قبل سنوات درب العلماء الكلاب، واستفادوا من حاسة شمها المذهلة للتعرف على أشكال مختلفة من السرطان عبر "الاستنشاق" في عينات الدم والبول وحتى في هواء الزفير عند الإنسان.
والآن يُمكن استخدام كائن أبسط وأصغر كثيراً في المختبر لاقتفاء الخلايا السرطانية والكشف عنها، فالديدان الخيطية "تنجذب" بشكل أكبر حين تَشتّم الرائحة، التي تُفرزها خلايا سرطان الرئة.
وبحسب دراسة جديدة نُشرت في دورية الجمعية الكيميائية الأميركية؛ صمم علماء من كوريا الجنوبية جهاز تشخيص صغير الحجم يستخدم الديدان الصغيرة للكشف عن خلايا سرطان الرئة.
ويُمكن أن يساعد ذلك الجهاز الأطباء في المستقبل على تشخيص السرطان في المراحل المبكرة ودون التدخلات الجراحية المؤلمة والمكلفة.
التشخيص المبكر للسرطان
ويُعد التشخيص المبكر للسرطان أمراً بالغ الأهمية للعلاج الفعال والبقاء على قيد الحياة. لذلك يجب أن تكون طرق فحص السرطان سريعة وسهلة واقتصادية وغير جراحية.
في الوقت الحالي يشخص الأطباء سرطان الرئة عن طريق اختبارات التصوير أو الخزعات التي تعتمد على أخذ عينات من الورم بواسطة إبرة رفيعة وطويلة تدخل في جسم المريض، لكن هذه الأساليب غالباً لا تكتشف الأورام في مراحلها الأولى.
وعلى الرغم من أنه يمكن تدريب الكلاب على شم السرطان البشري، إلا أن من غير العملي الاحتفاظ بها في المختبرات.
لذلك قرر الباحثون استخدام ديدان تسمى الديدان الخيطية، وهي صغيرة جداً (بطول 1 مم تقريباً) وسهلة النمو في المختبر ولديها حاسة شم غير عادية، لتطوير اختبار لتشخيص السرطان لا يعتمد على الوسائل الجراحية.
وتنتج خلايا سرطان الرئة مجموعة مختلفة من جزيئات الرائحة عن الخلايا الطبيعية، ومن المعروف أن الديدان التي تعيش في التربة تنجذب أو تنفر بسبب روائح معينة، لذلك توصل الباحثون إلى فكرة إمكانية استخدامها للكشف عن سرطان الرئة.
وقبل سنوات قالت دراسة علمية إن الديدان الخيطية الموضوعة في أطباق معملية والمضاف إليها قطرات من البول البشري تزحف بشكل تفضيلي نحو عينات بول من مرضى السرطان، وأراد الباحثون في تلك الدراسة عمل نموذج دقيق وسهل القياس للاختبار.
رائحة السرطان
ومن المعروف أن خلايا سرطان الرئة تُفرز مركباً عضوياً متطايراً (رائحة) تسمى "أيثيل-1-هيكسانول"، ولذلك المركب رائحة تُشبه الزهور لا يعرف العلماء على وجه الدقة سبب انجذاب الديدان لها، لكنهم يعتقدون أنها تُشبه الروائح الموجودة في الأطعمة المفضلة لديها.
في البداية قام الباحثون بتحسين حاسة شم الديدان الخيطية عن طريق تعريضها لعينات بول لمرضى سرطان الرئة، ويحتوي بول هؤلاء المرضى على جزيئات رائحة للخلايا السرطانية، وبالتالي، تتكون لدى الدودة "ذاكرة" من هذه الرائحة الخاصة بالسرطان.
بعد ذلك صنع الفريق شريحة تحتوي على فوهات في طرفيها فيوضع في الطرف الأول بول المريض المطلوب فحصه، فيما يوضع في الطرف الثاني بول اختبار لا يحتوي على روائح السرطان.
فإذا ما انجذبت الدودة بشكل انتقائي لبول المريض يُرجح الباحثون أن هناك خلايا سرطانية في ذلك البول.
وبناءً على الاختبارات قدر الباحثون أن الجهاز كان فعالاً بنسبة 70٪ في الكشف عن الخلايا السرطانية. ويأمل الفريق الكوري الجنوبي أن يُحسن تلك النسبة في المستقبل.
اقرأ أيضاً: