بالتيمور (الولايات المتحدة)-وكالات
قال مسؤولو السلامة في الولايات المتحدة إن ربان سفينة الشحن التي اصطدمت بجسر عند ميناء بالتيمور طلب المساعدة من زورق قطر وأبلغ عن انقطاع التيار الكهربائي قبل دقائق من انهيار الجسر.
وظهرت معلومات جديدة حول الكارثة بعد يوم من إبلاغ سفينة الحاويات الضخمة "دالي"، التي ترفع علم سنغافورة عن فقدان السيطرة عليها قبل الاصطدام بعمود للجسر، إذ كانت تبحر من ميناء بالتيمور متجهة إلى سريلانكا.
وقال مسؤولو المجلس الوطني إن الربان سُمع وهو يطلب مساعدة زورق قطر قبل عدة دقائق من الحادث، وهو أول مؤشر على الاستغاثة التي تلقاها مسؤولو الميناء، وأعقب ذلك إشارات تفيد بأن السفينة فقدت كل طاقتها، وكانت تقترب من الجسر.
وبدأ المحققون مراجعة المعلومات التي جمعت من مسجل بيانات الرحلة (بمثابة الصندوق الأسود للطائرة) بالسفينة بما في ذلك الرسائل بين الربان والسلطات في الميناء قبل وقوع الكارثة.
وأظهرت لقطات فيديو أن أضواء السفينة انطفأت ثم عادت لفترة وجيزة قبل أن تنطفئ مجدداً، كما التقط المُسجل أوامر للطاقم بإسقاط المرساة بهدف إبطاء السفينة على الأرجح.
وقال محقق مجلس السلامة مارسيل مويز إن البيانات أظهرت أن السفينة، الذي يعادل طولها حوالي 3 ملاعب كرة قدم ومكدسة بحاويات الشحن، كانت تتحرك بسرعة 12.8 كيلومتر في الساعة، عندما اصطدمت بعمود الجسر.
وقال شخص عبر راديو الشرطة قبل دقائق من وقوع الحادث: "أوقفوا حركة المرور على جسر كي. هناك سفينة تقترب وفقدت السيطرة على دفتها"، فيما سُمعت أصوات تناقش الخطوات التالية، بما في ذلك تنبيه أي طاقم عمل لمغادرة الجسر، ثم صرخ أحدهم قائلاً: "سقط الجسر بأكمله للتو".
وأوضحت رئيسة المجلس الوطني لسلامة النقل جنيفر هومندي أن جسر "فرنسيس سكوت كي"، وهو طريق رئيسي يمر فوق الميناء شيد عام 1976، يفتقر إلى خصائص في الهندسة الإنشائية الشائعة في الجسور الأحدث، وهذا ما جعله أكثر عرضة للانهيار الكارثي.
يشار إلى أن فريقاً من المجلس الوطني لسلامة النقل صعد إلى سفينة الشحن التي لا تزال راسية في قناة الميناء لاستجواب رباني السفينة و21 من أفراد الطاقم، حيث أدى الاصطدام إلى انهيار معظم أجزاء الجسر في مصب نهر باتابسكو فورا تقريباً، ليغلق ممرات الشحن، ويجبر ميناء بالتيمور على تعليق عملياته إلى أجل غير مسمى، وهو أحد أكثر الموانئ ازدحاماً على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
انتشال جثتين
وقال مسؤولون إن الغواصين انتشلوا جثتي عاملين أحدهما من جواتيمالا والآخر من المكسيك، من أصل 6 مفقودين سقطوا في النهر نتيجة انهيار الجسر.
وقال الضابط من شرطة ولاية ماريلاند، رولاند بتلر، إن الشاحنة التي بها جثتا الرجلين "عُثر عليها في مياه النهر على عمق 25 قدماً بالقرب من الجزء الأوسط من الجسر المنهار".
وأضاف أن السلطات علقت جهود انتشال بقية الجثث؛ بسبب الظروف غير المواتية في الميناء المليء بالحطام، مشيراً إلى أن صور السونار أظهرت مركبات أخرى مغمورة "مغطاة" بحطام الجسر المنهار، ما يجعل من الصعب الوصول إليها.
وما زال العمال 4 الآخرون، وهم ضمن طاقم كان يصلح الحفر على طريق الجسر، في عداد المفقودين، ويعتقد أنهم لقوا حتفهم، كما أن من المفقودين مهاجرون من هندوراس والسلفادور.
وانتشل رجال الإنقاذ، الثلاثاء، عاملين من الماء على قيد الحياة، ونُقل أحدهما إلى المستشفى.
تداعيات انهيار الجسر
كان هذا الجسر المؤلّف من 4 مسالك يمتدّ على 2,6 كيلومتر في جنوب غرب مدينة بالتيمور الصناعية والساحلية الكبرى في ولاية ميريلاند على مسافة حوالى 60 كيلومتراً من جنوب شرق واشنطن، وهو شريان أساسي بين الشمال والجنوب للمواصلات والاقتصاد على ساحل الولايات المتحدة الشرقي.
وقد يكون للحادث تداعيات اقتصادية هائلة، إذ يتعامل الميناء مع معظم شحنات السيارات والمعدات الزراعية، بالإضافة إلى شحن الحاويات والبضائع السائبة مثل السكر والفحم.
وقال وزير النقل بيت بوتيجيج إن 8 آلاف وظيفة "ترتبط على نحو مباشر" بعمليات الميناء التي تدر أجوراً تبلغ مليوني دولار يومياً.
ومع ذلك، شكك خبراء الاقتصاد والخدمات اللوجستية في أن يؤدي إغلاق الميناء إلى أزمة كبيرة في سلاسل التوريد الأميركية أو ارتفاع كبير في أسعار البضائع، بسبب القدرات الكبيرة لمراكز الشحن المنافسة على طول الساحل الشرقي.
وقال وزير النقل الأميركي إن "هذا النوع من الجسور ببساطة لم يكن مصمماً لتحمل تبعات اصطدام مباشر بركيزة دعم أساسية".
وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن إعادة بناء الجسر الذي يحمل اسم فرنسيس سكوت كي، مؤلف كلمات النشيد الوطني الأميركي، في أسرع وقت، مقرّاً بأن ذلك "سيستغرق وقتاً"، مضيفاً: "أبلغتهم بأننا سنرسل إليهم كل الموارد الفيدرالية التي يحتاجون إليها".
وأكد، مساء الأربعاء، على منصة إكس "سنقف بجانب سكان بالتيمور مهما طال الوقت".
من جهته، أكد المسؤول عن خفر السواحل بيتر جوتييه أن السفينة "دالي" لا تشكّل خطراً على البيئة والبشر، رغم وجود 5,6 مليار لتر من الديزل وعدد من الحاويات المحملة بمواد خطرة على متنها، فيما سقطت حاويتان من أصل 4700 حاوية في المياه.
وأعلنت مجموعة "ميرسك" الدنماركية للنقل البحري أنها استأجرت السفينة التي تشغّلها مجموعة "سينرجي مارين جروب".
وأفادت إدارة ميناء سنغافورة بأنها خضعت لعمليتي كشف ناجحتَين في 2023، وأنه تم إصلاح مقياس مراقبة ضغط الوقود في يونيو.
وكانت سلطات الموانئ التشيلية أبلغت عام 2023 عن وجود خلل في أجهزة السفينة، أصلحه مالك السفينة بسرعة، بحسب البحرية التشيلية.
تصنيفات
