بعد ضغوط واشنطن.. إجراءات صينية لتعطيل تصدير المواد الأفيونية إلى الولايات المتحدة

بكين تعرب عن استيائها من إدراج أميركي بالقائمة السوداء للدول المنتجة للمخدرات إلى جانب المكسيك وكولومبيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
ضابطة جمارك أميركية تفتح عبوة بلاستيكية لاختبار الحبوب بداخلها في مرفق البريد الدولي في مطار أوهير الدولي في شيكاغو. 29 نوفمبر 2017 - reuters
ضابطة جمارك أميركية تفتح عبوة بلاستيكية لاختبار الحبوب بداخلها في مرفق البريد الدولي في مطار أوهير الدولي في شيكاغو. 29 نوفمبر 2017 - reuters
دبي -الشرق

بدأت الصين اتخاذ خطوات جديدة مبدئية لتعطيل سلسلة التوريد العالمية التي تغذي أزمة المواد الأفيونية، وذلك بعد تكثيف الولايات المتحدة انتقاداتها بأن مصانعها الكيميائية "مسؤولة جزئياً" عن انتشار آفة إدمان مخدر الفنتانيل القاتل، وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وتعتزم الصين حالياً فرض لوائح جديدة تسعى إليها الولايات المتحدة بشأن 3 مواد كيميائية إضافية هي: 4-AP، و1-boc-4-AP، وnorfentanyl، وفي الوقت نفسه، ألقت الشرطة الصينية، القبض مؤخراً على مشتبه به تقول واشنطن إنه "متورط في غسيل أموال لصالح منظمة كارتل سينالوا الدولية المكسيكية لتهريب المخدرات".

وسعت الحملة الصينية الأخيرة إلى التعامل مع بائعي السلائف (المواد التي تستخدم في الصنع غير المشروع للمخدرات أو المؤثرات العقلية)، لكنها لم تصل إلى حد القيام باعتقالات علنية.

وترى واشنطن أن أحد مخاطر النهج الأكثر ليونة الذي تتبناه الصين هو أن الكيانات المستهدفة قد تظهر ببساطة بأسماء جديدة في المستقبل، ما لم يتم وضع الأشخاص الذين يقفون وراءها في السجن.

وتأتي تحركات الصين، بعد تجميد طويل في العمل المشترك لمكافحة المخدرات بين البلدين، إذ تعهد الرئيس جو بايدن والزعيم الصيني شي جين بينج باستئناف التعاون في قمة عقدت في كاليفورنيا في نوفمبر الماضي، ومنذ ذلك الحين، أغلقت السلطات الصينية بعض المحال لبائعي المواد الكيميائية التي تستخدمها العصابات المكسيكية لصنع مادة الفنتانيل.

ولطالما زعمت واشنطن، أن بكين كانت بطيئة للغاية في تنظيم المواد الكيميائية الأولية، إذ صوتت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة في مارس 2022، لصالح فرض رقابة أكثر صرامة على 3 من السلائف الكيميائية.

وعلى مدى العامين التاليين، مع توتر العلاقات، لم تتحرك الصين، حتى عندما أثار كبار المسؤولين الأميركيين هذه القضية في اجتماعاتهم الثنائية.

استياء صيني

الخطوات الصينية، أتت نتيجة لشعور بكين بالاستياء بشكل خاص من الولايات المتحدة، لوضعها على القائمة السوداء للدول الرئيسية المنتجة للمخدرات لأول مرة، إلى جانب دول مثل المكسيك وكولومبيا

وجاء هذا التصنيف، الذي تم الإعلان عنه في سبتمبر الماضي، في أعقاب تغيير في كيفية تعريف واشنطن للدول المنتجة للمخدرات، لتشمل تلك التي تصنع المواد الكيميائية الأولية المستخدمة في صنع المخدرات غير المشروعة.

ويقول مسؤولون أميركيون إن الشركات الخاصة في الصين هي من بين المنتجين الرئيسيين لبنات البناء الكيميائية المستخدمة في صنع مادة الفنتانيل، إذ يتم بيع المواد الكيميائية الأولية بشكل علني عبر الإنترنت، بما في ذلك إلى العصابات، ما دفع السلطات الأميركية إلى الشكوى من أن السلطات الصينية "لا تفعل ما يكفي لمراقبة هذه الأسواق".

