الفلفل الحار يقود "يوليوس" و"باتابوتيان" للفوز بنوبل الطب 

time reading iconدقائق القراءة - 7
لجنة جائزة نوبل خلال الكشف عن الفائزين بجائزة نوبل للطب عام 2021 في ستوكهولم، السويد، 4 أكتوبر 2021 - AFP
لجنة جائزة نوبل خلال الكشف عن الفائزين بجائزة نوبل للطب عام 2021 في ستوكهولم، السويد، 4 أكتوبر 2021 - AFP
القاهرة-الشرق

فاز العالم الأميركي ديفيد يوليوس ومواطنه المتحدر من أصل لبناني أرمني أرديرم باتابوتيان الاثنين بجائزة نوبل للطب للعام 2021 تقديراً لاكتشافاتهما بشأن طريقة نقل الجهاز العصبي للإشارات المرتبطة بالحرارة واللمس.

وقالت لجنة نوبل في ستوكهولم إن "الاكتشافات الرائدة" للفائزَين بجائزة نوبل هذا العام "سمحت لنا بفهم كيف يمكن للحرارة والبرودة والقوة الميكانيكية أن تحفز النبضات العصبية التي تسمح لنا بإدراك العالم والتكيف معه".

وقد استخدم ديفيد يوليوس (65 عاماً) وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا، مكوّن كابساييسين النشط في الفلفل الحار الذي يسبب إحساساً حرّاقاً، لرصد وجود أحد المستقبلات في النهايات العصبية الجلدية يتفاعل مع الحرارة.

أما مواطنه أرديرم باتابوتيان المولود في بيروت سنة 1967، وهو أستاذ في معهد "سكريبس ريسيرتش" في كاليفورنيا، فقد استخدم خلايا حساسة على الضغط لاكتشاف فئة جديدة من المستقبلات تتفاعل مع المحفزات الميكانيكية في الجلد والأعضاء الداخلية.

وقال رئيس لجنة نوبل للطب توماس بيرلمان أمام الصحافيين "كلاهما باحثان مذهلان فتحا أبواب الأحاسيس الحسية بطريقة فريدة تماماً".

ووفقاً لبيان اللجنة: "استخدم ديفيد يوليوس "الكابسيسين" وهو مركب لاذع من الفلفل الحار الذي يسبب الإحساس بالحرقان، لتحديد جهاز استشعار في النهايات العصبية للجلد يستجيب للحرارة، كما استخدم "باتابوتيان" الخلايا الحساسة للضغط لاكتشاف فئة جديدة من المستشعرات التي تستجيب للمنبهات الميكانيكية في الجلد والأعضاء الداخلية". 

وأطلقت هذه الاكتشافات المتقدمة أنشطة بحثية مكثفة أدت إلى زيادة سريعة في فهم كيفية استشعار النظام العصبي للحرارة والبرودة والمحفزات الميكانيكية، بعد أن حدد الفائزون بالجائزة الروابط الحاسمة المفقودة في فهم للتفاعل المعقد بين الحواس والبيئة، وفقاً للبيان ذاته.

تطور تاريخي

واستعرضت لجنة الجائزة التطور التاريخي للأبحاث التي تربط الإحساس بالدماغ، مشيرة إلى إرهاصات الفكرة في القرن السابع عشر، عندما تصور الفيلسوف "رينيه ديكارت" وجود خيوط تربط أجزاء مختلفة من الجلد بالدماغ. وقالت اللجنة "بهذه الطريقة، فإن ملامسة القدم للهب المكشوف ترسل إشارة ميكانيكية إلى الدماغ. كشف الباحثون لاحقاً عن وجود خلايا عصبية حسية متخصصة تسجل التغييرات في بيئتنا".

وأضافت: "حصل جوزيف إرلانجر وهربرت جاسر على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1944 لاكتشافهما أنواعاً مختلفة من الألياف العصبية الحسية التي تتفاعل مع محفزات مميزة، على سبيل المثال، في الاستجابات للمس المؤلم وغير المؤلم". 

