نشرت وسائل إعلام إسرائيلية ما زعمت أنه "صورة حديثة" للقائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس" محمد الضيف، وهو المطلوب الأول لدى تل أبيب، والذي تلاحقه أجهزتها الأمنية والعسكرية منذ نحو 3 عقود.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلي "مكان"، بأن "الجيش تمكن من الحصول على صورة جديدة لقائد الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف الذي نجا في الماضي من عدة محاولات إسرائيلية لاغتياله".
وفي ظل الغموض الذي يكتنف شخصيته والمعلومات القليلة، أوضحت أنه "في الصورة التي نُشرت، الأربعاء، يلاحظ أن محمد الضيف فقد عينه اليمنى، وأن شعره أشيب، ويبدو أن الصورة التقطت في الخلاء، وليس داخل مبنى".
والأسبوع الماضي، أفادت قناة "كان 11" بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية لديها مقطعي فيديو، تمكن الجيش الإسرائيلي من الحصول عليهما، ونقلهما إلى مجلس الأمن القومي، وفيهما يظهر محمد الضيف، ما يدل على أنه يعمل بكامل طاقته".
ونقلت "مكان" عن مصادر شاهدت مقاطع الفيديو قولها، إن "الضيف يبدو مختلفاً عن الصور المألوفة منذ أكثر من عقد، وهو الآن بشعر أبيض، ويبدو على ملامحه النضج بشكل ملحوظ".
وأشارت إلى أنه في الفيديو الذي نشر لأول مرة على قناة "كان 11"، "ظهر الضيف وهو يدخل مكتبه في حي جباليا، وهو مكتب يبدو أنه يقع تحت الأرض، وعند دخوله كان برفقة حراس أمنيين، ثم جلس خلف مكتبه الذي بدا مجهزاً بصورة جيدة"، وذلك على الرغم من التقارير الإسرائيلية القديمة التي كانت تشير إلى أن آخر محاولات اغتيال الضيف أثرت في وضعه الصحي وأقعدته، وحدت من حركته، إلا أن تقارير إسرائيلية جديدة لفتت إلى أن هذه التقديرات القديمة ثبت خطأها.
قائد عسكري غامض
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أشارت إلى أن مسؤولين أمنيين حصلوا وسط الحرب على غزة، على "صورة حديثة" لمحمد الضيف البالغ من العمر 58 عاماً، والذي وصفته بـ"الرئيس المراوغ" للجناح العسكري لحركة حماس في غزة، والذي نجا من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية.
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري: "لن أتطرق إلى المنشور المتعلق بمحمد الضيف. نحن بحاجة إلى تحديد مكانه والقضاء عليه في أسرع وقت ممكن".
وأضاف: "إنها مهمة يجب تنفيذها. خلال العمليات في غزة، عثرنا على الكثير من المواد الاستخباراتية، خاصة في الأنفاق تحت الأرض".
ولفتت الصحيفة إلى أن الضيف كان يتصرف باعتباره رجلاً مطلوباً على مر السنين، ونادراً ما يظهر علانية. وكان دائماً يخضع لإجراءات أمن ورقابة متغيرة باستمرار، حتى عند التنقل بين مكاتبه فوق وتحت الأرض، باستخدام مصعد مجهز خصيصاً له بمنحدرات يمكن الوصول إليه بكرسي متحرك.
حالة صحية "أفضل من التقديرات"
ووفقاً للصحيفة، زعمت تقارير الأسبوع الماضي أن حالة الضيف أفضل من التقديرات في إسرائيل، وأنه قادر على المشي على ساقيه، ويستخدم كلتا يديه. وجاءت هذه المعلومات من مصادر استخباراتية عسكرية جمعها الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة في قطاع غزة.
وبناء على الأدلة التي عثر عليها في منزله ومواقع أخرى في القطاع خلال الأسابيع الأخيرة، كان الضيف، على الرغم من استخدامه أحياناً لكرسي متحرك، قادراً على السير بمفرده في بعض الأحيان، وإن كان ذلك مع بعض الصعوبات الناجمة عن محاولات اغتياله. ويبدو أن الضيف نشط، ويستمر في التخطيط للقتال في القطاع من مكتبه المخفي.
وكان الكاتب الصحفي والمحلل العسكري الإسرائيلي، بين كاسبيت، أول من أعلن أن الجيش الإسرائيلي حصل مؤخراً على عدة مقاطع فيديو للضيف، يظهر في أحدها وهو يمشي وهو يعرج. وفي صورة أخرى يظهر جالساً. كما تشير مقاطع الفيديو أيضاً إلى أن القائد العسكري الغامض يمكنه أيضاً استخدام كلتا يديه على الأرجح.
