هل تستطيع كامالا هاريس هزيمة ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

ينظر غالبية الأميركيين إلى هاريس نظرة سلبية مثلما ينظرون لبايدن وترمب

time reading iconدقائق القراءة - 10
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أثناء حضورها مهرجان 'Essence' السنوي في ولاية لويزيانا- 6 يوليو 2024 - Reuters
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أثناء حضورها مهرجان 'Essence' السنوي في ولاية لويزيانا- 6 يوليو 2024 - Reuters
واشنطن-رويترز

أصبحت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي مصدر قلق للجهات المتبرعة للحزب الجمهوري، في وقت بدأ عدد من كبار الشخصيات في الحزب الديمقراطي بالاصطفاف خلفها.

ويقول ديمقراطيون بارزون إن هاريس ستكون الخليفة الطبيعي للرئيس جو بايدن إذا رضخ للضغوط المتزايدة، وتخلى عن ترشيح الحزب الديمقراطي له في الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر العام الحالي.

والآن يتساءل المتبرعون والناشطون والمسؤولون في الحزب الديمقراطي: هل لدى هاريس فرصة أفضل من بايدن للتغلب على الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترمب؟

وأكد بايدن مراراً على أنه سيخوض غمار السباق.

وإذا أصبحت هاريس (59 عاماً)، وهي عضو سابق بمجلس الشيوخ الأميركي، وسبق أن شغلت منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، مرشحة الحزب الديمقراطي وفازت في انتخابات 5 نوفمبر، ستكون أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة. وهاريس حالياً هي أول أميركية من أصل إفريقي وآسيوي تشغل منصب نائب الرئيس.

وتولت هاريس عملها في البيت الأبيض قبل 3 سنوات ونصف، واتسمت هذه الفترة ببداية باهتة لاضطلاعها بمهام منصبها، وإحلال موظفين بآخرين، والتبكير بتولي مهام سياسية، منها ملف الهجرة من أميركا الوسطى الذي لم يتحقق فيه الكثير من النجاح.

وخلال العام الماضي، عبر كثيرون داخل البيت الأبيض وفريق حملة بايدن بشكل خاص عن قلقهم من أن تُمثل هاريس عائقاً أمام نشاط الحملة، لكن وفقاً لمسؤولين ديمقراطيين، تغير الوضع بشكل كبير منذ ذلك الحين، إذ تحركت هاريس في ملف حقوق الإجهاض، وبدأت في التودد إلى الناخبين الشبان.

استطلاعات الرأي

تُشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن أداء هاريس يمكن أن يكون أفضل من بايدن في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترمب، غير أنها ستواجه منافسة شديدة.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة CNN، ونشرت نتائجه في 2 يوليو الحالي، أن الناخبين يُفضلون ترمب على بايدن بـ6 نقاط مئوية، وبنسبة 49% مقابل 43%. كما كان التأييد لهاريس بنسبة 45%، مقابل 47% لترمب، وهو فارق يدخل ضمن هامش الخطأ في الاستطلاع.

وأظهر الاستطلاع كذلك أن التأييد لهاريس من المستقلين بلغ 43%، مقابل 40% لترمب، كما أن الناخبين المعتدلين من كلا الحزبين أيدوها بنسبة 51%، مقابل 39% لترمب.

وأظهر استطلاع أجرته "رويترز/إبسوس"، بعد المناظرة التلفزيونية التي جرت الأسبوع الماضي بين ترمب وبايدن، الذي تعثر خلالها الأخير، أن هاريس وترمب متعادلان تقريباً، إذ أيدها 42%، وأيده 43%.

وكانت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، التي لم تُعبر قط عن أي اهتمام بدخول السباق الرئاسي، هي الشخصية الوحيدة التي حصلت على نتائج أعلى بين البدائل المحتملة لبايدن.

وأظهر استطلاع داخلي نشرته حملة بايدن بعد المناظرة أن هاريس لديها نفس فرص فوز بايدن على ترمب، إذ قال 45% من الناخبين إنهم سيصوتون لها مقابل 48% لترمب.

