وافقت أكثر من 100 دولة مشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28" المنعقد في دبي على زيادة قدرات الطاقة المتجددة بثلاثة أمثال بحلول عام 2030، وهو أحد الالتزامات التي لم تثر جدلاً واسعاً خلال فعاليات القمة.
لكن هذه البلدان لم تقدم تفاصيل تذكر عن طريقة تسريع زيادة مثل هذه القدرات.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "Equinor" النرويجية المطورة للطاقة المتجددة أندرس أوبيدال إنه "أمر واقعي، لكن هناك عناصر تحتاج إلى حل: الحصول على التصاريح والإيجارات والاتصال بالشبكات".
وتكتسب الطاقة المتجددة أهمية قصوى من أجل الوفاء باتفاق باريس 2015، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. ورغم أن مصادر الطاقة المتجددة تزيد بسرعة بالفعل، فإن هذا الهدف سيتطلب نشر مرافق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتسريع هذا التقدم.
ومن شأن زيادة مصادر الطاقة المتجددة 3 أمثال أن يرفع هذه القدرات إلى 11 ألف جيجا وات على الأقل في 6 سنوات فقط، أي أكثر من 20% مقارنة مع توقعات مؤسسة "Bloomberg NEF" لأبحاث الطاقة الحالية، عند 9 آلاف جيجا وات بعد 6 سنوات.
ويعني ذلك زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، الذي تقول وكالة الطاقة الدولية إنه بلغ 600 مليار دولار على مستوى العالم العام الماضي، في وقت يقلص فيه بعض المستثمرين نفقاتهم بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض.
سلسلة مشكلات
لكن المشكلات تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ يوجد ما يشير إلى وجود توتر في صناعة الطاقة المتجددة برمتها، مثل نقص الإمدادات في كل شيء، من توربينات الرياح إلى المحولات. كما يوجد نقص في العمالة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأدت حملات المعارضة المحلية لمشاريع الطاقة الكبرى إلى إبطاء الإجراءات البيروقراطية، لدرجة أن عمليات الحصول على التصاريح باتت تستغرق سنوات طويلة.
وتعاني الشركات المطورة أيضاً من تأخر الاتصال بالشبكة لفترات طويلة. وقد يستغرق نقل خطوط الجهد العالي الجديدة للتغلب على هذه الصعوبات 10 سنوات أو أكثر للتخطيط، والحصول على التصاريح والبناء، مما يجعل هدف 2030 أكثر صعوبة.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة فرانشيسكو لا كاميرا: "لا أرى علامات واضحة على أننا مستعدون للتغلب على العوائق التي حددناها".
على الجانب الإيجابي، تجاوزت مصادر الطاقة المتجددة بانتظام توقعات النمو في السابق، كما يوجد حالياً رأس مال أكثر، ودعم حكومي أكبر يركزان عليها أكثر من أي وقت مضى.
ويقول مركز "Ember" لأبحاث الطاقة إن من المتوقع إضافة مستوى قياسي قدره 500 جيجاوات من الطاقة المتجددة عالمياً في العام الحالي، ارتفاعاً من 300 جيجا وات في عام 2022، مع توقعات بتجاوز الأهداف المحلية في 12 دولة منها الصين والبرازيل وأستراليا واليابان.
وأضاف المركز أن القدرات العالمية للطاقة المتجددة ستحتاج إلى معدل نمو مستدام يبلغ 17% سنوياً، لكي تزيد بمقدار 3 أمثال بحلول عام 2030، وهي وتيرة بدأت تتحقق بالفعل منذ عام 2016.
صعوبات تمويل
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة يجب أن يزيد بأكثر من المثلين ليصل إلى أكثر من 1.2 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وذلك لزيادة قدرات الطاقة المتجددة 3 أمثال، ووضع العالم على الطريق للوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2050.
واضطر مستثمرون في البنية التحتية ممن لعبوا دوراً في تحفيز التوسع السريع في الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح عالمياً إلى خفض الإنفاق؛ بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، ما يجعل من الصعب تمويل المشاريع وبيعها.
وأظهرت بيانات قدمتها شركة "Preqin" للأبحاث أن صناديق البنية التحتية جمعت 29 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو ما يمثل انخفاضاً حاداً، مقارنة مع 128 مليار دولار جُمعت خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال الشريك الإداري لشركة "51 North Capital GmbH"، التي تعمل وسيطاً بين المستثمرين وصناديق البنية التحتية فابيان بوتر إنه يعتقد أن الاستثمار في هذا القطاع بات متروكاً الآن للمرافق العامة بشكل رئيسي.
ويأتي الانخفاض في جمع أموال البنية التحتية في وقت تشتد فيه الحاجة إلى هذه الأموال لبناء الشبكات اللازمة لربط المشاريع الجديدة بشبكة الطاقة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "Iberdrola" إجناسيو جالان في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "مقابل كل دولار يُستثمر في مصادر الطاقة المتجددة، نحتاج إلى استثمار المبلغ ذاته في الشبكات المطلوبة لدمجها ببعضها".
وتواجه البلدان ذات التصنيف الائتماني المنخفض صعوبات أكبر لجذب الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة.
وأعلنت الإمارات الأسبوع الماضي عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار مع شركات إدارة الأصول "Blackrock"، و"Texas Pacific Group -TBG"، و"Brookfield" لتحفيز الاستثمار في دول جنوب العالم.
نقص لوجستيات
كما يؤدي النقص في اللوجستيات إلى بعض الانتكاسات المكلفة في المشاريع الكبيرة ببعض المناطق.
وألغت شركة "Orsted"، أكبر مطور لمزارع الرياح البحرية في العالم، مشروعين في الولايات المتحدة الشهر الماضي؛ بسبب خسائر تصل قيمتها إلى 5.6 مليار دولار، بعد أن تسببت التأخيرات التي يرجع بعضها إلى توفر السفن في ارتفاع التكاليف.
وتعتقد بعض الشركات أن سلاسل التوريد في مجالي طاقة الرياح والطاقة الشمسية سوف تتوسع مع استدامة الطلب، مما يخفف القيود.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "TotalEnergies" باتريك بويان إن "بناء مصنع للخلايا الشمسية ليس بالأمر المعقد".
لكن بعض ممثلي الصناعة قالوا إن الأمر لن يكون سريعاً بما فيه الكفاية دون دعم حكومي أكبر، ولا سيما في الدول التي بادرت بالتوقيع على التعهد.
وقال المدير التنفيذي للتسويق في شركة " Vestas Wind Systems" مورتن ديرهولم إن "هذا يحتاج إلى مناقشة مباشرة بعد مؤتمر الأطراف؛ كيف يمكننا تسليم الشبكات، وكيف نصلح عملية منح التصاريح، وكيف ننظر إلى المزادات؟".