
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة آلتو في فنلندا بالتعاون مع جامعة ستانفورد عن إمكانية استخدام الساعات الذكية العادية، لاكتشاف العدوى الفيروسية قبل ظهور الأعراض بفترة طويلة، مما قد يساعد في "منع تفشي الجائحة المقبلة قبل أن تبدأ".
وتقدم الدراسة، المنشورة في دورية الأكاديمية الأميركية للعلوم، نموذجاً رياضياً يوضح كيف يمكن لهذه الأجهزة القابلة للارتداء أن تقلل بشكل كبير من انتشار الأمراض بين الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض، أو الذين لم تظهر عليهم الأعراض بعد.
يعد الكشف المبكر عن الأمراض أمراً بالغ الأهمية لمنع انتشارها، سواء كان ذلك في حالة وباء كورونا، أو الإنفلونزا، أو حتى نزلات البرد العادية.
ومع ذلك، فإن العديد من الأمراض تكون في ذروة قدرتها على الانتشار قبل أن يدرك الأشخاص أنهم مرضى، وعلى سبيل المثال أظهرت الأبحاث أن 44% من حالات عدوى كورونا المستجد انتشرت قبل أيام من ظهور الأعراض على المصابين.
وأثبتت الساعات الذكية، التي يرتديها الملايين حول العالم، دقة عالية في اكتشاف العلامات الفسيولوجية المبكرة للعدوى، مثل التغيرات في معدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجلد، ومعدل التنفس.
ووفقاً للدراسة، يمكن لهذه الأجهزة اكتشاف الإصابة بفيروس كورونا المستجد بدقة تصل إلى 88%، وبدقة تصل إلى 90% في حالة الإنفلونزا، وذلك قبل أيام من ظهور الأعراض.
وأظهرت الدراسة أنه إذا تلقى الأشخاص تنبيهاً مبكراً من ساعاتهم الذكية، وقاموا بعزل أنفسهم، فإن ذلك يمكن أن يقلل من انتقال المرض بنسبة تتراوح بين 40% إلى 65% مقارنة بالعزل الذي يبدأ بعد ظهور الأعراض.
وحتى في حالات الامتثال المنخفضة، إذ يقلل الأشخاص من تواصلهم الاجتماعي بنسبة 66% إلى 75%، فإن التأثير يكون كبيراً، وفي حالات الامتثال العالي، مثل تلك التي شوهدت خلال جائحة كورونا المستجد، يمكن لهذه الأجهزة أن توقف انتشار المرض بشكل فعال.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة "مارت فيسينورم" الباحث في جامعة "آلتو" إنه إذا تلقى الأشخاص تنبيهاً مبكراً، واتخذوا إجراءات مثل العزل الذاتي أو ارتداء الكمامات، فإن ذلك يمكن أن يمنع تفشي المرض بشكل كبير.
الساعات الذكية ومواجهة الأوبئة
ويمكن أن تكون الساعات الذكية أداة فعالة في إدارة أمراض أخرى مثل إنفلونزا الطيور، وفيروس نقص المناعة البشرية، وحتى نزلات البرد العادية، ومع تطور تقنيات التعلم الآلي وتحليل البيانات، يمكن لهذه الأجهزة أن تميز بين أنواع مختلفة من الأمراض بناءً على العلامات الفسيولوجية الفريدة لكل منها.
ويمكن أن تغير الساعات الذكية الطريقة التي نتعامل بها مع الأوبئة على المستويين الفردي والسياسي، وقال فيسينورم: "يمكن أن تكون هذه الأجهزة أداة قوية لصناع القرار، إذ توفر بيانات مبكرة تساعد في اتخاذ إجراءات مستهدفة بدلاً من الاعتماد على إجراءات عامة مثل الإغلاق الشامل".
على سبيل المثال، يمكن أن يكون تنبيه الساعة الذكية إشارة لإجراء الفحوصات الطبية، أو ارتداء الكمامة، أو تجنب زيارة الأقارب المعرضين للخطر.
على الرغم من الفوائد الكبيرة، فإن استخدام الساعات الذكية لإدارة الأوبئة يطرح تساؤلات أخلاقية، خاصة فيما يتعلق بخصوصية البيانات وإمكانية إساءة استخدامها، كما أن توفير هذه الأجهزة على نطاق واسع قد يكون مكلفاً للحكومات، مما يتطلب موازنة بين التكلفة والفوائد المتوقعة.