وقال ديمقراطيون مؤثرون إن هاريس ستكون المنافس الديمقراطي الأفضل إذا اختار بايدن التنحي. ومن هؤلاء النائب جيم كلايبرن، الرجل الذي كان سبباً رئيسياً في فوز بايدن عام 2020، والنائب جريجوري ميكس عضو الكونجرس عن نيويورك، وكذلك العضو البارز في كتلة السود بالكونجرس، والنائبة الديمقراطية عن بنسلفانيا سمر لي.

وأشار أحد المساعدين في الكونجرس إلى أن زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز تحدث برأي مماثل إلى زملائه.

ولفت اثنان من المتبرعين للحزب الجمهوري إلى أنهما يأخذان مسألة ترشح هاريس على محمل الجد، وأنهما يُفضلان أن يواجه ترمب بايدن بدلاً منها.

وبعد مناظرة 27 يونيو، قالت بولين لي وهي إحدى جامعات التبرعات لترمب في نيفادا "أُفضل أن يظل بايدن في السباق، لا أن تحل هاريس محله"، معبرة عن اعتقادها بأن بايدن أثبت أنه "غير كفء".

وبدأ البعض في وول ستريت، وهو مركز مهم لجمع التبرعات للحزب الديمقراطي، في التعبير عن آرائهم حول المرشح المفضل.

وقال سونو فارجيز، الخبير الاستراتيجي لدى شركة الخدمات المالية "كارسون جروب"، إن الرئيس الأميركي جو بايدن "يتخلف عن ترمب بالفعل، ومن غير المرجح أن يتمكن من سد هذه الفجوة بالنظر إلى وضع حملته حالياً. وسيؤدي وجود نائبة الرئيس هاريس على الأرجح إلى تحسين احتمالات سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض".

وأضاف فارجيز: "من المحتمل أن تكون فرصها أفضل من فرص بايدن في هذه المرحلة".

وينظر غالبية الأميركيين إلى هاريس نظرة سلبية مثلما ينظرون إلى بايدن وترمب.

ووجد استطلاع أجرته مؤسسة FiveThirtyEight، أن 37.1% من الناخبين يؤيدون هاريس، مقابل معارضة 49.6%، وأن 36.9% يؤيدون بايدن، مقابل 57.1% ، في حين حصل ترمب على نسبة تأييد 38.6%، مقابل 53.6%.

النساء والناخبون الأفارقة وأنصار غزة

منذ أن ألغت المحكمة العليا الحق الدستوري للنساء في الإجهاض عام 2022، أصبحت هاريس الصوت الأبرز في إدارة جو بايدن بشأن حقوق الإنجاب، وهو ملف يُراهن عليه الديمقراطيون لمساعدتهم في الفوز بانتخابات 2024.

ويعتقد بعض الديمقراطيين أن هاريس بمقدورها أن تبث الحماس لدى المجموعات ذات الميول الديمقراطية التي تراجع حماسها لبايدن، بما يشمل الناخبين السود والشبان، ومن لا يُوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

وقال تيم ريان عضو الكونجرس الديمقراطي السابق من ولاية أوهايو في مقال رأي نُشر مؤخراً: "ستبث الحماس لدى الأعضاء من الأفارقة، وأصحاب البشرة السمراء، ومن تعود أصولهم لمنطقة آسيا والهادي في تحالفنا.. ستجتذب على الفور المحبطين من الشبان في بلادنا ليعودوا للمشهد".

ويعتقد ريان أن النساء المقيمات في الضواحي قد يكن أكثر ارتياحاً لهاريس مقارنة بترمب أو بايدن.

أما استراتيجية هاريس العلنية تجاه إسرائيل بصفتها نائبة للرئيس، فهي متطابقة مع بايدن، لكنها كانت أول شخصية سياسية بارزة في الحكومة الأميركية تدعو لوقف إطلاق النار في مارس الماضي.

وقال عباس علوية وهو عضو في حركة "غير ملتزم" التي حجبت أصوات التأييد لبايدن في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب بسبب دعمه لإسرائيل "مجرد تغيير المرشح لا يعالج مبعث القلق الرئيسي" للحركة.

وإذا تنحى بايدن فقد تنشب منافسة بين ديمقراطيين آخرين للحصول على ترشيح الحزب.

وإذا اختار الحزب مرشحاً آخر وفضله على هاريس، يقول بعض الديمقراطيين إن ذلك قد يُكبد الحزب خسارة الكثير من الأميركيين من أصل إفريقي، الذين كانت أصواتهم حاسمة في فوز بايدن بانتخابات 2020.

