أيدت 60 دولة على الأقل تعهداً بخفض الانبعاثات المرتبطة بالتبريد بحلول عام 2050.
وقال بريان دين من وكالة "الطاقة المستدامة للجميع"، التي تعد جزءاً من تحالف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي وضع التعهد، إن كينيا كانت أول من وقع على تعهد التبريد العالمي، ثم انضمت 59 دولة أخرى على الأقل حتى بعد ظهر الاثنين.
وسيكون تعهد التبريد العالمي بمثابة أول تركيز جماعي في العالم على انبعاثات الطاقة الناجمة عن قطاع التبريد.
ويدعو التعهد الدول إلى خفض انبعاثاتها المرتبطة بالتبريد 68% على الأقل بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 2022.
وتعد هذه مهمة صعبة؛ لأن من المتوقع أن ينمو قطاع التبريد مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة.
مراقبة التبريد العالمي
وأظهر تقرير جديد نُشر خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28" أنه يمكن تحقيق خطوات كبيرة في الحد من استهلاك الطاقة، والانبعاثات المرتبطة بها، ويشمل ذلك تطبيق معايير الكفاءة الصارمة لترشيد استهلاك معدات التبريد.
وفي ظل سيناريو العمل كالمعتاد، من المتوقع أن تمثل الانبعاثات الناتجة عن التبريد أكثر من 10% من الانبعاثات العالمية في عام 2050.
ويضع تقرير مراقبة التبريد العالمي، بعنوان "الحفاظ على البرودة: كيفية تلبية متطلبات التبريد مع خفض الانبعاثات"، الصادر عن تحالف التبريد بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تدابير تبريد مستدامة في ثلاث مجالات؛ هي: التبريد السلبي، ومعايير كفاءة أعلى في استخدام الطاقة، وتبريد أسرع، والتخفيض التدريجي لغازات التبريد المسببة للاحتباس الحراري.
وذكر التقرير أن اتخاذ تدابير رئيسية لتقليل استهلاك الطاقة لمعدات التبريد، ربما يخفض ما لا يقل عن 60% من الانبعاثات القطاعية المتوقعة لعام 2050، ويوفر إمكانية الوصول الشامل إلى التبريد المنقذ للحياة، ويخفف الضغط عن شبكات الطاقة، ويوفر تريليونات الدولارات بحلول عام 2050.
وتلعب معايير كفاءة الطاقة الأعلى دوراً حاسماً في تخفيف الطلب المتزايد على معدات التبريد. وتشمل هذه المعايير تحسين كفاءة مكيفات الهواء والثلاجات والأجهزة ذات الصلة.
ويفتقر نحو 1.2 مليار شخص في إفريقيا وآسيا إلى خدمات التبريد، ما يعرّض الأرواح للخطر بسبب الحرارة الشديدة، ويقلل دخول المزارعين، ويزيد فقدان الغذاء وإهداره، وعرقلة الوصول الشامل للقاحات. ويعد هذا الوصول مهماً بشكل خاص للمجتمعات الأكثر ضعفاً، والتي غالباً ما ساهمت بأقل قدر في تغير المناخ، ولكنها الأكثر تعرضاً لآثاره.
تضاعف استهلاك الكهرباء
ووفقاً لاتجاهات النمو الحالية، تمثل معدات التبريد 20% من إجمالي استهلاك الكهرباء اليوم، ومن المتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2050.
وستزداد انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن استهلاك الطاقة، إلى جانب تسرب غازات التبريد، ومعظمها لها معدل عالمي أعلى بكثير على إحداث الاحترار من ثاني أكسيد الكربون.
وقال رئيس مؤتمر الأطراف "COP 28" سلطان الجابر إنه مع ارتفاع درجات الحرارة، من المهم أن نعمل معاً لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات الناتجة عن قطاع التبريد مع زيادة الوصول إلى التبريد المستدام.
وأضاف: "يعد هذا الوصول مهماً بشكل خاص للمجتمعات الأكثر ضعفاً، التي غالباً ما ساهمت بأقل قدر في تغير المناخ، ولكنها الأكثر تعرضاً لآثاره".
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنجر أندرسن: "يجب أن ينمو قطاع التبريد لحماية الجميع من ارتفاع درجات الحرارة، والحفاظ على جودة الأغذية وسلامتها، والحفاظ على استقرار اللقاحات وإنتاجية الاقتصادات"، لكن هذا النمو يجب ألا يأتي على حساب التحول في مجال الطاقة والتأثيرات المناخية الأكثر حدة.
وأضافت أندرسن أن البلدان وقطاع التبريد يجب "أن تتحرك الآن لضمان نمو التبريد منخفض الكربون"، لافتة إلى أن تحقيق التبريد المستدام والموفر للطاقة يوفر فرصة لخفض ظاهرة الاحتباس الحراري، وتحسين حياة مئات الملايين من الناس، وتحقيق وفورات مالية ضخمة.
