الشيخوخة وبطء النمو السكاني..قنبلة ديموغرافية موقوتة في الصين

time reading iconدقائق القراءة - 6
أطفال يلهون في بكين - 11 مايو 2021 - AFP
أطفال يلهون في بكين - 11 مايو 2021 - AFP
بكين-وكالات

أعلنت الصين أن عدد سكانها بلغ 1.411 مليار نسمة في عام 2020، بزيادة طفيفة عن العام السابق، ولكنها سجّلت بذلك معدلاً شبه صفري لنموها السكاني الأبطأ منذ عقود، ويعكس ذلك تحدياً ديموغرافياً سيقلّص القوة العاملة، نتيجة أزمة ارتفاع معدل الأعمار وشيخوخة المجتمع.

وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن نينغ جيزه، رئيس "المكتب الوطني للإحصاء"، الذي أعدّ إحصاءً يُنظّم مرة كل عقد، أشار إلى ولادة 12 مليون طفل العام الماضي، في انخفاض بنسبة 18% عن 14.65 مليون في العام السابق.

وتحدثت الصحيفة عن انخفاض في عدد المواليد للسنة الرابعة على التوالي، بعد ارتفاع في عام 2016، إثر إنهاء الصين سياسة الطفل الواحد التي استمرت 3 عقود.

وقال نينغ إن معدل الخصوبة في الصين تراجع إلى 1.3 العام الماضي، مقرّاً بأنه مستوى منخفض. وبالمقارنة، أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عن معدل خصوبة مقداره 1.64 في العام الماضي.

وأظهرت بيانات المكتب ارتفاعاً حاداً في نسبة الصينيين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً وأكثر إلى 18.7% من السكان، من 13.3% في عام 2010. وبلغت نسبة الصينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و59 عاماً 63.35% عام 2020، مقابل 70.1% عام 2010، وفق "وول ستريت جورنال". ويعني ذلك أن عدد هؤلاء، وهم في سنّ العمل، يبلغ 894 مليوناً.

إلغاء سياسة الطفل الواحد

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن "المكتب الوطني للإحصاء" أعلن أن عدد السكان ارتفع بمقدار 72 مليون شخص خلال السنين العشر الماضية إلى 1.411 مليار في عام 2020. وأضاف أن معدل النمو السنوي بلغ 0.53%، بانخفاض نسبته 0.04% عن العقد السابق.

وبات متوسط حجم الأسرة 2.62 شخص، بانخفاض عن متوسط 3.10 قبل عقد، كما أن عدد الرجال لا يزال يزيد بمقدار 34.9 مليون عن النساء، أي أنهم يشكّلون نحو 51.24% من السكان.

ونما عدد سكان المدن بنحو 236.4 مليون نسمة، وبات أكثر من 63% من الصينيين يقيمون فيها، كما أفادت وكالة "فرانس برس".

وأشارت الوكالة إلى أن معدل الولادات يسجّل تراجعاً متواصلاً منذ عام 2017، رغم إلغاء الحكومة سياسة الطفل الواحد عام 2016، وسماحها للأسر بإنجاب طفلين.

وتراجع معدل الولادات في عام 2019 إلى 10.48 لكل ألف نسمة، وهذا أدنى مستوياته منذ تأسيس الصين الشيوعية عام 1949.

واعتبرت "فرانس برس" أن تراجع معدل الولادات يعود إلى عوامل، بما في ذلك تقلّص عدد الزيجات وكلفة السكن وتربية الأطفال وتأخر النساء في الإنجاب، لإعطائهن الأفضلية لمسارهن المهني.

تجربتا اليابان وكوريا الجنوبية

وحذر خبراء في الديموغرافيا من أن تسلك الصين مساراً شبيهاً بمسار اليابان أو كوريا الجنوبية، مع تراجع عدد السكان وتجاوز عدد المسنّين عدد الشبان والأفراد في سن العمل، علماً أن البرلمان أقرّ في مارس الماضي مشروعاً لرفع سن التقاعد تدريجاً خلال السنوات الخمس المقبلة.

ولا تزال الصين أكبر دولة في العالم عددياً، ولكن تقترب منها جارتها الهند، مع نحو 1.38 مليون نسمة، ويُرجّح أن يتجاوز سكانها الأكثر شباباً، الصين قريباً.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن خبراء يحذرون من أن الصين تواجه "قنبلة ديموغرافية موقوتة". وأضافت أن "المكتب الوطني للإحصاء" أقدم على خطوة غير عادية الشهر الماضي بإعلانه زيادة عدد السكان في عام 2020، من دون تحديد المجموع. وبدا ذلك محاولة لتهدئة الشركات والمستثمرين بعدما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن الإحصاء ربما أظهر انخفاضاً مفاجئاً في عدد السكان.

ونقلت الوكالة عن لو جيهوا، أستاذ الدراسات السكانية في جامعة بكين، قوله: "نحن قلقون أكثر بشأن الانخفاض السريع في عدد السكان في سن العمل". وأضاف أن عدد العمال المحتملين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و59 عاماً سينخفض من ثلاثة أرباع العدد الإجمالي في عام 2011 إلى نحو النصف بحلول عام 2050.

وتابع: "إذا تقدّم السكان في السن، فسيكون من المستحيل حلّ المشكلة من خلال الهجرة. يجب التعامل معها في مرحلة مبكرة".

"زلزال سياسي"

وتكهن الأكاديمي الأميركي يي فوكسيان، أبرز العلماء في جامعة ويسكونسن ماديسون، بأن عدد سكان الصين كان مبالغاً فيه، مشيراً إلى أنه بدأ بالانخفاض في عام 2018. واعتبر أن بيانات التعداد السكاني لعام 2020 مصممة لتجنّب "زلزال سياسي"، مستدركاً أنها ستؤدي إلى سياسات "تستند إلى بيانات سكانية خاطئة".

ونقلت "فرانس برس" عن وانغ فنغ، أستاذ علم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا، قوله إن ارتفاع أعداد المسنّين يشكّل تحدياً لبكين، لإنفاق مزيد من الأموال على الرعاية الصحية والرواتب التقاعدية.

ورأت الوكالة أن لهذه التغييرات الاجتماعية عواقب اقتصادية وسياسية في الصين، علماً أن وكالة "رويترز" أفادت بأن الأمم المتحدة ترجح أن يبلغ عدد سكان الصين ذروته في عام 2030، قبل تراجعه.