القصف والتفتيش ومحدودية المعابر.. عقبات أمام وصول المساعدات إلى غزة

الأمم المتحدة : عملية إيصال مواد الإغاثة باتت مستحيلة من جميع النواحي

time reading iconدقائق القراءة - 8
أطفال فلسطينيون ينتظرون دورهم في الحصول على الطعام الذي أعده متطوعون في رفح جنوب غزة. 10 فبراير 2024 - AFP
أطفال فلسطينيون ينتظرون دورهم في الحصول على الطعام الذي أعده متطوعون في رفح جنوب غزة. 10 فبراير 2024 - AFP
دبي-الشرق

تواجه المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى قطاع غزة عقبات عديدة تحول دون وصولها إلى 2.2 مليون فلسطيني، أبرزها تعقيدات التفتيش، وعرقلة مرورها من قبل المتظاهرين الإسرائيليين، واستمرار القصف، وفق شبكة "CNN".

ونقلت الشبكة الأميركية عن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، قوله، الأحد، إن "عملية إيصال المساعدات باتت مستحيلة من جميع النواحي". 

ويخضع قطاع غزة لحصار إسرائيلي كامل منذ 9 أكتوبر، حينما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت وقف إمدادات الكهرباء والغذاء والمياه والوقود إلى القطاع، رداً على الهجوم الذي شنته حركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، وبدأت تل أبيب منذ ذلك الحين السماح بدخول بعض المساعدات فقط. 

وقالت الأمم المتحدة إن الوضع الإنساني في القطاع تضرر بشكل كبير بسبب الحرب التي أودت بحياة أكثر من 28 ألف شخص، وأدت لتشريد أكثر من 1.9 مليون.

وقال عمال إغاثة إن إدخال أي شكل من أشكال المساعدات إلى غزة بات الآن عملية طويلة وشاقة. 

وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، دخول نحو 95 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، في الفترة بين 10 أكتوبر و1 فبراير، مقابل 500 شاحنة تجارية ومساعدات كانت تدخل القطاع يومياً قبل الحرب، عندما لم يكن الفلسطينيون يواجهون النزوح الجماعي والمجاعة، ولكن في الوقت الحالي يعتمد نحو 2 مليون من سكان غزة على المساعدات.

وقالت مديرة الاتصالات بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، جولييت توما، لـCNN، إن "العملية الإنسانية وإجراءات تسليم الشاحنات لا تزال مرهقة ومعقدة". 

ومن المتوقع أن تتعرض عمليات الإغاثة لمزيد من العراقيل بعد أن أوقفت الولايات المتحدة وغيرها من كبار المانحين تمويل "الأونروا"، التي تعد الوكالة الرئيسية المسؤولة عن توزيع المساعدات في غزة.

وسحب المانحون تمويلهم بسبب مزاعم إسرائيلية بأن بعض موظفي الوكالة متورطون في هجوم "حماس". وحذرت "الأونروا" من أنها قد تضطر إلى وقف عملياتها بحلول نهاية فبراير، بسبب نقص التمويل.

وقال المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، الخميس، إن الوكالة لم تتمكن من إيصال الغذاء إلى غزة منذ 23 يناير، مشيراً إلى رفض نصف طلبات إرسال المساعدات التابعة للأمم المتحدة إلى الشمال منذ بداية العام". 

نقاط دخول محدودة

كانت إسرائيل، قبل بدء الحرب، تفرض قيوداً على الوصول إلى غزة أو الخروج منها بحراً وجواً، ومشددة على المعابر البرية.

وهناك معبران مع القطاع هما "إيرز" المخصص لحركة الأشخاص، و"كرم أبو سالم" المخصص للبضائع. 

وتعتمد غزة على معبر واحد في مدينة رفح، والذي تديره السلطات المصرية، وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تملك سيطرة مباشرة على هذا المعبر، إلا أنها تراقب جميع الأنشطة في جنوب غزة.

وسبق أن صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري لشبكة CNN، بأن معبر رفح تعرض للقصف بشكل متكرر، ما تسبب في تعطيل دخول المساعدات. 

وكانت الحركة عبر المعابر الثلاثة مقيدة بشدة قبل الحرب، إذ فرضت إسرائيل حصاراً على القطاع، وبعد بدء الحرب، أغلقت معبري "إيرز" و"كرم أبو سالم" لعدة أسابيع، وفي 21 أكتوبر، بدأت المساعدات في التدفق عبر معبر رفح. 

وفي منتصف ديسمبر الماضي، بدأت إسرائيل إجراء عمليات تفتيش أمنية على المساعدات المقدمة لغزة في معابرها قبل إرسالها إلى رفح، وقالت في ذلك الوقت إن هذه الخطوة ستضاعف حجم المساعدات عبر معبر "رفح".

ولكن عمال الإغاثة قالوا إن نقاط التفتيش الإضافية غير كافية، وفقاً للأمم المتحدة، كما انتقدت مصر هذه الإجراءات، ووصفتها بأنها "غير منطقية"، قائلة إنها "تعيق تدفق المساعدات".

وإلى جانب الإجراءات الإسرائيلية، هناك سبب آخر يعيق دخول المساعدات عبر مصر هو أن معبر رفح مصمم ليكون نقطة دخول للأشخاص، وليس البضائع، ما يجعل من الصعب مرور القوافل الكبيرة من خلاله، بحسب CNN.

وبعد ضغوط من الولايات المتحدة، بدأت تل أبيب السماح لشاحنات المساعدات بالمرور عبر معبر "كرم أبو سالم" في أواخر ديسمبر. 

مساعدات تخدم "حماس"

وضعت إسرائيل ضوابط أكثر صرامة على المساعدات بعد بدء الحرب، لمنع دخول ما تسميه "المعدات ذات الاستخدام المزدوج"، وهي المنتجات التي تقول إنها "مخصصة للاستخدام المدني، ولكنها قد تخدم الاحتياجات العسكرية لحركة (حماس)".

وقال جريفيث، إن "الشاحنات التي تحمل المساعدات تمر عبر 3 مراحل من التفتيش قبل أن تتمكن من دخول القطاع". 

وأفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في يناير الماضي، بأن "طوابير التفتيش الطويلة أدت إلى حدوث اختناقات عند معبر رفح"، موضحاً أنه "من بين المواد التي تعتبرها إسرائيل ذات استخدام مزدوج: مولدات الطاقة والعكازات ومستلزمات المستشفيات الميدانية وخزانات المياه القابلة للنفخ، والصناديق الخشبية الخاصة بألعاب الأطفال، أما الأمر الأكثر إحباطاً فهو أسطوانات الأكسجين"، مشيراً إلى أن قائمة المواد المرفوضة باتت آخذة في التزايد. 

ومنع متظاهرون إسرائيليون، أكثر من مرة، مرور الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية، وطالبوا بعدم تسليم المساعدات إلا مقابل إطلاق سراح المحتجزين.

وينتمي المتظاهرون إلى حركة "تساف 9"، وهي تجمع يضم عائلات المحتجزين والجنود الذين سقطوا في الحرب، والمدنيين الإسرائيليين النازحين. 

وأوضحت "الأونروا" أن بعض هذه الاحتجاجات تسببت في انقطاع وصول المساعدات إلى غزة لعدة أيام، وبعد ذلك أعلنت إسرائيل معبري "كرم أبو سالم" و"نيتسانا" مع مصر مناطق عسكرية، وهي خطوة أدت إلى اعتقال بعض الأشخاص، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، ولكن الاضطرابات تجددت، الأسبوع الماضي، مع عودة مئات المتظاهرين الإسرائيليين إلى معبر "كرم أبو سالم".

خطر التعرض للقصف 

يعيق القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة دخول مواد الإغاثة ووصولها إلى المدنيين. وتقول جولييت توما، مديرة الاتصالات بالأونروا: "أصبح من الصعب للغاية إجراء مكالمات هاتفية للتنسيق وتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية".

وقطعت إسرائيل الكهرباء عن غزة منذ بداية الحرب، كما يقول مقدمو الخدمات في القطاع إن الغارات الجوية دمرت البنية التحتية الحيوية لشبكة الاتصالات، ومنذ ذلك الحين، شهدت المنطقة انقطاعات متعددة في الاتصالات، ما جعل الفلسطينيين غير قادرين على الاتصال ببعضهم البعض أو بالعالم الخارجي. 

ولا يستطيع العاملون في المجال الإنساني التحرك بأمان عبر القطاع، إذ تعرضت شاحنات الأمم المتحدة التي تحمل المساعدات للنيران الإسرائيلية مراراً وتكراراً، وفقاً للوكالة، أحدثها في 5 فبراير، حين تعرضت شاحنة تابعة للوكالة كانت تنتظر لنقل المساعدات إلى شمال غزة، لنيران البحرية الإسرائيلية. 

وأضافت توما: "من الصعب للغاية إيصال المساعدات الإنسانية تحت النار، فنحن نخشى على حياة عمال الإغاثة، لأنه لا يوجد مكان آمن في غزة". 

وقال برنامج الأغذية العالمي، الجمعة، إنه لم يتمكن من الوصول إلى شمال مدينة غزة للمرة الثالثة خلال أسبوع، مع اقتراب مجاعة واسعة النطاق. 

وشددت توما على أنه يتعين على السلطات الإسرائيلية السماح لقوافل المساعدات الإنسانية التي تنتظر لدخول الشمال عند نقطة تفتيش وادي غزة التي تفصل بين شمال القطاع وجنوبه، قائلة إن "هناك حوالي 300 ألف شخص يعيشون في ظروف يائسة هناك".

 وتابعت في تصريحات للشبكة: "حتى عندما تدخل المساعدات إلى الملاجئ التي تأوي النازحين الفلسطينيين، فإن عمال الإغاثة لا يتمكنون في بعض الأحيان من تنظيم عمليات التوزيع بسبب الاكتظاظ، كما أن الاحتياجات على الأرض هائلة بشكل يتجاوز بكثير قدرة الوكالات الإنسانية هناك؛ لأنه لا يصل الكثير من المساعدات، ولذا فإن سكان غزة باتوا متعبين تماماً، ويائسين". 

تصنيفات

قصص قد تهمك