ماذا يعني فرض رسوم جمركية أوروبية على سيارات الصين الكهربائية؟

توقعات بـ"حرب تجارية" وتأثير ضعيف على الصناعة الرائدة

time reading iconدقائق القراءة - 9
عامل يتحقق من جودة سيارة تعمل بالطاقة في مصنع شركة BYD الرائدة في الصين . 24 أبريل 2024 - AFP
عامل يتحقق من جودة سيارة تعمل بالطاقة في مصنع شركة BYD الرائدة في الصين . 24 أبريل 2024 - AFP
دبي/ بكين/ بروكسل -الشرقوكالات

أعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عزمه فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على السيارات الكهربائية الصينية، متجاهلاً تحذيرات بكين بشأن "إشعال فتيل حرب تجارية مكلفة"، بينما أكدت الصين احتفاظها بحق التقدم بشكوى لدى منظمة التجارة العالمية.

وأخطرت المفوضية الأوروبية، شركات صناعة السيارات في الصين، بأنها ستطبق "مؤقتاً" رسوماً إضافية تتراوح بين 17% و38% على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة بدءاً من الشهر المقبل.  

وسيتم تطبيق هذه الرسوم إضافة إلى الرسوم الحالية البالغة 10% على جميع السيارات الكهربائية الصينية، وذلك لمكافحة دعم شركات صناعة السيارات الكهربائية الذي تم الإعلان عنه في سبتمبر الماضي.. فما أثر تلك الخطط وتبعاتها على اقتصاد الصين وعلاقاتها بالاتحاد الأوروبي؟

متى تطبق الرسوم ومن تشمل؟  

ووفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإنه سيتم فرض رسوم جمركية إضافية تتراوح بين 17و20% على المُصدرين الرئيسيين، بما في ذلك شركة BYD، أكبر مُصنع للسيارات الكهربائية في العالم، وشركة "جيلي"، فيما تٌفرض على العلامات التجارية الأوروبية مثل "مرسيدس" و"رينو"، التي تصدر السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين، رسوماً جمركية تصل إلى 21%، بينما قد تحصل شركة "تسلا" على معدل رسوم محسوب على نحو خاص، وفق ما قالته المفوضية.  

وستخضع الشركات التي يتم اعتبارها "غير متعاونة"، بما في ذلك مجموعة SAIC المملوكة للدولة الصينية، ومقرها شنغهاي، لزيادة رسوم نسبتها 38%، إذ سيطرت SAIC على الطرف الأدنى من سوق السيارات الكهربائية الأوروبية من خلال علامتها التجارية MG.  

وقال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس: "ليس لدينا خيار سوى التحرك لمواجهة الزيادة الكبيرة في حجم واردات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية والمدعومة بشكل كبير"، مشيراً إلى أن هذا "يعرض صناعتنا للخطر".  

وأضاف أنه "سيحاول استغلال الأسابيع الثلاثة المتبقية قبل فرض الرسوم النهائية في 4 يوليو للتفاوض مع بكين"، مضيفاً: "منفتحون على مناقشة طرق أخرى لمعالجة هذا الوضع".  

وسيخضع المصنعون في الصين الذين يُعتقد أنهم تعاونوا مع التحقيق الذي أجراه الاتحاد الأوروبي، بشأن صناعة السيارات الكهربائية الصينية، ولكن لم يتم تحديد أسعار فردية لهم عند معدل 21%، بما في ذلك الشركات الأوروبية مثل "مرسيدس" و"رينو".  

وسيبدأ تطبيق الرسوم تدريجياً، اعتباراً من الرابع من يوليو المقبل، ثم بشكل نهائي بدءاً من نوفمبر، ما لم تصوت غالبية مؤهلة من دول الاتحاد الأوروبي، أي 15 دولة تمثل 65 % على الأقل من الكتلة، على رفضها.

ما هو رد الصين؟

من جانبها، أكدت الصين، احتفاظه بالحق في التقدم بشكوى لدى منظمة التجارة العالمية، بشأن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن الاتحاد الأوروبي فرضها على صادراتها من السيارات الكهربائية.

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان، الخميس، إنها تشعر بـ"قلق بالغ واستياء شديد إزاء الإجراء غير المدروس وغير القانوني الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي". 

وفي هذا السياق، قال الناطق باسم وزارة التجارة، هي يادونج، إن "الصين تحتفظ بحق تقديم شكوى لدى منظمة التجارة العالمية واتخاذ كل التدابير اللازمة للدفاع بحزم عن حقوق الشركات الصينية ومصالحها".

وأضاف: "هذا الإجراء لا يضر بالحقوق والمصالح القانونية لقطاع صناعة السيارات الكهربائية الصينية فحسب (...) بل سيؤثر أيضاً على سلاسل الإنتاج والتوريد في كل أنحاء العالم، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي".

وحذرت الوزارة، من أنها ستتخذ "جميع التدابير اللازمة" لحماية حقوق الشركات الصينية، مضيفة أن "المفوضية الأوروبية تسيس وتفخخ القضايا الاقتصادية والتجارية"، فيما أكدت أن "الاتحاد الأوروبي قام بتلفيق ما يسمى الإعانات والمبالغة بشأنها"، واصفة ذلك بأنه "عمل سافر من أعمال سياسة الحماية".

