عام على زلزال الحوز بالمغرب.. أين وصلت جهود إعادة الإعمار؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
أشخاص يتناولون الطعام بجوار خيمة في أعقاب زلزال مدمر ضرب منطقة الحوز بالمغرب. 16 سبتمبر 2023 - Reuters
أشخاص يتناولون الطعام بجوار خيمة في أعقاب زلزال مدمر ضرب منطقة الحوز بالمغرب. 16 سبتمبر 2023 - Reuters
الرباط-أنس عياش

بعد مرور عام على زلزال الحوز، الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر 2023، وأودى بحياة قرابة 3 آلاف شخص، ودمر أكثر من 55 ألف مسكن، بدأ بعض السكان في العودة إلى منازلهم مع تقدم أعمال إعادة الإعمار، فيما تسير وتيرة الإعمار ببطء في بعض المناطق.

ويعتبر زلزال الحوز أحد أقوى الزلزال في تاريخ المغرب الحديث، منذ الزلزال الذي ضرب مدينة أكادير عام 1960، وخلّف حوالي 15 ألف ضحية.
 

بدء التعافي

في قرية ويرغان، إحدى القرى الأكثر تضرراً جراء الزلزال، يدخل إبراهيم آيت وراح بيته الذي اكتمل بناؤه حديثاً، وهو يستحضر في حديث لـ"الشرق"، ذكريات تلك الكارثة، التي فقد فيها زوجته وواحداً من أبنائه.

تهاوى البيت الذي كان مبنياً بالطين والخشب، وكان إبراهيم ممن حالفهم الحظ ونجوا من الكارثة، لكنهم عاشوا "محنة قاسية" بعد ذلك، حيث أقاموا في خيام بلاستيكية تحت حرارة الصيف وبرد الشتاء.

قضى الرجل الخمسيني شهوراً في الخيام، قبل أن يعيد بناء البيت بالإسمنت المسلح، مستفيداً من دعم حكومي، شمل مساعدات تقنية لتصميم منازل أكثر مقاومة للزلازل، مع احترام الطابع المعماري للمنطقة.

وقال إبراهيم لـ"الشرق"، وهو يقدم الشاي لضيوفه من الجيران: "الحمد لله، هذا هو البيت، نسكن فيه ونحن مرتاحون.. بعد مرور سنة يمكن القول إن الحياة تعود إلى طبيعتها".

وخصصت الحكومة مساعدات مالية مباشرة للأسر المتضررة، بهدف إعادة بناء المساكن، بقيمة تصل إلى 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً.

وتيرة أبطأ

بينما تشهد قرية ويرغان تقدماً في أعمال إعادة الإعمار، ويطغى اللون الرمادي للإسمنت على الطبيعة الطينية للمنطقة، ما زال الناجون في بعض القرى الأخرى يقيمون في الخيام، إذ لم يكتمل سوى ألف بيت، من بين أكثر من 55 ألفاً دمرها الزلزال بحسب إحصاءات رسمية.

في قرية آسني، غير بعيد عن ويرغان، ما زال عدد كبير من المنكوبين يقيمون في الخيام، في انتظار أعمال إعادة البناء التي تتقدم ببطء، كما تقول عائشة السبوبي، إحدى الناجيات من الزلزال العنيف.

وأضافت عائشة في حديث لـ"الشرق"، أنها شرعت بالفعل في بناء أساسات البيت بعد إزالة الركام، "ونحن في انتظار الدفعة الثانية من المساعدات للبدء في المراحل الموالية من البناء".

وقال المنسق الوطني لـ"الائتلاف المدني من أجل الجبل" محمد الديش، إن هناك سخطاً وسط السكان الذين ما زالوا في الخيام خارج مساكنهم بعد سنة على الزلزال، داعياً في حديث لـ"الشرق"، إلى تسريع وتيرة إعادة الإعمار، من خلال توفير الدعم المالي وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتقييم الأسباب الحقيقية وراء هذا البطء في الإنجاز.