وأوضحت أنه منذ ذلك الحين، ثبت أن الخلايا العصبية متخصصة للغاية في الكشف عن أنواع مختلفة من المحفزات وتحويلها، ما يسمح بإدراك دقيق للبيئة المحيطة؛ والقدرة على الشعور بالاختلافات في نسيج الأسطح من خلال أطراف الأصابع، أو تمييز كل من الدفء الممتع والحرارة المؤلمة.

سؤال أساسي

وقالت اللجنة إنه "قبل اكتشافات ديفيد يوليوس وأرديم باتابوتيان، كان فهمنا لكيفية استشعار الجهاز العصبي لبيئتنا وتفسيره لا يزال يحتوي على سؤال أساسي لم يتم حله: كيف يتم تحويل درجة الحرارة والمحفزات الميكانيكية إلى نبضات كهربائية في الجهاز العصبي؟".

وأضافت: "في أواخر تسعينيات القرن الماضي، رأى ديفيد يوليوس من جامعة كاليفورنيا- سان فرانسيسكو إمكانية تحقيق تقدم كبير من خلال تحليل كيفية تسبب مركب (الكابسيسين) الكيميائي في الإحساس بالحرقان الذي نشعر به عندما نتعامل مع الفلفل الحار". 

وأوضحت أنه كان من المعروف أن الكابسيسين ينشط الخلايا العصبية، ما يسبب الإحساس بالألم، ولكن كيفية ممارسة هذه المادة الكيميائية لهذه الوظيفة في الواقع كانت لغزاً لم يتم حله. وأضاف البيان: "أنشأ "يوليوس" وزملاؤه مكتبة من ملايين أجزاء الحمض النووي المقابلة للجينات التي يتم التعبير عنها في الخلايا العصبية الحسية التي يمكن أن تتفاعل مع الألم والحرارة واللمس. وافترض أن المكتبة ستشمل جزءاً من الحمض النووي يشفر البروتين القادر على التفاعل مع الكابسيسين". 

وتابعت: "بعد بحث شاق، تم تحديد جين واحد قادر على جعل الخلايا حساسة للكابسيسين. وبالتالي تمكن "يوليوس" من العثور على جين الاستشعار عن الكابسيسين أطلق عليه اسم TRPV1".

وأشار البيان إلى أنه بينما كانت آليات الإحساس بدرجة الحرارة تتكشف، ظل من غير الواضح كيف يمكن تحويل المحفزات الميكانيكية إلى حواس اللمس والضغط. وأضاف: "وجد الباحثون سابقاً مستشعرات ميكانيكية في البكتيريا، لكن الآليات الكامنة وراء اللمس في الفقاريات ظلت مجهولة". 

كشف جديد

وأكدت لجنة نوبل أن "باتابوتيان" وزملاءه تمكنوا من تحديد المستقبلات المراوغة التي يتم تنشيطها بواسطة المحفزات الميكانيكية. 

وأضافت في بيانها: "حدد باتابوتيان وزملاؤه لأول مرة خطاً خلوياً يعطي إشارة كهربائية قابلة للقياس عندما يتم وخز الخلايا الفردية باستخدام الماصة الدقيقة. وبعد ذلك قام بتحديد 72 جيناً مرشحاً يشفر المستقبلات المحتملة. واكتشف قناة أيونية جديدة وغير معروفة تماماً وحساسة لعملية اللمس أطلق عليها اسم Piezo1".

واختتمت اللجنة بيانها بالقول "أسهمت اكتشافات باتابوتيان ويوليوس في فهم الكيفية التي من خلالها يمكن للحرارة والبرودة والقوة الميكانيكية أن تبدأ النبضات العصبية التي تسمح لنا بإدراك العالم من حولنا والتكيف معه. وهو ما ساعد في تطوير علاجات لمجموعة واسعة من الحالات المرضية، بما في ذلك الألم المزمن".