ميكروبيوم بشري داخل المعمل لأول مرة

time reading iconدقائق القراءة - 5
صورة توضيحية لميكروبيوم الأمعاء.
صورة توضيحية لميكروبيوم الأمعاء.
دبي-محمد منصور

في خطوة كبيرة تهدف لدراسة الميكروبيوم البشري ومعرفة العلاقة بينه والأمراض المختلفة، نجح علماء من جامعة "ستانفورد" في تخليق مجتمع كامل مكون من أكثر من 100 ميكروبيوم بشري داخل المعمل.

ليس ذلك فحسب بل قام العلماء بزراعة تلك البكتيريا داخل أمعاء الفئران، فتكاثرت مكونة مجموعات واسعة من الميكروبيوم النافع، والضروري لتوازن الجسم.

وتؤكد الدراسات أن ميكروبيوم الأمعاء، وهي مجموعة من مئات الأنواع البكتيرية التي تعيش في الجهاز الهضمي البشري، تؤثر على التطور العصبي، والاستجابة للعلاجات المناعية للسرطان، والجوانب الصحية الأخرى.

لكن هذه المجتمعات معقدة وبدون طرق منهجية لدراسة مكوناتها، تظل الخلايا والجزيئات الدقيقة المرتبطة بأمراض معينة لغزاً.

ومن أجل القيام بتلك الدراسة قام باحثو جامعة ستانفورد ببناء الميكروبيوم بشكل اصطناعي داخل المعمل وزرعها بنجاح في فئران التجارب.

وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "سيل Cell" ستسمح الطريقة المستخدمة في تخليق ميكروبيوم الأمعاء بدراسة كل نوع منها على حدة، كما يُمكن أن تُساهم أيضاً في تطوير علاجات قائمة على الميكروبيوم بصورة كاملة.

وفي الماضي تم إجراء العديد من دراسات الميكروبيوم الرئيسية باستخدام عمليات زرع البراز، والتي تُدخل الميكروبيوم الطبيعي بالكامل من كائن حي إلى آخر. 

وبينما يقوم العلماء بشكل روتيني بإسكات الجين أو إزالة بروتين من خلية معينة أو حتى فأر بأكمله، لا توجد أداة يُمكن استخدامها لإزالة أو تعديل نوع واحد من بين المئات في عينة براز معينة.

خلق الميكروبيوم من الصفر

ويقول الباحثون إنهم يستطيعون الآن النظر إلى كل ميكروب على حدة للكشف عن دوره، وهو الأمر الذي سيسمح للأطباء بخلط مزيج من الميكروبات من أجل تصميم علاجات مخصصة، كما سيكسبهم القدرة على معالجة الأنظمة البيولوجية المعقدة بشكل أكثر سهولة وسلاسة.

وفي تلك الطريقة قام العلماء بتخليق الميكروبيوم من نقطة الصفر، عن طريق النمو الفردي لكل نوع من البكتيريا ثم خلطها معاً لتكوين الميكروبيوم.

وتحتل كل خلية في الميكروبيوم مكاناً وظيفياً محدداً، وتؤدي التفاعلات فيما بينها لتحطم جزيئات وتكوين جزيئات أخرى. 

ولبناء ميكروبيوم، كان على الفريق التأكد من أن الخليط النهائي ليس مستقراً فحسب، بل يحافظ على التوازن بين أنواع البكتيريا المختلفة دون أن يتغلب أي نوع على الباقي.

كما كان عليهم أيضاً التأكد من الكفاءة الوظيفية للميكروبيوم، بمعنى أن الميكروبيوم المُخلق يجب أن يؤدي جميع أنواع الميكروبيوم الطبيعي.

كما كان عليهم أيضاً اختيار "التوليفة" المناسبة من الميكروبيوم، فكل شخص لديه "ميكروبيوم" يُشبه البصمة ويختلف عن الشخص الأخر. لذا لجأ الباحثون إلى مشروع الميكروبيوم البشري.

مشروع HMP 

ومشروع الميكروبيوم البشري المعروف باسم HMP هو مشروع دولي يقوده علماء من المعاهد الأميركية للصحة ويهدف لتسهيل توصيف الكائنات الحية الدقيقة البشرية لتعزيز فهمنا لكيفية تأثير الميكروبيوم على صحة الإنسان والمرض. 

وأنشئ هذا المشروع في عام 2008، وجمع عينات الميكروبيوم من 300 فرد سليم عبر عدة مواقع مختلفة في جسم الإنسان تشمل الممرات الأنفية، وتجويف الفم، والجلد، والجهاز الهضمي، والجهاز البولي التناسلي. 

وتم عمل تسلسل جينومي كامل لتوصيف مدى تعقيد المجتمعات الميكروبية في كل موقع من مواقع الجسم، والبدء في التساؤل عما إذا كان هناك "توليفة" لميكروبيوم صحي أساسي. 

واختار الباحثون في تلك الدراسة 166 نوعاً من أنواع البكتيريا المكونة للميكروبيوم الموجود في 20٪ على الأقل من الأشخاص الذين شاركوا في مشروع الميكروبيوم البشري.

وبعد ذلك قاموا بتوليد كل نوع من تلك الأنواع على حدة ثم جمعوهم في ميكروبيوم واحد متوازن.

وأعطى الباحثون الفرصة لذلك المجتمع المتوازن للتكاثر في البيئة المختبرية، ثم جاءت لحظة الاختبار الحقيقية.

وعلى الرغم من أن العلماء كانوا مقتنعين أن ذلك المجتمع يستطيع التكاثر والعيش في المختبر، إلا أن الهدف الأساسي كان زرع ذلك المجتمع في القناة الهضمية لفئران التجارب.

وظائف ميكروبيوم الأمعاء 

أدخل الباحثون الميكروبيوم في فئران مُهندسة وراثياً بحيث لا تحتوي على أيّ ميكروبيوم في أمعائها.

ووجد العلماء أن 104 أنواع من أنواع البكتيريا المكونة للميكروبيوم استعمرت أمعاء الفئران، بوفرة ثابتة استمرت على مدار شهرين كاملين.

ويتحكم ميكروبيوم الأمعاء في تخزين الدهون ويساعد في تنشيط الجينات في الخلايا البشرية المسؤولة عن امتصاص العناصر الغذائية وتفتيت السموم وتكوين الأوعية الدموية.

كما تعمل هذه الكائنات الدقيقة أيضاً على تجديد بطانة الأمعاء والجلد، وإصلاح الخلايا التالفة واستبدال الخلايا الميتة بخلايا جديدة، كما تقوم أيضاً بمحاربة العدوى.

ولمعرفة مدى قدرة الميكروبيوم المُخلق على محاربة العدوى، استخرج العلماء الميكروبيوم من براز الفئران وقاموا بزراعته في فئران أخرى تم إصابتها ببكتيريا الإشريكية القولونية، ليجد الباحثون أن الميكروبيوم قاوم تلك البكتيريا تماماً مثلما يفعل الميكروبيوم الطبيعي.

اقرأ أيضاً: