اكتشاف حالة جديدة للمادة تجمع بين خصائص الصلب والسائل

time reading iconدقائق القراءة - 6
اكتشاف حالة جديدة للمادة تجمع بين الصلب والسائل، صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي - الشرق
اكتشاف حالة جديدة للمادة تجمع بين الصلب والسائل، صورة منشأة بالذكاء الاصطناعي - الشرق
القاهرة -محمد منصور

اكتشف فريق باحثين من بريطانيا وألمانيا، حالة جديدة من المادة تلتقي فيها خصائص المواد الصلبة بالسوائل.

وأفادت نتائج دراسة نشرتها دورية ACS Nano بأن الباحثين تأكدوا من أن بعض الذرات داخل قطرات معدنية سائلة تبقى ثابتة رغم ارتفاع درجة الحرارة، ما يؤثر بشكل كبير على عملية التصلب، ويؤدي إلى ظهور حالة غريبة من السوائل فائقة التبريد محاصرة داخل "سياج ذري".

وأجرت فرق بحثية من جامعتَي نوتنجهام في بريطانيا، وأولم في ألمانيا تصويراً دقيقاً لعملية تصلب قطرات معدنية منصهرة باستخدام المجهر الإلكتروني الناقل.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، أندريه خلوبستوف، إن الفهم التقليدي للمادة يقتصر على 3 حالات رئيسية هي الغاز، والسائل، والصلب، بينما تصرفات الذرات في السوائل كانت أكثر غموضاً وصعوبة في التوصيف.

وأكد الباحثون أن الذرات في السوائل تتحرك بطريقة معقدة تشبه حركة حشد من الناس، إذ تمر بسرعة، وتتفاعل مع بعضها البعض باستمرار.

وأوضح المؤلف المشارك في الدراسة، كريستوفر ليست، والذي أجرى تجارب المجهر الإلكتروني في جامعة أولم، أنهم بدأوا تسخين جسيمات معدنية نانوية من البلاتين والذهب والبلاديوم على دعامة من الجرافين، ولاحظوا عند انصهارها أن بعض الذرات بقيت ثابتة في مواقعها، وهو ما شكّل مفاجأة كبيرة.

وبيّن الباحثون أن الذرات الثابتة ترتبط بشكل قوي بمواد الدعامة في مواقع العيوب الذرية، وحتى عند درجات حرارة مرتفعة جداً، ظلت هذه الذرات غير متحركة.

وتمكَّن فريق البحث من زيادة عدد هذه الذرات عن طريق تركيز شعاع الإلكترون، ما سمح لهم بالتحكم في عدد الذرات الثابتة داخل السائل.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، أوتي كايزر، إن التجارب أظهرت الطبيعة المزدوجة للموجة والجسيم للإلكترونات في شعاع الإلكترون، إذ يمكنها التصرف كموجات لرصد المادة، وفي الوقت نفسه كجسيمات لنقل دفعات متقطعة من الزخم، ما يمكنها من تحريك الذرات أو تثبيتها عند حافة السائل المعدني.

وأضاف أن هذه الملاحظة الرائعة ساعدتهم على اكتشاف حالة جديدة من المادة.

وأظهرت التجارب أن الذرات الثابتة تؤثر بشكل مباشر على عملية التصلب، فعندما يكون عددها قليلاً، يتشكل البلور مباشرة من السائل، ويستمر في النمو حتى تصل المادة إلى حالة صلبة كاملة، بينما يؤدي وجود عدد كبير من الذرات الثابتة إلى تعطيل عملية التصلب، مانعاً تكوُّن البلورات.

وأوضح خلوبستوف أن التأثير يصبح أكثر وضوحاً عندما تشكل الذرات الثابتة حلقة تحاصر السائل، ما يسمح له بالبقاء سائلاً حتى عند درجات حرارة أقل بكثير من نقطة تجمده المعتادة، والتي تصل للبلاتين إلى 350 درجة مئوية، أي أكثر من 1000 درجة تحت ما هو متوقع عادة.

وذكر الباحثون أن السائل المحاصر يتجمد في نهاية المطاف على شكل صلب عديم البنية، وليس في صورة بلورية، وتبقى هذه الحالة غير مستقرة، وتعتمد على تقييد الذرات الثابتة، وعند كسر هذا التقييد تتحرر التوترات، ويعود المعدن إلى هيكله البلوري الطبيعي.

حالة هجينة

وأكد المؤلف المشارك في الدراسة، جيسوم ألفيس فرنانديز، أن اكتشاف هذه الحالة الهجينة للمعدن ذو أهمية كبيرة، خصوصاً أن البلاتين على الكربون يُعد من أكثر المحفزات استخداماً عالمياً.

وأضاف أن فهم الحالة السائلة المحاصرة ذات السلوك غير الكلاسيكي ربما يغيّر التصور عن كيفية عمل المحفزات، وربما يؤدي إلى تطوير محفزات ذاتية التنظيف وأنشطة محسنة وعمر أطول.

وبيَّن الباحثون أن استخدام "الحصر الذري" على مستوى النانو تحقق سابقاً فقط للفوتونات والإلكترونات.

وهذه الدراسة هي الأولى التي يتم فيها حصر الذرات.

واعتبر خلوبستوف أن هذا الإنجاز يمهد الطريق لنوع جديد من المادة يجمع بين خصائص الصلب والسائل ضمن المادة نفسها.

وأعرب فريق البحث عن أمله في أن تتيح السيطرة على مواقع الذرات المثبتة على السطح إنشاء أشكال أكثر تعقيداً وتمديداً من الحواجز الذرية، ما يمكن أن يفتح المجال أمام استخدام أكثر كفاءة للمعادن النادرة في تقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك تحويل الطاقة وتخزينها.

آفاق جديدة

وأفاد الباحثون بأن هذه الحالة الجديدة من المادة التي تجمع بين خصائص السوائل والصلب، يمكن أن تؤثر على تصميم المواد في المستقبل، بما في ذلك المواد المستخدمة في الطيران والبناء والإلكترونيات وصناعة الأدوية.

وأكدوا أن الفهم الدقيق لكيفية تحرك الذرات وتأثير العيوب على استقرار المادة قد يتيح إمكانات جديدة لتحسين العمليات الصناعية وإنتاج المواد عالية الجودة.

وشدد الباحثون على أن هذه النتائج تفتح آفاقاً لفهم أعمق لمرحلة التصلب الحرجة في السوائل المعدنية النانوية، والتي تلعب دوراً أساسياً في تحديد الهيكل والخصائص الوظيفية للمادة.

وأوضحوا أن التحكم في الذرات الثابتة ربما يسمح بالتحكم في خواص المادة، مثل الاستقرار الحراري والمغناطيسي والكهربائي، بما يعزز إمكانيات الابتكار في التقنيات الحديثة.

وأكدت الدراسة أن الحصر الذري في السوائل النانوية يوفر وسيلة جديدة لدراسة تفاعلات المادة على المستوى الذري مباشرة، ما يمكّن العلماء من رصد التغيرات الطورية والفورية أثناء تحول المادة من السائل إلى الصلب.

تصنيفات

قصص قد تهمك