وفي مؤتمر صحافي في الرباط، دعا الائتلاف المدني، إلى توفير سكن مؤقت لائق للمتضررين، بدلاً من الخيام التي لا تقيهم البرد القارس، خاصة مع حلول فصل الشتاء.

وبحسب بيانات حكومية، فقد استفادت 57 ألفاً و805 أسر من مبلغ 20 ألف درهم (نحو ألفي دولار) كدفعة أولى لإعادة بناء وتأهيل منازلها، فيما توصلت 20 ألفاً و763 أسرة بالدفعة الثانية، و8 آلاف و813 أسرة بالدفعة الثالثة، و939 أسرة بالدفعة الرابعة والأخيرة للدعم.

وقال بيان لرئاسة الحكومة، عقب انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، الاثنين، إن هناك تقدماً في بناء وتأهيل 49 ألفاً و632 مسكناً، إثر إصدار 55 ألفاً و142 ترخيصاً لإعادة البناء.

وذكر البيان أن الدعم الحكومي لإعادة بناء وتأهيل المساكن المتضررة، شمل 97% من الأسر المتضررة، بكلفة تقدر بمليار و200 مليون درهم (نحو 120 مليون دولار).

وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إن الدولة "وفّرت كافة الظروف لتسهيل إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة، من خلال تمكين الأسر من الدعم المادي، وتراخيص إعادة البناء، مرفوقة بالمساعدة التقنية المجانية".

وأشار إلى أن الحكومة صرفت الدعم الشهري المالي المخصص للأسر، البالغ 2500 درهم للشهر (نحو 250 دولاراً)، لـ63 ألفاً و862 ألف أسرة، بهدف إعانتها في تكاليف المعيشة.

صعوبات إعادة الإعمار

واعتبر رئيس قسم التجهيزات بعمالة (محافظة) إقليم الحوز، أنس البصراوي، أن أسباب التأخر الحاصل في عملية إعادة الإعمار، مرتبطة بشساعة الإقليم، وصعوبة التضاريس الجبلية في بعض المناطق "بما جعل عملية هدم المنازل وإزالة الركام عملية معقدة"، مشيراً في حديث لـ"الشرق"، إلى أن بعض القرى يصعب وصول الآليات الثقيلة إليها، وبالتالي كانت عملية إزالة الركام فيها "شاقة ومكلفة".

وأضاف البصراوي، أن تقدم الأشغال بلغ 99% في هذه العملية، إذ تمت إزالة ركام 23 ألفاً و360 مبنى من أصل 23 ألفاً و350، لافتاً إلى أن المتبقي هي بعض المساكن المتفرقة، التي تحتاج إلى تدخل خاص، ينتظر أن يتم بنهاية سبتمبر الجاري.

وبحسب هذا المسؤول، فإن توفير مواد البناء يعد إحدى الإشكالات الأخرى التي تواجه عملية إعادة البناء، في ظل صعوبة الولوج إلى بعض القرى الجبلية، فيما تعمل السلطات على إنشاء محطات جديدة لتوفير المواد الأولية للبناء.

وقال البصراوي، إن المساحة الإجمالية لعدد البنايات يصل إلى مليون و645 ألف متر مربع، وهي مساحة شاسعة "تعادل 16 مرة برج محمد السادس الأعلى في إفريقيا".

وبالموازاة تتقدم الأشغال في تأهيل الطرق التي تضررت بفعل الزلزال، إذ تم تأهيل 54 كيلومتراً من المسالك القروية بالمنطقة، بحسب بيانات رسمية.

وتقول السلطات إن 111 مدرسة أصبحت جاهزة لاستقبال التلاميذ في إقليم الحوز خلال الموسم الدراسي الحالي، كما انتهت أشغال تأهيل 42 مركزاً صحياً ذا أولوية في المنطقة.

ويعتزم المغرب إنفاق 120 مليار درهم على خطة إعادة الإعمار، تشمل تطوير البنى التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

تصنيفات

قصص قد تهمك