كيف يستفيد الاتحاد الأوروبي؟

وستؤدي التعريفات الجمركية، التي حظيت بتأييد فرنسا، إلى ضخ مليارات اليورو في ميزانية الاتحاد الأوروبي على أساس سنوي، مع زيادة حجم مبيعات السيارات الكهربائية الصينية في أوروبا.  

وصدّرت الصين، الشريك التجاري الأكبر للكتلة، سيارات كهربائية بقيمة 10 مليارات يورو إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023، وفقاً ما قاله محللون في مجموعة "روديوم".

من يعارض الرسوم أوروبياً؟

وسعت بكين، التي تطبق فعلياً رسوماً جمركية بنسبة 15% على السيارات الكهربائية الأوروبية، إلى إقناع غالبية العواصم الأوروبية بمعارضة الرسوم الجديدة. 

وقالت ألمانيا والسويد والمجر إنها "لا توافق" على هذا الإجراء، خوفاً من الانتقام الصيني.  

ولفت مسؤولون في الاتحاد، إلى أن برلين مارست ضغوطاً على رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي تسعى للحصول على ولاية ثانية، لإلغاء تحقيق مكافحة الإعانات.

ورحب الناطق باسم المستشار الألماني أولاف شولتز، ستيفن هيبستريت، بعرض المفوضية إجراء محادثات مع بكين. 

وقال هيبستريت، إنه "لا يزال أمامنا متسع من الوقت حتى 4 يوليو. وفي رأينا سيكون من المرغوب فيه التوصل إلى حل متفق عليه بين الطرفين".

ماذا تعني الرسوم للصين؟

وأشارت تقديرات معهد "كيل"، وهو مركز أبحاث اقتصادي، إلى أن فرض رسوم إضافية بنسبة 20% على السيارات الكهربائية الصينية، سيقلل حجم الصادرات بمقدار الربع، أي ما يعادل 125 وحدة تبلغ قيمتها حوالي 4 مليارات دولار.   

وخلص الباحثون إلى أن هذا الانخفاض "سيتم تعويضه إلى حد كبير بزيادة الإنتاج داخل الاتحاد الأوروبي وتقليل حجم صادرات السيارات الكهربائية، ما يعني على الأرجح زيادة الأسعار بشكل لافت على المستهلكين النهائيين". 

وتخشى العديد من شركات صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي من أن ترد الصين بالمثل، أو أن يصل الرد إلى حظر هذه الشركات من السوق الصينية. 

ورغم أن هذه الزيادة في الرسوم الجمركية من قبل بروكسل، ستؤدي إلى تأجيج التوترات التجارية مع بكين، إلا أنه من غير المحتمل أن توقف تقدم صناعة السيارات الكهربائية فيها.

في هذا السياق، قال الرئيس السابق لشركة "كريسلر" بيل روسو، في الصين، إن هذه الرسوم "ستعزز التوجه المحلي لصناعة السيارات الكهربائية في أوروبا، ما قد يمثل عنصراً إيجابياً في المنافسة".

وأضاف أن زيادة معدلات الرسوم الجمركية في الاتحاد الأوروبي "لن تؤثر كثيراً" على نمو مبيعات BYD، المنافسة لتسلا، مرجعاً ذلك إلى أنه "إذا أضفت هذا النوع من الرسوم إلى هيكل التكلفة الصيني، فسيظل أفضل من أي شيء آخر يستطيع مصنعو السيارات في الاتحاد الأوروبي عمله في الوقت الحالي.  

هل سيرد الرئيس الصيني؟ 

روّج الرئيس الصيني شي جين بينج للسيارات الكهربائية، إلى جانب الألواح الشمسية والبطاريات باعتبارها ركائز صناعة التكنولوجيا الفائقة الصينية.  

وبلغ الإنفاق الحكومي التراكمي في الصين على قطاع السيارات الكهربائية أكثر من 125 مليار دولار في الفترة بين عامي 2009 و2021، وفقاً لتقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.  

ويُعد الإنفاق الصناعي الصيني الأعلى على الإطلاق بين أكبر الاقتصادات في العالم، إذ ساعد الدعم الذي تقدمه الدولة في تحويل الصين إلى أكبر منتج في العالم للسيارات الكهربائية وبطارياتها وجميع مكوناتها الرئيسية تقريباً، فضلاً عن التكنولوجيا التي تدعم هذه السيارات. 

واقترح خبراء ومجموعات صناعية صينية عدة، خيارات تتراوح من إجراء تحقيق بشأن منتجات الألبان الأوروبية إلى زيادة الرسوم على واردات السيارات الكبيرة والفاخرة، وفقاً لوسائل الإعلام الحكومية.   

ففي يناير الماضي، أطلقت الصين تحقيقاً لمكافحة الإغراق بشأن واردات مشروب الكونياك الفرنسي، لمعاقبة باريس على دعمها التحقيق بشأن السيارات الكهربائية.  

كما حذر بعض خبراء التجارة الصينيون، الرئيس شي، من أن المعركة المتبادلة مع واشنطن "يمكن أن تضر بثاني أكبر اقتصاد في العالم"، وقد لا ترغب بكين في خوض حروب تجارية ضد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في وقت واحد. 

تصنيفات

قصص قد تهمك