
طوَّر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلية وقود جديدة، يمكن أن تُمثّل نقلة نوعية في مجال الطيران الكهربائي والنقل الثقيل.
وتعتمد التقنية الجديدة على استخدام الصوديوم المعدني السائل كوقود، ما يجعلها قادرة على تخزين طاقة تصل إلى ثلاثة أضعاف ما توفره أفضل بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة حالياً في السيارات الكهربائية.
وتعمل خلية الوقود الجديدة بطريقة مشابهة للبطارية، لكن مع ميزة رئيسية تتمثل في إمكانية إعادة تعبئتها بسرعة بدلاً من إعادة شحنها.
ويتكون النظام من جانب يحتوي على صوديوم سائل، بينما يستخدم الجانب الآخر الهواء العادي كمصدر للأكسجين.
يفصل الجانبين غشاء سيراميكي صلب يعمل كإلكتروليت، يسمح بمرور أيونات الصوديوم بحريّة، بينما يساعد قطب كهربائي مسامي مواجه للهواء في التفاعل الكيميائي بين الصوديوم والأكسجين لإنتاج الكهرباء.
أظهرت الاختبارات المعملية أن النظام الجديد يمكنه تحقيق كثافة طاقة تصل إلى نحو 1700 واط/الساعة لكل كيلوجرام على مستوى الخلية الفردية، وهو ما يتجاوز بكثير حدود بطاريات اليوم.
آثار بيئية إيجابية
قال المؤلف الرئيسي للدراسة، يت مينج تشيانج، أستاذ علوم وهندسة المواد في معهد ماساتشوستس، إن هذه الكثافة الطاقية يمكن أن تُمثّل الحلقة المفقودة لتمكين الطيران الكهربائي الإقليمي، الذي يشكل نحو 80% من الرحلات المحلية و30% من انبعاثات قطاع الطيران.
ولا تقتصر الميزة الفريدة لهذا النظام على كفاءته العالية، بل تمتد إلى آثاره البيئية الإيجابية، فعند تشغيل الخلية تنتج انبعاثات من أكسيد الصوديوم الذي يتفاعل تلقائياً مع ثاني أكسيد الكربون في الجو ليكوّن بيكربونات الصوديوم، المعروفة باسم "صودا الخبز".
ولا تقلل هذه العملية من الانبعاثات الكربونية فحسب، بل يمكن أن تساعد في تقليل حموضة المحيطات إذا وصلت النواتج النهائية إلى مياه البحر.
من الناحية العملية، يتصور الباحثون نظاماً يشبه حاويات الوقود التقليدية، حيث يتم استبدال الخلايا المستهلكة بأخرى معبأة مسبقاً بالصوديوم السائل.
ويتميز الصوديوم بوفرته وجودته كمادة خام، إذ يمكن استخراجه بسهولة من ملح الطعام، كما أن تاريخ إنتاجه الصناعي واسع النطاق بمعدل 200 ألف طن سنوياً في الولايات المتحدة أثناء استخدام البنزين المحتوي على الرصاص.
على صعيد السلامة، أوضح الفريق البحثي أن تصميم خلية الوقود يقلل من المخاطر مقارنة بالبطاريات التقليدية، إذ لا يتم تخزين المتفاعلات بتركيز عالٍ بجوار بعضها.
كما أن نقطة انصهار الصوديوم المنخفضة والتي تبلغ 98 درجة مئوية تجعل عملية إعادة التعبئة سهلة ومباشرة.
ويعمل الفريق البحثي حالياً على تطوير نموذج أولي بحجم الطوب يمكنه توفير 1000 واط/الساعة من الطاقة، وهو ما يكفي لتشغيل طائرة مسيّرة كبيرة، مع توقعات بإتمام هذا النموذج خلال العام المقبل.