وذكرت "القناة الثانية عشرة" الإسرائيلية، في تقرير تلفزيوني، أن القوات الإسرائيلية التي تقاتل في غزة حصلت على الصورة، التي تبدو أحدث من الصور القليلة الأخرى العامة له.
ولم تذكر القناة متى التقطت الصورة، لكن موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أفاد، الخميس، بأنها تعود إلى عام 2018، ومن المحتمل أنها التقطت خلال مناسبة اجتماعية.
ويُعتقد منذ فترة طويلة أن الضيف فقد إحدى عينيه في غارة إسرائيلية قبل عقود، كما يُعتقد أيضاً أنه فقد ساقيه وذراعه. وزعم التقرير التلفزيوني أن الضيف فقد ساقه ولديه طرف صناعي، رغم أنه لم يتم التحقق من ذلك في الصورة المنشورة، التي تظهره فقط من الكتفين إلى أعلى.
وزعم تقرير نشرته صحيفة "معاريف" في 20 ديسمبر، أن أدلة الفيديو التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي في غزة، تصور الضيف، وهو يسير بمفرده، رغم عرج طفيف.
وعثر الجيش الإسرائيلي، على كراس متحركة يُعتقد أن الضيف استخدمها في شبكة أنفاق اكتشفت في حي الرمال بمدينة غزة، ويعتقد أنها كانت بمثابة مركز قيادة لكبار ضباط "حماس".
7 محاولات اغتيال
وبينما كانت مشاهدات الضيف متكررة في جميع أنحاء غزة قبل الحرب، قررت إسرائيل عدم تنفيذ عملية اغتيال مستهدفة له خلال أوقات السلام بين الجانبين، الأمر الذي ربما ساعده في بناء ما وصفته بأنه "صورته شبه الأسطورية بأنه لا يمكن تدميره"، بحسب "يديعوت أحرونوت".
وعلى مر السنين، نجا الضيف من 7 محاولات اغتيال أصيب في أربع منها، أدى بعضها إلى إصابته بدرجات متفاوتة أو قتل أفراد من عائلته.
وآخر محاولتين معروفتين، وفقاً للجيش، وقعتا في مايو 2021 عندما اشتبكت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة في تصعيد استمر 11 يوماً يًعرف باسم عملية "حارس الجدران"، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وقبل عام 2021، حاولت إسرائيل قتل الضيف خلال حرب 2014 في غزة التي استمرت أكثر من 50 يوماً، لكنها أخطأت في قتله، فقتلت بدلاً من ذلك زوجته وابنه الرضيع وابنته البالغة من العمر 3 سنوات.
أما محاولات الاغتيال الأخرى، جرت في أعوام 2001 و2002 و2003 و2006، ويعتقد أن آخرها تسببت في بتر ساقيه.
وفي السنوات الأخيرة، هدد الضيف بأن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً للاشتباكات المتكررة بين قوات الأمن الإسرائيلية، والفلسطينيين في المسجد الأقصى، وفي حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.
المطلوب رقم 1
وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن الضيف كان على قائمة المطلوبين الإسرائيليين منذ عام 1995 لتورطه في تخطيط وتنفيذ عدد كبير من "الهجمات الإرهابية"، بما في ذلك العديد من تفجيرات الحافلات في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ويُعتقد أن قائد كتائب القسام لعب دوراً محورياً في الهجوم المباغت الذي شنه مقاتلو حركة "حماس" في السابع من أكتوبر على بلدات إسرائيلية في محيط قطاع غزة حمل اسم "طوفان الأقصى"، وتقول إسرائيل إن مقاتلي "حماس" قتلوا 1200 إسرائيلي، وأسروا 240 آخرين.
وفي وقت سابق من ديسمبر الجاري، رصد الجيش الإسرائيلي، مكافأة مقابل رأس محمد الضيف، أو معلومات تساعد في الوصول إليه، وأشارت تقارير إلى الجيش أسقط منشورات تعرض أموالاً مقابل معلومات عن مكان وجوده، ومكان وجود مسؤولين كبار بارزين في "حماس".
وعرض المنشور مبلغ 400 ألف دولار مقابل معلومات عن يحيى السنوار، الذي يقود الحركة في غزة، و300 ألف دولار مقابل معلومات عن شقيقه محمد السنوار، الذي يقود اللواء الجنوبي لكتائب القسام في غزة، و200 ألف دولار مقابل معلومات عن رافع سلامة، قائد كتيبة القسام في خان يونس، و100 ألف دولار للحصول على معلومات عن الضيف.