غزة تدخل عامها الدراسي الثاني بلا مدارس

90% من مباني المدارس دمرت جراء القصف الإسرائيلي

time reading iconدقائق القراءة - 6
طلاب فلسطينيون يجلسون على الأنقاض بعد حضور درس في خيمة في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 4 سبتمبر 2024 - Reuters
طلاب فلسطينيون يجلسون على الأنقاض بعد حضور درس في خيمة في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 4 سبتمبر 2024 - Reuters
دبي-الشرق

في الأوضاع الطبيعية، كان من المفترض أن يذهب أطفال عائلة قديح إلى المدرسة، لكنهم وجدوا أنفسهم يتنقلون بين أكوام الحطام التي جمعوها من مبنى مُدمر لبيعها لاستخدامها في بناء القبور في المقبرة، التي أصبحت الآن موطنهم في جنوب غزة، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".

وقال عز الدين قديح، البالغ من العمر 14 عاماً، بعد أن نقل هو وإخوته الثلاثة -أصغرهم يبلغ من العمر 4 سنوات- حمولة أكوام الحطام: "أي شخص في مثل سننا في دول أخرى يدرس ويتعلم. أما نحن، فلا نفعل ذلك. نحن نعمل في ما يتجاوز قدراتنا، ونحن مضطرون لذلك من أجل كسب العيش". 

وبينما تدخل غزة عامها الدراسي الثاني دون تعليم، يُجبر معظم الأطفال في القطاع على المشاركة في مساعدة عائلاتهم في الصراع اليومي من أجل البقاء، في ظل الحملة المُدمرة التي تشنها إسرائيل.

وذكرت "أسوشيتد برس" أن أطفال غزة يسيرون حفاة الأقدام على الطرق الترابية لحمل المياه في "جراكن" بلاستيكية من نقاط التوزيع إلى أسرهم التي تعيش في مدن من الخيام التي تعج بالفلسطينيين الذين طُردوا من ديارهم، بينما ينتظر آخرون في مطابخ الإغاثة حاملين أوعية لإحضار الطعام.

ونقلت الوكالة عن عاملين في مجال المساعدات الإنسانية قولهم إن استمرار الحرمان من التعليم يهدد بإلحاق أضرار طويلة الأمد بأطفال غزة.

وقالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، تيس إنجرام، لـ"أسوشيتد برس"، إن الأطفال الصغار يعانون من مشكلات في تطورهم الإدراكي، والاجتماعي، والعاطفي، بينما يواجه الأطفال الأكبر سناً مخاطر أكبر من الانجرار إلى العمل أو الزواج المبكر.

وأضافت إنجرام: "كلما طالت فترة بقاء الطفل خارج المدرسة، زاد خطر انقطاعه عنها بشكل دائم وعدم عودته إليها".

وقالت "أسوشيتد برس" إن أطفال غزة في سن الدراسة، والبالغ عددهم 624 ألف طفل، حُرموا بالفعل من عام دراسي كامل تقريباً. وأشارت إلى إغلاق المدارس بعد أن شنت إسرائيل هجومها على القطاع في 7 أكتوبر 2023. 

ووفقاً لمجموعة التعليم العالمية، والتي تضم مجموعة منظمات إغاثة تقودها اليونيسف ومنظمة "أنقذوا الأطفال"، تضررت أكثر من 90% من مباني المدارس في غزة جراء القصف الإسرائيلي، بما في ذلك العديد من المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). 

لا خيار 

وقال مؤمن قديح للوكالة إن أطفاله كانوا يحبون المدرسة قبل الحرب. وأضاف: "كانوا طلاباً متميزين. لقد رَبّيناهم بشكل جيد". 

والآن، يعيش مؤمن وأبناؤه الأربعة وابنته في خيمة بمقبرة في خان يونس، بعد أن اضطروا للفرار من منزلهم في الأحياء الشرقية للمدينة. وقال إن الأطفال يشعرون بالخوف أثناء النوم بجانب قبور الموتى، لكنهم لا يملكون بديلاً.

ويُشكل استمرار تدفق ضحايا الغارات الجوية والقصف إلى المقبرة وكثرة المباني المُدمرة المصدر الرئيسي لدخل عائلة قديح الضئيل. وفي أحسن الظروف، يتمكن أفراد عائلة قديح من جمع نحو 15 شيكلاً (4 دولارات) من بيع الحطام لاستخدامه في بناء قبور جديدة.

وقال قديح، الذي أصيب في حرب 2014، إنه لا يستطيع القيام بالأعمال الشاقة بمفرده. وأضاف: "أبكي عليهم عندما أرى أياديهم ممزقة". 

وتابع قديح أن أطفاله المتعبين لا يستطيعون النوم ليلاً بسبب الألم، وقال: "يستلقون على فراشهم كأنهم أموات". 

بدائل تعليمية

وعملت منظمات الإغاثة على إقامة بدائل تعليمية، لكن النتائج كانت محدودة بسبب التعامل مع كم هائل من الاحتياجات الأخرى.

وقالت إنجرام إن اليونيسف وغيرها من وكالات الإغاثة تدير 175 مركزاً تعليمياً مؤقتاً، أُنشئ معظمها منذ أواخر مايو الماضي، وخدمت نحو 30 ألف طالب بمشاركة حوالي 1200 معلم متطوع. وتوفر هذه المراكز دروساً في القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى أنشطة لدعم الصحة النفسية والتطوير العاطفي.

وأضافت أن المنظمات تواجه صعوبة في الحصول على مستلزمات مثل الأقلام والورق والكتب، لأنها لا تُعتبر من الأولويات الأساسية لإنقاذ الحياة، بينما تكافح هذه المنظمات لتوفير كميات كافية من الطعام والأدوية إلى غزة.

وفي أغسطس الماضي، بدأت الأونروا برنامج "العودة إلى التعليم" في 45 من مدارسها التي تحولت إلى ملاجئ، حيث توفر للأطفال أنشطة مثل الألعاب، والدراما، والفنون، والموسيقى، والرياضة.

وقالت المتحدثة باسم الأونروا، جولييت توما، إن البرنامج يهدف إلى "منحهم بعض الراحة، وإتاحة الفرصة لهم للتواصل مع أصدقائهم، والعيش كأطفال ببساطة".

ولطالما كان التعليم من الأولويات القصوى لدى الفلسطينيين. فقبل الحرب، كان معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في غزة يبلغ نحو 98%، وفقاً للوكالة.

وفي آخر زيارة لها إلى غزة في أبريل الماضي، قالت إنجرام إن الأطفال أخبروها مراراً أنهم يفتقدون المدرسة وأصدقائهم ومعلميهم.  

تصنيفات

قصص قد تهمك