من جانبه، قال رئيس مكتب مكافحة المخدرات التابع لوزارة الأمن العام، وي شياو جون، في يونيو الماضي: "نعتقد أن هذا أمر سخيف".

وأضاف في مؤتمر صحافي، أن "الحملة الأخيرة ضد منتجي سلائف الفنتانيل أدت إلى إغلاق 14 منصة مبيعات رقمية وإزالة أكثر من 1000 متجر عبر الإنترنت".

وتابع: "عدد الإعلانات عبر الإنترنت لسلائف الفنتانيل انخفض بشكل ملحوظ نتيجة لذلك، وقد أعرب بعض المسؤولين الأميركيين عن تفاؤل حذر بشأن هذه الجهود التي تبذلها الصين والتي بدأت في تعطيل سلاسل التوريد القائمة بين البلاد وعصابات المخدرات في أميركا الشمالية".

في السياق، نقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في إدارة بايدن، قوله: "نشهد بعض الخطوات الهادفة. هناك الكثير للقيام به. لكننا متشجعون بشكل خاص بالتصرفات التي حدثت في الأسبوعين الماضيين".

وأضاف أن بكين "تسيء تفسير الإجراء الأميركي"، مشدداً على أن الصين "لم يتم إدراجها ضمن مجموعة فرعية أصغر من قائمة الدول الأكثر مخالفة".

خطوات دبلوماسية

ولن تحل هذه الإجراءات وحدها أزمة الفنتانيل، إذ يواصل الأميركيون الضغط على الصين لفعل المزيد، لكن الخطوات التي اتخذتها بكين، إلى جانب سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى، بدأت تظهر أن الدبلوماسية بين القوتين العظميين لا تزال قادرة على إحداث تأثير، رغم العلاقات المتوترة.

وفي الوقت نفسه، تقول الولايات المتحدة إن الصين هي من يقوض العلاقات، حيث انتقد السفير الأميركي لدى الصين بكين مؤخراً في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، قائلاً إنها "ترهب المواطنين الصينيين العاديين الذين شاركوا في الأحداث التي نظمتها الولايات المتحدة في الصين وأثارت المشاعر المعادية لأميركا".

ورغم هذه التوترات، تحسن الوضع فيما يتعلق بالتعاون في مكافحة المخدرات بشكل ملحوظ منذ ما قبل قمة بايدن وشي، عندما ناضل المسؤولون الأميركيون الذين يحاربون أزمة المواد الأفيونية، لإقناع نظرائهم الصينيين بالرد على مكالماتهم الهاتفية.

وفي الأشهر الأخيرة، زار وفد من كبار المسؤولين الأميركيين إلى بكين، وخلال الزيارة التي قام بها الدكتور راهول جوبتا، مدير السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات بالبيت الأبيض في يونيو الماضي، اتفق الجانبان على إنشاء خط اتصال مباشر بشأن التهديدات الناشئة من المواد الاصطناعية الجديدة.

وتشير تقديرات الحكومة الأميركية، إلى أن أكثر من 107 آلاف شخص لقوا حتفهم بسبب جرعات زائدة من المخدرات العام الماضي، بما في ذلك حوالي 75 ألف شخص بسبب المواد الأفيونية الاصطناعية مثل الفنتانيل. 

في حين انخفضت الوفيات المقدرة بشكل طفيف في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، فإن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة لا يزال ضعف ما كانت تشهده الولايات المتحدة حتى عام 2015، لكن لا تزال أزمة المخدرات قضية انتخابية، بما في ذلك ولايات الغرب الأوسط المتأرجحة التي دمرتها آثار الفنتانيل.

ولا يزال من الممكن أن ينهار التعاون بين الولايات المتحدة والصين بشأن الفنتانيل، حيث شهدت العلاقات توتراً متزايداً في الآونة الأخيرة بسبب عدد من القضايا الشائكة الأخرى، بما في ذلك الرسوم الجمركية الأميركية ودعم واشنطن لتايوان، وفيما يتعلق بالفنتانيل، نظرت الصين في بعض الأحيان إلى واشنطن على أنها تتصرف بـ"سوء نية" من خلال تصوير بكين على أنها سبب بأزمة المخدرات.

تصنيفات

قصص قد تهمك