تغير المناخ يعزز الطلب
ويؤدي تغير المناخ ونمو السكان والدخل والتوسع الحضري إلى زيادة الطلب على التبريد، وهو أمر ضروري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وسوف يتطلب الإقبال المتزايد على المعدات غير الفعالة في كثير من الأحيان، بما في ذلك مكيفات الهواء والثلاجات، استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتوليد الكهرباء وتوزيعها.
كما ستؤدي المعدات غير الفعالة إلى ارتفاع فواتير الكهرباء للمستخدمين النهائيين، خاصة في إفريقيا وجنوب آسيا، حيث من المتوقع أن يكون النمو أسرع.
ومن الممكن أن يؤدي اتباع توصيات التقرير إلى تقليل الانبعاثات المتوقعة لعام 2050 من التبريد على النحو المعتاد بنحو 3.8 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عبر السماح لـ3.5 مليار شخص إضافي بالاستفادة من الثلاجات أو مكيفات الهواء أو التبريد السلبي بحلول عام 2050.
كما يُمكن أيضاً خفض فواتير الكهرباء للمستخدمين النهائيين بمقدار تريليون دولار في عام 2050، وبمبلغ 17 تريليون دولار بشكل تراكمي بين عامي 2022 و2020 مع خفض متطلبات الطاقة القصوى بما يتراوح بين 1.5 و2 تيراواط وهو ما يقرب من ضعف إجمالي قدرة التوليد في الاتحاد الأوروبي اليوم، وتجنب الاستثمارات في توليد الطاقة بما يتراوح بين 4 إلى 5 تريليون دولار.
ومن شأن إضافة عملية إزالة الكربون السريعة من الشبكة أن يصل إجمالي تخفيضات الانبعاثات إلى 96%. وتمثل دول مجموعة العشرين 73% من إمكانات خفض الانبعاثات بحلول عام 2050.
ويحدد التقرير الإجراءات الرئيسية التي يجب اتخاذها في استراتيجيات التبريد السلبية، ومعايير أعلى لكفاءة الطاقة، والتخفيض التدريجي بشكل أسرع لمبردات الهيدروفلوروكربون المسببة للاحتباس الحراري من خلال تعديل كيغالي لبروتوكول مونتريال.
لا خطط تنفيذية
واعتباراً من عام 2022، وفي حين أن أكثر من 80% من البلدان لديها أداة تنظيمية واحدة على الأقل في هذه المجالات، فإن التنفيذ لا يزال غير كاف، ولا يوجد نهج متكامل. و30% من البلدان لديها لوائح تمكن من العمل على جميع الجبهات الثلاث.
ويقول التقرير إن تدابير التبريد السلبية، مثل العزل والتظليل الطبيعي والتهوية والأسطح العاكسة، يمكن أن تقلل بشكل كبير من أحمال التبريد كما يمكن توفير ذلك جزئياً من خلال تطوير وإنفاذ قوانين طاقة البناء التي تتضمن التبريد السلبي والتصميم الحضري.
ويمكن لمثل هذه الاستراتيجيات أن تحد من نمو الطلب على قدرة التبريد في عام 2050 بنسبة 24%، وتؤدي إلى وفورات في التكاليف الرأسمالية في معدات التبريد الجديدة التي يجري تجنبها بما يصل إلى 3 تريليون دولار، وخفض الانبعاثات بمقدار 1.3 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ومن شأن معايير الكفاءة الأعلى ووضع العلامات الأفضل على جميع معدات التبريد أن تضاعف ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي لكفاءة معدات التبريد في عام 2050 مقارنة بمستويات اليوم، مما يوفر 30% من وفورات الطاقة النموذجية، ويخفض فواتير الطاقة، ويحسن مرونة سلاسل التبريد واستمراريتها المالية.
وتشمل سياسات التنفيذ الحاسمة الحد الأدنى من معايير أداء الطاقة التي يجري تحديثها بانتظام، والأدوات المالية لتشجيع الطلب على المنتجات واللوائح ذات الكفاءة الأعلى لتجنب إغراق البلدان النامية بمعدات التبريد منخفضة الكفاءة.
ووفقاً للتقرير، التزم العالم بالخفض التدريجي لمركبات الكربون الهيدروفلورية من خلال تعديل كيجالي لبروتوكول مونتريال، وهو الاتفاق العالمي المصمم لحماية طبقة الأوزون، وإبطاء تغير المناخ.
ومن الممكن اتخاذ إجراءات أسرع، ومن الممكن أن تؤدي إلى خفض انبعاثات مركبات الكربون الهيدروفلورية إلى النصف في عام 2050.
ومقارنة بالجدول الزمني للخفض التدريجي في كيجالي، من خلال الاستيعاب السريع لتكنولوجيات أفضل في المعدات الجديدة، وإدارة أفضل لغازات التبريد، وتعزيز التنفيذ على المستوى الوطني.
ويقول التقرير إن إجمالي وفورات تكلفة دورة الحياة البالغة 22 تريليون دولار 17 تريليون دولار من وفورات تكاليف الطاقة و5 تريليون دولار من استثمارات توليد الطاقة ستجعل انتقال التبريد المستدام في المتناول.