اتساع وقف طائرات 737 ماكس 9 عالمياً.. ما الذي حدث وكيف طورت بوينج الطائرة؟

بوينج تواجه تدقيقاً جديداً في معايير سلامة طائراتها وسط اتهامات بالاندفاع للحصول على التراخيص

time reading iconدقائق القراءة - 11
طائرة بوينج 737 ماكس 9 تابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز متوقفة في مطار سياتل الدولي. واشنطن، الولايات المتحدة. 6 يناير 2024 - AFP
طائرة بوينج 737 ماكس 9 تابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز متوقفة في مطار سياتل الدولي. واشنطن، الولايات المتحدة. 6 يناير 2024 - AFP
دبي-الشرق

اتسع توقيف تشغيل طائرات بوينج 737 ماكس 9، إلى سائر أنحاء العالم، مما أدى إلى إلغاء عشرات الرحلات الجوية، بعد يومين من حادثة انفصال أحد أبواب طائرة تابعة لشركة "آلاسكا إيرلاينز" الأميركية بعد الإقلاع.

وتواجه شركة "بوينج" الرائدة عالمياً في صناعة الطائرات تدقيقاً جديداً بشأن مدى سلامة طائرتها الأكثر مبيعاً "بوينج 737 ماكس" بعد أن أعلن المسؤولون الفيدراليون، السبت، عن إيقاف تشغيل بعضها بشكل مؤقت.

وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية، إنها طلبت إجراء عمليات تفتيش فورية لبعض طائرات "ماكس 9" التي تشغلها شركات الطيران الأميركية، أو تحلق في الولايات المتحدة بواسطة شركات طيران أجنبية. 

وقالت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية إن أمر الطوارئ الذي أصدرته إدارة الطيران الفيدرالية، والذي أشارت إلى أنه سيؤثر على حوالي 171 طائرة في جميع أنحاء العالم، أحدث ضربة لشركة "بوينج" بشأن طائرات ماكس التي تعرضت لحادثين مميتين بعد وقت قصير من بدء تشغيلها. 

وبعد ساعات من الحادث المروع، الذي وقع الجمعة، أعلنت "ألاسكا إيرلاينز" أنها ستوقف أسطولها بالكامل المكون من 65 طائرة "ماكس 9" للفحص والصيانة، وقال الرئيس التنفيذي بِن مينيكوتشي إن الشركة تتوقع إنهاء عمليات التفتيش هذه "في الأيام القليلة المقبلة". 

وعلى غرار شركات أميركية مثل شركة "يونايتد إيرلاينز"، وهي من كبرى الشركات في العالم، قامت الخطوط الجوية التركية، و"إيرومكسيكو" وشركة "كوبا إيرلاينز" البنمية بإيقاف طائراتها من هذا الطراز وإخضاعها للفحص، وذلك بعد توجيهات أصدرتها إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية.

وأكدت هيئة سلامة الطيران الأوروبية، من جانبها، أنها ستتبع التوصيات الأميركية، مشيرة إلى أن ذلك لا ينبغي أن يكون له تأثير، إذ لا يوجد مشغل في أوروبا يستخدم طائرة 737 ماكس 9 مع خيارات التصميم المعنية. وذكرت الوكالة الأوروبية التي يقع مقرها في كولونيا بألمانيا في بيان أن هذه الطائرات "بإمكانها مواصلة الأداء بشكل طبيعي".

وتم تسليم نحو 218 نسخة من هذا الطراز حتى الآن، بحسب بيانات لشركة "بوينج" نقلتها وكالة فرانس برس.

"حادث مروع"

وتحدث وزير النقل الأميركي بيت بوتجيج على منصة "إكس" عن "حادث مروع".

وقالت جينيفر هومندي، رئيسة الهيئة الوطنية لسلامة النقل، للصحافيين "لقد حالفنا الحظ؛ لأن الأمر لم ينته على نحو مأساوي".

وكشفت أن الباب، وفقاً للمعطيات الأولية، سقط فوق سيدار هيلز، في الضاحية  المتاخمة لبورتلاند، ودعت السكان إلى إبلاغ السلطات في حال عثورهم عليه.

وكانت الطائرة نالت الاعتماد في نوفمبر، وفقاً لسجلات إدارة الطيران الفدرالية المتاحة على الإنترنت.

وردت بوينج في بيان "نحن نتفق مع إدارة الطيران الفيدرالية، ونؤيد قرارها بطلب إجراء فحص فوري لطائرات 737-9 المماثلة في التصميم للطائرة المتضررة".

