دراسة تكشف دور الحصى والصخور الفضائية في تكوين الكواكب العملاقة

time reading iconدقائق القراءة - 5
صورة أنتجتها الشرق باستخدام الذكاء الاصطناعي لتكوين كوكب خارجي عملاق شديد الحرارة. 2 يونيو 2025 - الشرق
صورة أنتجتها الشرق باستخدام الذكاء الاصطناعي لتكوين كوكب خارجي عملاق شديد الحرارة. 2 يونيو 2025 - الشرق
القاهرة -محمد منصور

تمكَّن فريق دولي من العلماء من تحديد التركيب الكيميائي لكوكب خارجي عملاق فائق الحرارة، يُدعى WASP-121b، باستخدام تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي.

وأظهرت النتائج المنشورة في دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy) أن الغلاف الجوي للكوكب يحتوي على جزيئات غير متوقعة مثل الميثان، وأحادي أكسيد السيليكون، ما يقدم أدلة جديدة على أن الحصى والصخور الفضائية لعبت دوراً محورياً في تشكيل الكواكب العملاقة.

وWASP-121b كوكب غازي عملاق، تبلغ كتلته 1.157 ضعف كتلة كوكب المشتري، ويستغرق 1.3 يوم لإكمال دورة واحدة حول نجمه.

وتُظهر التحليلات أن الحصى الصغيرة الغنية بالجليد والغازات الخفيفة، مثل الميثان، قد انجرفت من أطراف النظام الكوكبي نحو الكوكب خلال مرحلة التكوين المبكر، وتبخرت عند اقترابها بفعل الحرارة، ما أدى إلى إثراء الغلاف الجوي بجزيئات الميثان.

وفي مرحلة لاحقة، تعرَّض الكوكب لقصف بصخور أكبر تحتوي على "السيليكات"، والتي تبخرت هي الأخرى تحت درجات الحرارة العالية، وتحولت إلى أحادي أكسيد السيليكون، وهو ما تم رصده في غلافه الجوي.

الحصي وتكوين الكواكب

ويعكس هذا المزيج من المواد الخفيفة القادمة من الحصى، والثقيلة الناتجة عن الصخور، تاريخاً معقداً لتكوين الكوكب، ويقدم دليلاً على أن المواد التي كانت تُعتبر سابقاً ثانوية، أو غير فعَّالة -مثل الحصى الصغيرة- قد لعبت دوراً حاسماً في بناء كيمياء الغلاف الجوي للكواكب.

وأظهر التحليل الطيفي لهذا الكوكب، الذي تصل درجة حرارة جانبه النهاري إلى أكثر من 3 آلاف درجة مئوية، عن وجود الماء وأول أكسيد الكربون وأحادي أكسيد السيليكون (في ذلك الجانب المتجه دائماً نحو النجم).

ورصد العلماء أيضاً وجود الميثان في الجانب الليلي للكوكب الذي تنخفض حرارته إلى نحو 1500 درجة مئوية.

وقال العلماء إن وجود الميثان في بيئة كهذه -شديدة الحرارة- لا يتماشى مع النماذج التقليدية التي تقول إن الميثان لا يصمد في درجات الحرارة العالية، ما يشير إلى آلية خلط عمودية تنقل الغازات من الطبقات الداخلية الأبرد إلى الطبقة العليا المرئية بالأشعة تحت الحمراء.

وتعني آلية الخلط العمودية أن الغازات في الغلاف الجوي للكوكب لا تبقى في طبقة واحدة، بل تتحرك صعوداً وهبوطاً بين الطبقات المختلفة.

وتشبه هذه الحركة ما يحدث في قدر ماء يغلي، حيث ترتفع الفقاعات والحرارة من الأسفل إلى الأعلى. وتشير هذه الآلية إلى أن الغازات الموجودة في الطبقات العميقة -حيث تكون أكثر برودة وأعلى ضغطاً- يتم دفعها إلى الأعلى نحو "الفوتوسفير"، وهي الطبقة العليا التي يمكن للتلسكوبات رصدها بالأشعة تحت الحمراء، وبالعكس قد تهبط بعض الغازات من الطبقات العليا إلى أسفل.

من الناحية الكيميائية، تشير نسب العناصر في الغلاف الجوي، مثل نسبة الكربون إلى الهيدروجين (C/H)، والأكسجين إلى الهيدروجين (O/H)، والسيليكون إلى الهيدروجين (Si/H)، والكربون إلى الأكسجين (C/O)، إلى أن تكوين الكوكب قد تأثر بتراكم الحصى الفضائية الصغيرة القادمة من مناطق أبعد في القرص الكوكبي، والتي جلبت معها غازات خفيفة مثل الميثان.

ولفت العلماء إلى أن هذا التراكم لم يكن وحده مسؤولاً عن تكوين الكوكب، بل تبعته موجة من القصف العنيف بصخور ضخمة، تحتوي على مواد مقاومة للحرارة مثل "السيليكات"، والتي تبخرت لاحقاً، ودخلت في تركيب الغلاف الجوي للكوكب.

سابقة علمية

ويُعد اكتشاف جزيء أحادي أكسيد السليكون في الغلاف الجوي لهذا الكوكب سابقة علمية، فهو أول كشف قاطع لهذا الجزيء في أي غلاف جوي كوكبي، سواء داخل أو خارج النظام الشمسي.

هذا المركّب، الذي عادة ما يوجد في الحالة الصلبة في بيئات الكواكب الأخرى، يبدو أنه تبخر بفعل الحرارة الشديدة، وأصبح جزءاً من الجو العلوي للكوكب ما يعزز الفرضية بأن مواداً كانت تُعتبر "غير متطايرة" يمكن أن تُوجد في الحالة الغازية تحت الظروف القصوى.

واستخدم الباحثون تقنية دقيقة، تُعرف باسم "رصد منحنى الطور"، حيث يتم تتبع تغيرات سطوع الكوكب أثناء دورانه حول النجم، ما يسمح برصد الفروق بين الجانبين، النهاري والليلي، وتحديد التركيب الكيميائي لكل منهما.

وقد مكّنت هذه المنهجية العلماء من قراءة الغلاف الجوي للكوكب "مثل من يقرأ قصة من صفحتين، كل صفحة تحكي جزءاً مختلفاً من قصة التكوين والتغير المستمر"، بحسب تعبير العلماء أنفسهم.

وتفتح الدراسة الباب أمام إعادة نظر في الكيفية التي تتكون بها الكواكب العملاقة، فالنموذج التقليدي الذي يفترض تراكم الغازات الثقيلة من القرص الكوكبي لم يعد كافياً وحده.

وتحدَّث العلماء عن أن الحصى الصغيرة، التي كانت تُعتبر مجرد تفاصيل هامشية في الصورة الكبرى، قد تكون هي المكون السري للغلاف الجوي، بينما الصخور الكبيرة تُشبه القذائف التي تسلم الكوكب مواده الثقيلة في لحظة حاسمة من تطوره.

تصنيفات

قصص قد تهمك