وقالت أدريان شروبشاير المديرة التنفيذية لمجموعة "بلاكباك" للتواصل بين الناخبين من أصل إفريقي "لا بديل غير كاملا هاريس".

يسارية أكثر مما ينبغي؟

لكن بعض المتبرعين للحزب الديمقراطي يرون أن هاريس قد تواجه صعوبات في اجتذاب الديمقراطيين المعتدلين والناخبين المستقلين الذين تروقهم سياسات بايدن الوسطية. ويتنافس الحزبان على أصوات الناخبين المستقلين لتساعد في دفع مرشح الحزب ليفوز بالرئاسة.

وقال ديمتري ميلهورن، وهو من جامعي الأموال والتبرعات، ومستشار "ريد هوفمان" المؤسس المشارك لمنصة "لينكدإن"، والمتبرع الكبير للحزب الديمقراطي إن "أكبر نقطة ضعف لديها (هاريس) هي أن صورتها لدى الناس ارتبطت مع الجناح اليساري المتطرف من الحزب الديمقراطي.. والجناح اليساري من الحزب الديمقراطي لا يمكنه أن يفوز بانتخابات على مستوى البلاد بأكملها.. هذا هو التحدي الذي سيكون عليها تخطيه، إذا أصبحت مرشحة الحزب".

ويمكن لهاريس أن تستفيد من الأموال التي جمعتها بالفعل حملة بايدن الانتخابية، وترث البنية التحتية القائمة للحملة الانتخابية، وهي ميزة حاسمة قبل 4 أشهر فقط على يوم التصويت في 5 نوفمبر.

لكن محللين استراتيجيين يقولون إن أي حملة انتخابية للحزب الديمقراطي ستحتاج رغم ذلك لجمع مئات الملايين من الدولارات، قبل التصويت لتكلل جهودها بالنجاح.

وقال مصدر في اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي: "أستطيع أن أقول لكم إننا نواجه صعوبة كبيرة في جمع الأموال تأييداً لها".

وخلال ترشحها للرئاسة قبل انتخابات 2020، لم تتمكن هاريس من جمع ذات التمويل الذي تمكن بايدن من جمعه. وانسحبت من السباق في ديسمبر 2019، وهو ذات الشهر الذي أعلنت حملتها الانتخابية جمع مساهمات بلغت 39.3 مليون دولار إجمالاً، أما حملة بايدن فقد تمكنت من جمع 60.9 مليون دولار في ذات الفترة.

ورغم ذلك، تمكنت حملة بايدن من جمع مبلغ قياسي هو 48 مليون دولار في 24 ساعة، بعد إعلان اختيار هاريس نائبة لبايدن على بطاقته الانتخابية في السباق الرئاسي 2020.

ورأى بعض الديمقراطيين أن خلفية هاريس في ممارسة العمل بمجال الادعاء العام قد تعطي بريقاً لشخصيتهاً، ومواقفها في مناظرة مباشرة مع ترمب.

ويعتقد ميلهورن أن "لديها تركيز مبهر، وهي قوية وذكية، وإذا تولت عرض قضية الادعاء في مواجهة مخالفات دونالد ترمب فستطيح به".

وزادت هجمات الجمهوريين على هاريس منذ أن ورد احتمال أنها قد تحل محل بايدن. ويُعيد مقدمو برامج من المحافظين تداول أوجه نقد تعرضت لها خلال سباق 2020، بما يشمل ما قاله بعض الديمقراطيين عن أنها تضحك أكثر من اللازم، ولم تُختبر حقاً بعد، وغير مؤهلة.

وقالت كيلي ديتمار، وهي أستاذة علوم سياسية في جامعة "روتجرز"، إن تلك الانتقادات الشرسة تأتي في إطار تاريخ طويل من التقليل من قدر النساء الملونات وإهانتهن في المجال السياسي.

وأضافت: "للأسف الاعتماد على الهجمات العنصرية والمنحازة جنسياً، واستخدام تشبيهات مناهضة للنساء المرشحات لمنصب هو أمر شائع في التاريخ ومستمر حتى يومنا هذا".

تصنيفات

قصص قد تهمك