"نزيف هجرة الأطباء" يضاعف تحديات النظام الصحي في المغرب

time reading iconدقائق القراءة - 5
عامل في القطاع الطبي داخل مستشفى ميداني في جنوب مدينة الدار البيضاء خلال جائحة كورونا. المغرب. 18 أبريل 2020 - AFP
عامل في القطاع الطبي داخل مستشفى ميداني في جنوب مدينة الدار البيضاء خلال جائحة كورونا. المغرب. 18 أبريل 2020 - AFP
الرباط -أنس عياش

يخسر المغرب حوالي 700 طبيب سنوياً بسبب الهجرة إلى الخارج، خاصة باتجاه أوروبا، ما يعني خسارة النظام الصحي في البلاد لنحو 30% من مجموع الأطباء خريجي كليات الطب في البلاد.

وتشير الأرقام الرسمية، إلى أن معدل الأطباء في المغرب يصل إلى نحو 7.3 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، فيما تحث منظمة الصحة العالمية على توفير 15.3 طبيب لكل 10 آلاف شخص كحد أدنى.

ويوجد في المغرب نحو 28 ألف طبيب، نصفهم في القطاع العام والنصف الآخر يعملون بالقطاع الخاص، فيما يمارس أكثر من 14 ألف طبيب المهنة بالخارج، وسط احتياج يصل إلى 34 ألف طبيب.

أسباب متباينة

اختار الدكتور ياسين يشو، وهو أستاذ علوم التشريح السريري، ومتخصص في جراحة الدماغ، الهجرة إلى فرنسا، بحثاً عن آفاق أوسع للبحث العلمي. وقال في حديث لـ"الشرق"، إن "الموارد التي توفرها المنظومة الصحية في فرنسا توفر فرصاً بحثية. وتمويلات وبنى تحتية أكثر تطوراً، بما يساعد على البحث ويسهم في التقدم الطبي"، "وهي أمور غير متاحة حالياً في بلدي الأصلي"، على حد وصفه.

بدوره قال الدكتور الطيب حمضي، الخبير في السياسات والنظم الصحية، إن الأسباب التي تدفع الأطباء المغاربة إلى الهجرة، تختلف بين ظروف محلية وأخرى مرتبطة ببلدان الاستقبال، مشيراً إلى الطلب المتزايد على الكوادر الصحية في دول الغرب، خاصة بعد جائحة فيروس كورونا التي أظهرت الحاجة إلى تقوية النظام الصحي، وفي ظل تراجع المقبلين على دراسة الطب في أوروبا، التي تمتد لسنوات طويلة تصل إلى 13 عاماً بعد الثانوية، مقابل رواتب لا تختلف كثيراً عن رواتب كوادر أخرى كالمهندسين.

وأضاف الدكتور حمضي، أن أبرز العوامل المحلية التي تدفع للهجرة، هي عدم الرضا عن الرواتب "التي تظل ضعيفة، مقارنة بسنوات الدراسة الطويلة"، بالإضافة إلى ظروف التدريب التي لا ترقى إلى تطلعات طلبة الطب في ظل تراجع عدد الأساتذة ونقص الأسرّة، فضلاً عن أسباب أخرى تتعلق بتراجع سمعة الطبيب في ظل تشويه السمعة في وسائل الإعلام.

وحذر الدكتور حمضي من أن الظاهرة تستمر في التفاقم، إذ كشفت دراسة حديثة أن 70% من الطلاب الذين أنهوا دراستهم الطبية في المغرب، قالوا إنهم يعتزمون مغادرة البلاد بمجرد تخرجهم، داعياً إلى رفع الرواتب في القطاع العام، وتحسين ظروف العمل، مع تخصيص تحفيزات ضريبية واجتماعية للممارسين الطبيين بالقطاع الخاص، وتجويد التكوين (الدراسة) ورفع عدد كليات الطب والمستشفيات الجامعية.

خطط وإجراءات حكومية

وأقر وزير الصحة المغربي خالد آيت الطالب، بمعضلة "نزيف الأطباء"، وقال في تصريحات أمام البرلمان، إن هذه ظاهرة "يستحيل القضاء عليها" في ظل الإغراءات الأجنبية، مشيراً إلى أن الحوافز التي تقدمها دول غربية، مثل أستراليا، تصل إلى 10 أضعاف ما يتقاضاه الطبيب في المغرب، معتبراً أن هذه "أزمة دولية" في ظل النقص الحاصل في الموارد البشرية في قطاع الصحة.

وأقرت الحكومة المغربية، خلال العام الماضي، زيادات في رواتب الأطباء بلغت 4000 درهم (نحو 400 دولار)، ليرتفع راتب الطبيب العام إلى نحو 12 ألف درهم (نحو 1200 دولار).

كما عمدت الحكومة إلى تعديل القانون لإتاحة استقطات أطباء أجانب، لتعويض النقص الحاصل في المملكة. فيما أشار وزير الصحة إلى أن 453 طبيباً أجنبياً يعمل في المغرب.

وأطلقت الحكومة، خطة لتخريج 3 آلاف طبيب في العام الواحد اعتباراً من 2025، وأقرت حزمة إجراءات لتحفيز الأطباء، تشمل تعويضات عن العمل في المناطق النائية، وتجهيز المستشفيات المحلية بالمعدات اللازمة.

وفي يوليو الماضي، أعلنت الحكومة برنامجاً لزيادة عدد العاملين في القطاع الصحي من 68 ألفاً في عام 2022 إلى أكثر من 90 ألفاً بحلول عام 2025، لبلوغ عتبة 24 عاملاً صحياً لكل 10 آلاف نسمة بحلول عام 2025، ثم رفعها إلى 45 عاملاً بحلول عام 2030، مقابل 17.4 لكل 10 آلاف نسمة حالياً.

ويشمل البرنامج إحداث ثلاث كليات للطب والصيدلة، وثلاثة مراكز استشفائية جامعية بمدن الرشيدية وبني ملال وكلميم.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بتوفير 23 عاملاً في القطاع الصحي لكل 10 آلاف نسمة كحد أدنى.

تصنيفات

قصص قد تهمك