ويأتي هذا الحادث فيما شهدت شركة الطيران العملاقة في السنوات الأخيرة أعطالاً فنية بعد تحطّم طائرتين من طراز 737 ماكس 8.

وأدى هذان الحادثان اللذان تسببا في مصرع 346 شخصاً في أكتوبر 2018 ومارس 2019، إلى بقاء الطائرة 737 ماكس على الأرض لمدة 20 شهراً، قبل السماح لها من جديد بالتحليق.

ولم تسمح إدارة الطيران الفيدرالية بعودتها إلى الخدمة إلا بعد إجراء تعديلات على نظام التحكم في الطيران.

وفي الآونة الأخيرة، اضطرت شركة بوينج إلى تأخير عمليات التسليم، بسبب مشاكل في هيكل الطائرة، وخاصة في قسمها الخلفي.

وفي نهاية ديسمبر، سلمت بوينج أكثر من 1370 نسخة من طائرات 737 ماكس، وتسلمت طلبات لشراء 4 آلاف منها.

ما الذي جرى؟

بينما كانت طائرة بوينج 737 ماكس 9، تحلق، الجمعة، بعد إقلاعها من بورتلاند وبعدما وصلت إلى الارتفاع المطلوب سُمع دوي انفجار قوي، وبات جميع مَن كانوا على متن الطائرة يصرخون من الخوف، إذ ترك الانفجار ثقباً بحجم الثلاجة في جانب الطائرة التي تتسع لـ 220 راكباً.

وتمزق قميص صبي كان على متن الطائرة وتطاير من الثقب خارج الطائرة، وسط انخفاض ضغط الهواء بعد انفجار جزء من جسمها، وصرخ الركاب وبكوا وقاموا بكتابة رسائل نصية لتوديع أحبائهم بعد دخول تيار الهواء إلى الطائرة وسقوط أقنعة الأكسجين من السقف فوق رؤوسهم. 

وصف نِك هوش، وهو راكب يبلغ من العمر 33 عاماً كان على متن الطائرة، الحادث بأنه "مؤلم ومزعج"، قائلاً: "لقد مر بي ضباب أو سحابة، وضربتني على وجهي، وكان شعر الناس يتطاير في كل مكان".

وبعد صوت الانفجار الأولي، قال هوش إن الطائرة اهتزت نوعاً ما، وسقطت أقنعة الأكسجين فوق رؤوس الركاب، وحينها وضع جميعهم هذه الأقنعة على وجوههم، مما جعله يشعر بالارتباك. وتابع: "لقد كنت مندهشاً وخائفاً للغاية، وأعتقد أن الآخرين كانوا في حالة ذهول شديد أيضاً مما كان يجري".

وأشار هوش إلى أنه كان يجلس على الجانب الأيسر من الطائرة على بُعد بضعة صفوف من مكان الانفجار، قائلاً: "كان هناك أشخاص أقرب بكثير، والذين قالوا لي إنهم فقدوا السماعات اللاسلكية التي كانت في آذانهم". 

وتابع هوش: "بعد وقت قصير من انفجار جزء من الطائرة، كان الركاب هادئين بشكل ملحوظ، حيث جلسوا يستمعون بهدوء إلى أفراد طاقم الطائرة الذين قاموا مع الطيار بعمل رائع، إذ قاموا بتهدئة الركاب".

وكانت الطائرة قد وصلت إلى ارتفاع 16 ألف قدم بعد إقلاعها من بورتلاند، أوريجون، متجهة إلى مدينة أونتاريو، كاليفورنيا، في حوالي الساعة 5:07 مساءً، وفقاً لموقع "FlightAware" لتتبع الطائرات.

وقال الراكب كايل رينكر لـ CNN إنه بعد وقت قصير من الإقلاع، انفجر جزء من جانب الطائرة، بما في ذلك إحدى النوافذ، مضيفاً: "لقد كان الأمر مفاجئاً حقاً، إذ أنه بمجرد وصول الطائرة إلى هذا الارتفاع، انفجرت النافذة والجدار".

وبحسب تسجيل نُشر على موقع "Liveatc.net"، قال الطيار لبرج المراقبة الجوية: "نعلن حالة الطوارئ ونود الهبوط".

وهبطت الطائرة، التي كانت تقل 171 راكباً و6 من أفراد الطاقم، بسلام بعد حوالي 20 دقيقة، وتم نقل شخص واحد إلى المستشفى.  

كيف طورت بوينج ماكس؟

قبل أكثر من عقد من الزمان، فكرت بوينج في تصميم وبناء طائرة جديدة تماماً لتحل محل طائرة 737، ولكن خوفاً من خسارة المبيعات لصالح منافستها الأوروبية "إيرباص"، التي كانت تقوم بتسويق نسخة أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من طائرتها ذات الحجم المماثل من طراز A320، قررت "بوينج" أن تتخذ مساراً أقصر، وقامت بتعديل الطائرة 737، وهو ما نتج عنه طائرات "ماكس".

ويقول محللون إن مدى الضرر الذي سيلحق بعلامة "بوينج" التجارية سيعتمد على ما سيحدده المحققون بشأن سبب الانفجار.

وتعد الطائرة التي تعرضت لحادث الجمعة جديدة تماماً، إذ بدأت في نقل الركاب في نوفمبر الماضي، وقامت بـ 145 رحلة فقط، وفقاً لخدمة تتبع الرحلات الجوية "Flightradar24".

كما أن طائرات ماكس هي أحدث نسخة من طائرة بوينج 737، وهي طائرة ذات محركين وممر واحد تستخدم بشكل متكرر في الرحلات الداخلية الأميركية.

وتحطمت طائرة من طراز "ماكس 8" تديرها شركة "ليون إير" في إندونيسيا في عام 2018، كما تحطمت طائرة من نفس الطراز أيضاً تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية في عام 2019، وهو ما دفع المنظمين في جميع أنحاء العالم لإخراج هذه الطائرات من الخدمة لمدة عامين تقريباً، بينما غيرت "بوينج" نظام التحكم الآلي في الطيران والمتسبب في الحادثين.

وتساءل المدعون الفيدراليون ونواب الكونجرس عما إذا كانت بوينج اندفعت للحصول على الموافقة على طائرات ماكس بسرعة، مما وفر الحد الأدنى من التدريب المطلوب للطيارين على استخدامها.

 وفي عام 2021، قامت الشركة بتسوية تحقيق جنائي بالموافقة على دفع 2.5 مليار دولار، بما في ذلك غرامة قدرها 244 مليون دولار، وألقت "بوينج" باللوم على اثنين من الموظفين لخداع إدارة الطيران الفيدرالية بشأن وجود عيوب في نظام التحكم في الطيران.

وقال روبرت كليفورد، وهو محام أميركي يمثل عائلات الركاب الذين لقوا حتفهم في حادث طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية، إن "حادث الجمعة أثار تساؤلات حول ما إذا كان المنظمون قد سارعوا للغاية للسماح لطائرات ماكس بالعودة إلى الطيران"، واتهم بوينج بوضع الأرباح على حساب سلامة الركاب، قائلاً: "هذه الشركة تحولت من كونها المعيار الذهبي في الخبرة الهندسية والدقة إلى شركة تبدو الآن وكأنها في قاع البرميل".

وقدَرت بوينج في تقاريرها المالية أن تداعيات الحادثين المميتين كلفتها أكثر من 20 مليار دولار، إذ توصلت إلى تسويات سرية مع معظم عائلات الركاب الذين لقوا حتفهم في الحادثين.

وبعد توقف مؤقت بعد الحادثين، استأنفت شركات الطيران شراء الطائرة ماكس من جديد، والتي عانت من بعض المشاكل الفنية أيضاً، ولكنها لم يكن لها علاقة بانفجار، الجمعة.

وفي العام الماضي، طلبت إدارة الطيران الفيدرالية من الطيارين الحد من استخدام نظام مكافحة الجليد في طائرات "ماكس" في الأجواء الجافة، بسبب وجود مخاوف من ارتفاع درجة الحرارة حول المحركات وانفصالها، مما قد يؤدي إلى اصطدام الطائرة، وفي ديسمبر الماضي، طلبت "بوينج" من شركات الطيران فحص الطائرات بحثاً عن احتمال وجود أي مسامير مفككة في نظام التحكم.

وكانت راكبة على متن طائرة تابعة لشركة طيران "ساوث ويست" لقت حتفها في عام 2018 عندما انفجرت قطعة من غطاء المحرك، وحطمت النافذة التي كانت تجلس بجوارها، ولكن هذا الحادث يتعلق بنسخة سابقة من طائرة بوينج 737، وليس بطراز "ماكس". 

تصنيفات

قصص قد تهمك