اتفقت الكنائس المسيحية في القدس المحتلة، على إلغاء الاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد المجيد، بسبب حرب إسرائيل على قطاع غزة، في رسالة تضامن من رؤساء الكنائس المسيحية بالقدس.
وقرر رؤساء الكنائس المسيحية في القدس، ومنهم المطران عطالله حنا، رئيس أساقفة بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس، إلغاء المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد في ظل الحرب الجارية على غزة، في قرار استثنائي، بحسب بيان للكنائس.
ويعيش المسيحيون في جميع أنحاء الأرض في كل عام، خلال موسم أعياد الميلاد، فرحاً كبيراً خلال استعدادهم للاحتفال بذكرى ميلاد السيد المسيح، وتشمل الاحتفالات، بالإضافة إلى الطقوس الدينية، مشاركة في العديد من الاحتفالات الشعبية وعروض لزينة العيد المضيئة، كوسيلة للتعبير عن الفرح بقرب وقدوم عيد الميلاد.
ولكن في ظل الظروف الذي يعيشها الشعب الفلسطيني، أصدر بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، بياناً يدعون فيه رعاياهم إلى الوقوف في ظل هذه الظروف بصلابة والتخلي عن أي فعاليات احتفالية غير ضرورية، وشجعوا الكهنة والمؤمنين على التركيز أكثر على المعنى الروحي لعيد الميلاد في أنشطتهم الرعوية وشعائرهم الدينية، وأن يتم تركيز جميع الأفكار مع المتضررين من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وعواقبها، ومع صلوات قلبية من أجل سلام عادل ودائم على الأرض المقدسة.
وقال المطران عطالله حنا، إنه لا يملك أحد صلاحية إلغاء عيد الميلاد، لأنه عيد مهم جداً في الكنيسة المسيحية سواء حسب التقويم الغربي يوم 25 ديسمبر أو حسب التقويم الشرقي يوم 7 يناير.
وقرر رؤساء الكنائس إلغاء المظاهر الاحتفالية فقط، بما في ذلك المهرجانات، والاحتفالات وتزيين وإضاءة شجرة عيد الميلاد، مع الحفاظ على الأبعاد الدينية للعيد.
ويبرز التأجيل الزمني للمظاهر الاحتفالية والتخصيص الحصري للصلوات والطقوس داخل الكنائس بغية الدعاء من أجل السلام والعدالة والتضامن مع الشعب الفلسطيني ووقف الحرب التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة.
الصلاة من أجل فلسطين
ويهدف القرار إلى نقل رسالة تضامن قوية إلى جميع الكنائس المسيحية في العالم، داعياً إلى الصلاة من أجل فلسطين في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها.
وقال المطران عطالله حنا: "أعتقد أن الهدف من القرار ليس فقط إعلان موقف بشأن عيد الميلاد المجيد، بل يهدف أيضاً إلى إيصال رسالة إلى جميع الكنائس المسيحية في العالم بضرورة التضامن مع فلسطين، وأن تصلي من أجل فلسطين في ظل هذه الظروف الصعبة".
وأضاف: "إنها رسالة موجهة إلى جميع المسيحيين وجميع الكنائس في العالم بضرورة الالتفات إلى فلسطين، الأرض المقدسة وهي مهد المسيحية والبقعة المباركة من العالم التي منها انطلقت المسيحية إلى مشارق الأرض ومغاربها.. المسيحيون في العالم وجميع الكنائس يجب أن يذكروا بيت لحم وفلسطين وغزة على وجه الخصوص في هذه الأوقات في عيد الميلاد المجيد، فهذا واجب إنساني، وأخلاقي، ومسيحي أيضاً".
ووصف المطران عطالله حنا، الوضع الحالي في غزة والعدوان الذي يتعرض له أهالي القطاع، بأنه ليس عدواناً اعتيادياً، وليست حرباً اعتيادية، موضحاً: "مع مشاهد القتل والتدمير لا يمكن للمسيحيين في هذه الأرض المقدسة أن يكونوا متفرجين وصامتين أمام ما يحدث، ولذلك لم تكتف الكنائس فقط بإلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، بل أيضاً كانت هنالك مواقف مطالبة بوقف الحرب، بالإضافة إلى نداءات ومراسلات موجهة إلى جميع المرجعيات الدينية والحقوقية في العالم بضرورة العمل على وقف هذه الحرب، و"هذا العدوان الذي يدفع فاتورته المدنيون والأبرياء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني".
وتابع: "نحن مسيحيون فلسطينيون، نحن جزء من هذا الشعب، ونحن لسنا أقلية أو جالية أو عابري سبيل في هذه الأرض المقدسة، نحن ننتمي إلى شعبنا، وآلام الشعب الفلسطيني هي آلامنا ومعاناته هي معاناتنا".
شجرة عيد ميلاد بعلم فلسطين
وهذه ليست المرة الأولى التي تُلغى فيها المظاهر الاحتفالية بمناسبة عيد الميلاد المجيد أو عيد الفصح، وهما من أهم الأعياد في المسيحية.
ومنذ عامي 1948 و1967 تعرض الشعب الفلسطيني لكثير من الحروب، وكثير من التعديات، وفي كثير من الأوقات كان يتم إعلان إلغاء المظاهر الاحتفالية، في إطار التضامن والتعاطف والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن شجرة عيد الميلاد لن تُضاء في القدس وبيت لحم هذا العام، إلا أن هناك مبادرات في بعض الكنائس لإضاءة شجرة بألوان العلم الفلسطيني أو بعناوين تحمل اسم العدالة والسلام، ولكن من المؤكد أنها ستكون بعيدة البعد التام عن الاحتفالات الصاخبة والمهرجانات.