادة المجتمعين في COP 28 في دبي، الاتفاق على تخفيضات سريعة في انبعاثات الوقود الأحفوري للحفاظ على هدف 2 درجة مئوية".

ويُقدر فريق "ميزانية الكربون العالمية" أن هناك فرصة بنسبة 50% لتتجاوز ظاهرة الاحتباس الحراري 1.5 درجة مئوية بشكل مستمر خلال 7 سنوات تقريباً.

كما يقول الخبراء إن من الواضح أن ميزانية الكربون المتبقية تنفد بسرعة، وكذلك الوقت المتبقي لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية وتجنب التأثيرات الأسوأ لتغير المناخ.

فيما قالت كورين لو كيري، أستاذة أبحاث المجتمع الملكي في كلية العلوم البيئية بجامعة إيست أنجليا: "تُظهر أحدث بيانات ثاني أكسيد الكربون أن الجهود الحالية ليست عميقة، أو واسعة النطاق بما يكفي لوضع الانبعاثات العالمية على مسار هبوطي نحو الصفر".

ويؤكد البحث أن الانبعاثات العالمية عند المعدلات الحالية تزيد بسرعة من تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يتسبب في تغيٌّر مناخي إضافي، وتأثيرات خطيرة ومتزايدة.

وترى كيري أن جميع الدول "تحتاج إلى إزالة الكربون من اقتصاداتها بشكل أسرع مما هي عليه في الوقت الحاضر، لتجنب الآثار الأسوأ لتغير المناخ".

وتتفاوت نسب الانبعاثات الكربونية بشكل كبير من مناطق إلى أخرى، إذ من المتوقع أن تزيد في عام 2023 في الهند بمعدل 8.2%، وفي الصين بمعدل 4.0%، فيما تنخفض في الاتحاد الأوروبي 7.4%، وفي الولايات المتحدة 3.0%، وفي باقي دول العالم بمعدل 0.4%.

ومن المتوقع أيضاً أن تزيد انبعاثات الكربون عالمياً الناجمة عن استخدام الفحم بمعدل 1.1%، وعن النفط 1.5%، أما الغاز ستزيد بنسبة 0.5%.

كما من المتوقع أن يبلغ متوسط مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 419.3 جزء في المليون في عام 2023، أي 51% أعلى من مستويات ما قبل عصر الصناعة.

وبينما يتم امتصاص نحو نصف إجمالي ثاني أكسيد الكربون المنبعث عن طريق مصارف في الأرض والمحيطات، يظل الباقي في الغلاف الجوي، مما يتسبب في تغير المناخ.

وكانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن الحرائق في عام 2023 أكبر من المتوسط، بسبب موسم حرائق الغابات الشديد في كندا، حيث كانت الانبعاثات أعلى بـ6 إلى 8 أضعاف.

انبعاثات الفحم والنفط والغاز

كما تسلط الدراسة الضوء على اتجاهات الانبعاثات الإقليمية، والزيادات في الانبعاثات الناجمة عن استخدام الفحم والنفط والغاز، وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إضافة إلى عدم كفاية تكنولوجيا إزالة الكربون، وارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرائق الغابات.

وتبلغ المستويات الحالية لإزالة ثاني أكسيد الكربون القائمة على التكنولوجيا نحو 0.01 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، أي أقل بنحو مليون مرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري الحالية.

ويقدم تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي أعده فريق دولي يضم أكثر من 120 عالماً، تحديثاً سنوياً خاضعاً لمراجعة النظراء، استناداً إلى المنهجيات الراسخة بطريقة شفافة تماماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك